تطوير العربية مشكلة إدارية

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

ماذا لو نظرنا إلى اللغة العربية كما لو كانت قطاعاً عاماً ترهّل أداؤه؟ صرخت في وجه القلم: ويحك، سينتف المتعصبون شعرهم، ويبلغون في الهجاء قعرهم. لكن سؤالك يوجد في نهره ما لا يوجد في بحر غيره. في الأقل يتمنى عاشق العربية أن يمنّ الله عليها برجل عربي فكره مثل الاقتصادي البريطاني آدم سميث، الذي أوصى بأن تكون اللغة مثل البضاعة: عملية، سهلة الاستعمال، خفيفة، رشيقة. هذا المفكر على صواب، فبناتنا وأبناؤنا يلمّون بالإنجليزية في مدة قياسية، بينما نراهم في الثانوية يخبطون خبط عشواء في القواعد.

إذا أخذنا مشكلات لغتنا على أنها نظام إداري تجاوزه الزمن، فإن الأمر يستدعي اصطفاء نخبة من العلماء المقتدرين الذين يدركون حقيقة المأزق. يجب أن يكونوا من ذوي جرأة القرار، يدركون أنهم سيبتكرون نصف الحلول فقط ، أما النصف الآخر فليس من شأنهم، ذلك تحققه التنمية الشاملة، حين تنهض الميادين، ابتداء من التربية والتعليم، البحث العلمي، وتنمو الاقتصادات صناعياً، زراعياً وتقانياً، وبعد عمر طويل تشرق شمس إنتاج العلوم، فيصبح للعربية شأن عالمي. الآن تجاملنا الأمم المتحدة بتخصيص يوم عالمي للعربية.

 ما يمكن أن ينجزه علماء اللغة بالتعاون مع التربويين، شيء كبير. العربية في حاجة إلى تخليصها من ركام زوائد النحو والصرف. لا مجال للشك في أن المهمة تهم اللغة العربية، أي لغة العرب جميعاً، فلا مناص من أن توكل شؤونها الكبرى إلى نخبة من كل البلدان العربية. بداهة، يجب أن يكون علماء التربية في شأن مناهج اللغة العربية، من سائر الأقطار العربية. لا يمكن أن نتصور أن يعكف كل بلد على تطوير العربية على هواه، وإلا صارت لنا عربيات متضاربة متضادة، لكل واحدة طرائق تصرفها في الصرف، ونحوها وانتحائها في النحو. بالمناسبة: إذا لم ينصرف ذهنك إلى سوء المصير في ضروب الشتات اللساني الذي يمكن أن يحدث في مقبل العقود، إذا استمر هذا التفكك، فأنت ولا مؤاخذة قد نسيت كيف تموت اللغات وتتوارى عن الصدارة. أين اللاتينية اليوم؟ اليوم إيطالية، فرنسية، إسبانية... اليوم لدينا بوادر: نشرات أخبار بالعامية، انسحاب تدريجي للفصحى، وربك الساتر.

 لزوم ما يلزم: النتيجة الرشيقية: تخليص العربية من الشحوم والأورام القواعدية، سيكسبها الرشاقة والحيوية. تبقى الانطلاقات الكبرى على التنمية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"