عادي
من الصعب معرفة قواعد اللعبة النهائية

مناوشات «فيسبوك» و«أبل».. المعركة بدأت قبل 10 سنوات

23:23 مساء
قراءة 4 دقائق
3

إعداد:  هشام مدخنة

في خطاب حماسي ضمن مؤتمر الخصوصية في بروكسل في عام 2018، وجه الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، تيم كوك، صفعة لمنافسيه من شركات التقنية الكبرى، كاشفاً عن ممارساتهم التجارية السيئة.

قال كوك آنذاك: «كل يوم، يتم تبادل مليارات الدولارات، ويتم اتخاذ قرارات لا حصر لها، على أساس ما نحب ونكره، وعلى أساس أصدقائنا وعائلاتنا وعلاقاتنا ومحادثاتنا. رغباتنا ومخاوفنا وآمالنا وأحلامنا. كلها على شكل قصاصات البيانات هذه، التي يتم تجميعها وتوليفها وتداولها وبيعها بعناية».

وعلى الرغم من أنه لم يذكر «فيسبوك» بالاسم، من الواضح أن شركة مارك زوكربيرج كانت واحدة من الأهداف التي قصفها كوك.

معركة السنوات الـ10 

كان ذلك الخطاب واحداً في سلسلة من اللكمات التي وجهها كوك وزوكربيرج لبعضهما على مدار عقد من الزمان. وتعود التوترات بين فيسبوك وأبل إلى بدايات عصر «آيفون» والسعي للسيطرة على الموجة التالية من الحوسبة. وعلى غلاف مجلة «تايم» في عام 2014، على سبيل المثال، انتقد زوكربيرج موقف أبل وكوك من الخصوصية بشكل لاذع.

تسلط الحرب الكلامية على مدى العقد الماضي الضوء على الاختلاف الأساسي في الرأي بين العملاقين حول كيفية القيام بالأعمال التجارية على الإنترنت.

أنشأ تطبيق فيسبوك إمبراطورية عن طريق جمع بيانات مستخدميه؛ بهدف الإعلانات المستهدفة. وتجاوزت إيرادات الشركة 20 مليار دولار في الربع الأخير لهذا العام، نحو 99% منها من الإعلانات.

من وجهة نظر فيسبوك، الإنترنت هو «الغرب المتوحش»، مع وجود العديد من المنصات المتنافسة التي تقدم خدمات مبتكرة مجاناً. بينما ترى أبل، أن الإنترنت هو مجرد امتداد لثورة الحوسبة الشخصية التي ساعدت الشركة في بدايتها في الثمانينات، وهاتفك هو أكثر الأجهزة الشخصية على الإطلاق. ويجب أن يعي المستهلك ما الذي ستفعله الشركات بالمعلومات التي يتم جمعها من خلال هذا الهاتف قبل مشاركتها.

وقد لا تدفع الأموال لتلك المنصات، ولكنك تدفع من خلال السماح لهم بتتبع بياناتك ورغباتك وحفظها حتى يتمكن المعلنون من عرض الأشياء التي ترغب في شرائها أمامك مباشرة أثناء تنقلك بين الأجهزة والتطبيقات.

جولة الصدام الحديثة 

بلغت الحرب الكلامية بين عملاقي التقنية ذروتها الأسبوع الماضي بحملة «فيسبوك» التي استمرت يومين ضد شركة أبل. منتقدة تحديثات الخصوصية في نظام تشغيل أجهزة أبل «آي أو اس 14» التي ستدخل حيز التنفيذ العام المقبل. وستمنح التحديثات الجديدة الحق للمستخدمين في خيار حظر التتبع قبل استخدام أي تطبيق.

ادعت فيسبوك أن أبل شركة تتمتع بالتحكم الكامل في قواعد نظامها الأساسي، وهذه الخطوة مصممة لسحق الشركات الصغيرة التي تعتمد على تلك الإعلانات المستهدفة للوصول إلى عملائها عبر الإنترنت، والضغط عليها لإجبارها على الدخول في نموذج مدفوع. كما حذرت من أن ذلك سيجبر صانعي التطبيقات على التوقف عن تقديم تطبيقات مجانية مدعومة بالإعلانات لعملائهم.

ردت شركة أبل على اتهامات فيسبوك. مؤكدة أن التنبيه الجديد مصمم فقط لإعلام المستخدم بموعد وكيفية تخطيط التطبيق لتتبعه، وليس لحظر التتبع بالكامل. منوهة إلى أن التطبيقات لا تزال مجانية لجمع كل البيانات كما كانت من قبل، ولكن سيتعين على المستخدمين منحها الإذن للقيام بذلك.

