ماراثون انفصال بريطانيا

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

بعد ماراثون طويل، صارت بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي باتفاق تجاري.. إنجاز يحسب لرئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي كان أحد الصقور في الخطة التي أثمرت في نهاية المطاف خروجاً باتفاق، على الرغم من أنه لم يكن سلساً؛ لأنه واجه الكثير من العقبات والعواقب بين لندن والاتحاد الأوروبي.

 كان رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون قد خسر معركة الاستفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبى عام 2015؛ حيث كان يراهن على أهمية البقاء في الاتحاد، باعتبار بلاده من الدول ذات الثقل السياسي والاقتصادي في أوروبا الموحدة؛ لكنه لم يكن يعلم أن مزاج المواطن البريطاني كان أبعد من تقديراته السياسية، لهذا فإن هذا المزاج هو الذي قاد إلى الخروج وليس إلى البقاء.

 كانت المعركة التي خاضها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا خلال أربع سنوات ونصف السنة من الموافقة على الخروج كافية لإنجاز اتفاق تجاري بين الطرفين، ما أثار أجواء من الارتياح في صفوف البريطانيين الذين كانوا يخشون المجهول القادم حال المغادرة من دون اتفاق، وهو ما كان يشير إليه جونسون، الذي خلف رئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي أخفقت في مفاوضاتها مع بروكسل؛ للخروج باتفاق يرضي الطرفين.

 قصة خروج بريطانيا بدأت عندما وعد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، بإجراء استفتاء على عضوية بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى لو فاز المحافظون في الانتخابات العامة عام 2015، وهو ما تحقق فعلاً؛ حيث حقق حزب المحافظين بشكل غير متوقع مكاسب كبيرة فى الانتخابات على «العمال»، وحصل على الأغلبية فى مجلس العموم، وتعهد كاميرون بتنفيذ وعده بإجراء استفتاء على البقاء فى الاتحاد الأوروبى، وهو ما حدث؛ حيث صوّت البريطانيون لمصلحة المغادرة في نتيجة اعتبرت حينها صادمة؛ حيث حصل المطالبون بالخروج على 52%، الأمر الذي عجل باستقالة كاميرون من رئاسة الحكومة، وخلفته ماي؛ لترث كماً هائلاً من الأزمات والتعقيدات؛ حيث إن الكثير من التداخلات الاقتصادية وقفت في طريق المفاوضات بين الجانبين.

 في نهاية المطاف وبعد أن سارت الأمور من تعقيد إلى آخر بين لندن والاتحاد الأوروبي؛ تم التوصل إلى اتفاق تجاري، وقدمت من خلاله بريطانيا تنازلات فيما يخص الصيد، ما أفسح المجال لخروج باتفاق، ومعه تنفس البريطانيون الصعداء، الذين كانوا على استعداد للتعاطي مع خروج من دون اتفاق في حال فشلت المفاوضات مع بروكسل.

 قضايا كثيرة أفرزتها المفاوضات بين الجانبين؛ لكنها لم تكن قادرة على كبح رغبة بريطانيا في الخروج من الاتحاد، رغبة تحققت أخيراً، غير أن السؤال المهم، هو: كيف ستكون بريطانيا من دون الاتحاد؟ وكيف يمكن أن تكون العلاقة بينها وبين الدول الأوروبية؟ وهل ستكون مكاسب الخروج أكبر من مكاسب البقاء؟ أسئلة سينتظر البريطانيون والأوربيون لسنوات؛ لمعرفة الإجابات عنها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"