ترامب والأحكام العرفية

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

بعد أن أغلقت كل الأبواب القانونية والقضائية في وجهه، من دون أن يتمكن من قلب نتائج الإنتخابات لصالحه، وبعد أن بات على بعد أقل من شهر على مغادرة البيت الأبيض، لم يبق أمام ترامب سوى خيارين، إما الاعتراف بالهزيمة وتسليم السلطة، أو فرض الأحكام العرفية، كما ينصحه المقربون منه، وتسليم السلطة التنفيذية والقضائية إلى الجيش لكي يتمكن من تنظيم انتخابات يحدد الخاسر آلياتها بشكل يؤدي إلى قلب نتائجها لصالحه.

 وعلى الرغم من نفيه إلا أن الفكرة لم تداعب خياله فحسب، بل إن التسريبات التي تحدثت عنها وسائل الإعلام أيضاً تفيد بأنها طرحت جدياً للنقاش، منذ بداية الشهر الحالي، خلال لقاء في البيت الأبيض جمع ترامب مع مستشاريه ومحاميه، يتقدمهم مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين، الذي منحه عفواً رئاسياً مؤخراً بعد إدانته بالكذب في قضية «التدخل الروسي» في عام 2016. وتفيد التسريبات بأن فلين كان من أكثر المتحمسين لتحريض ترامب على إعلان الأحكام العرفية استناداً إلى أن الانتخابات «مزورة» وأن الديمقراطيين قاموا بعملية انقلاب انتخابي لكسب أصوات غير شرعية. 

 لكن بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإن أغلب مستشاري ترامب رفضوا الفكرة، كما رفضوا مقترحاً آخر لترامب لتسمية المحامية سيدني باول مدعية خاصة مكلفّة بالتحقيق في وجود إخلالات انتخابية، بعد أن كانت قد طردت من الفريق القانوني لحملته الانتخابية لترويجها مزاعم عديدة منها أنها كشفت مؤامرة عالمية لإفشال ترامب، وأن أنظمة الانتخابات قد صُمِّمت في فنزويلا على يد شافيز (الذي مات منذ زمن).. وغير ذلك. واستطراداً، تحدثت التقارير عن أن ترامب بحث مع ثاني أكبر مسؤول في وزارة الأمن الداخلي، كين كوتشينيلي، إمكانية الاستيلاء على ماكينات التصويت في إطار الجهود المبذولة لإثبات مزاعم تزوير الاقتراع، إلا أن الأخير رفض المهمة مؤكداً عدم وجود أي سلطة تخوله القيام بذلك.

 على أي حال، يمكن النظر إلى إقالة وزير الدفاع مارك إسبر وبعدها مجزرة الإقالات لكبار المسؤولين في «البنتاجون» والمؤسسات الأمنية الأخرى، في إطار المحاولات التمهيدية لإمكانية تبني خيار «الأحكام العرفية»، هذه الأحكام التي تمنح الرئيس سلطة مطلقة، رغم أنها غير مذكورة في الدستور، ولا يوجد قانون في الكونجرس يحدّد أطرها، وقد تم اللجوء إليها، للمرة الأولى، عام 1814، وجرى فرضها بكثافة منذ الحرب الأهلية وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لكنها لم تفرض بعد ذلك على المستوى الوطني. وهي أحكام لا تفرض إلا في حالات الضرورة القصوى مثل الحروب والكوارث الطبيعية وأحداث شغب داخلية خارجة عن السيطرة، ولكن ليس في حالة اعتزام رئيس خاسر قلب نتائج الإنتخابات لصالحه.

 ومهما يكن من أمر، لا يبدو أن ترامب يأبه كثيراً لحدوث انشقاقات في حزبه الجمهوري، بعد أن ارتفعت أصوات كثيرة تطالبه بتسليم السلطة، لا سيما بعد مصادقة المجمع الانتخابي، واعتراف زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونجرس السيناتور ميتش ماكونيل، بفوز بايدن، واعتزامه تمرير الموافقة دون اعتراض.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"