وفقاً لصانعة آيفون، إن التحديثات الجديدة مجرد حلقة في سلسلة من الميّزات التي تركز على الخصوصية والتي أضافتها الشركة إلى منتجاتها على مر السنين.

محاولة الاستقلال الذاتي

قامت فيسبوك بمحاولات لبناء هاتف ذكي خاص بها حتى لا تضطر إلى التنازل عن الكثير من التحكم لمصلحة شركتي أبل وجوجل. ولكن الجهاز لم ير النور مطلقاً، وبدلاً من ذلك عملت الشركة على تطوير برنامج «سكن سوفت وير» لأجهزة أندرويد الذي يتميز بخدماته الخاصة. ومع ذلك فشل هو الآخر.

اليوم، يضع تطبيق التواصل الاجتماعي الشهير الأساس لامتلاك منصته الخاصة بالحوسبة الرئيسية حتى لا يضطر إلى اللعب وفقاً لقواعد شركة أخرى. لهذا السبب تعمل فيسبوك حالياً على تطوير منتجات مثل النظارات الرقمية، والتي من المتوقع أن تُطلق في عام 2021. إلى ذلك الوقت، يتعين على فيسبوك التعامل مع أبل.

نهاية اللعبة غير واضحة

من المثير للسخرية أن فيسبوك اتهمت شركة أبل بإساءة استخدام قوتها السوقية الأسبوع الماضي، بعد أيام فقط من قيام لجنة التجارة الفيدرالية ومجموعة من المدعين العامين بالولاية بمقاضاة فيسبوك، بدعوى مكافحة الاحتكار والتوصية بتفكيك الشركة.

علاوة على ذلك، كشفت دعاوى فيسبوك ضد أبل عن سيطرة الأولى شبه المطلقة على سوق الإعلانات الرقمية بشكل غريب.

من جانب آخر، تواجه أبل تدقيقاً حكومياً مماثلاً، على الرغم من عدم وجود دعاوى قضائية رسمية لمكافحة الاحتكار. في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصدرت اللجنة القضائية التابعة لمجلس النواب تقريراً مطولاً جردت فيه «القوة الاحتكارية» لأربعة عمالقة في مجال التكنولوجيا، وموجهة أصابع الاتهام لشركة أبل باستخدام سيطرتها على متجر التطبيقات لسحق المنافسين المحتملين. وبالطبع وكما كان متوقعاً، رفضت فيسبوك وأبل الادعاءات بأن أعمالهما تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار.

من الصعب معرفة قواعد اللعبة النهائية هنا. لن تتراجع أبل عن ميزة الخصوصية الرئيسية لجهاز «آيفون»، ولن تخاطر فيسبوك بفقدان ملايين المستخدمين من خلال سحب التطبيق من المتجر الإلكتروني لأبل.

معركة قانونية 

وأوضح ستيف ساترفيلد، مدير الخصوصية والسياسة العامة في فيسبوك لشبكة «سي إن بي سي»، أن الشركة ستظل ملتزمة بقواعد أبل الجديدة، ولا توجد نية لانتهاكها بشكل صارخ وإشعال معركة قانونية مثل التي حصلت بين أبل ومطور لعبة «فورتنايت» «إبيك جيمز». على الرغم من أن فيسبوك أعلنت الأسبوع الماضي دعمها ل«إبيك» في دعواه القضائية ضد «أبل».

جادلت فيسبوك أيضاً بأن مستخدميها يفضلون الإعلانات المخصصة والمستهدفة التي تتيحها عملية جمع البيانات، على عكس الإعلانات العشوائية التي يتم عرضها على جمهور عريض من دون استهداف. إذا كان هذا صحيحاً، فلن يواجه المستخدمون مشكلة في تمكين التتبع عندما تتيح لهم ميزة أبل الجديدة ذلك عبر النافذة المنبثقة.

عندما سُئل تيم كوك في مقابلة عام 2018 لماذا يُسمح لشركات مثل جوجل وفيسبوك بالازدهار على حساب آيفون على الرغم من انتقاداته اللاذعة لممارساتها، أجاب: «انظر إلى ما فعلناه مع الضوابط التي وضعناها، لدينا تصفح ويب خاص. لدينا منع تعقب ذكي. ما حاولنا القيام به هو التوصل إلى طرق لمساعدة مستخدمينا خلال مجريات حياتهم اليومية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"