من يدق طبول الحرب؟

00:47 صباحا
قراءة 3 دقائق

عبدالله السويجي

هذه ليست المرة الأولى التي يضع فيها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب سيناريوهات الرد على إيران، ومن بينها العمل العسكري، فمنذ تسلمه لإدارة البيت الأبيض وهو يوجه التهديدات يميناً ويساراً، مرةً إلى إيران وأخرى إلى كوريا الشمالية من دون أن ينفذ تهديداته لا سيّما بعمل عسكري، واكتفى بعقوبات اقتصادية والانسحاب من الاتفاق النووي. والآن، وهو على أعتاب انتهاء ولايته ومغادرته للبيت الأبيض، يجدد تهديده لإيران، بعد أن تعرّضت السفارة الأمريكية في بغداد لصواريخ لم يتم التأكد من مصدرها حتى الآن، لكن الرئيس ترامب أشار بإصبع الاتهام إلى إيران، مطلقاً تصريحات أخرى بوجود معلومات عن عمليات أخرى ضد أمريكيين في العراق، وهدد أن الرد على مقتل أي أمريكي سيكون كاسحاً ومفاجئاً، والتصريح الأخير مربك للإعلام والمحللين؛ إذ يشي بتراجعه عن الرد العسكري في انتظار مقتل أمريكي. وإيران أيضاً تمارس السياسة ذاتها في التحذير من أي تصرّف (غير حكيم) في الأيام الأخيرة لترامب في البيت الأبيض، وتهدّد أن ردّها سيكون قاسياً. فما هي فرص حدوث حرب بين الولايات المتحدة وإيران قبل العشرين من يناير/كانون الثاني القادم، وهو اليوم الأخير لترامب في البيت الأبيض.

 يرى محللون انهمكوا في قراءة المشهد أن ترامب رجل مفاجآت، وبالتالي قد يستيقظ العالم قبل العشرين من ينايرعلى صواريخ عملاقة تضرب الأراضي الإيرانية، وتحليلهم يقول إن ترامب يحب أن يفي بوعوده، وسيظهر بعد الضربة ويعلن هذا الوفاء بالوعد، ويضيف بأنه بتصرفه يحمي أمنه القومي، كما يحمي حلفائه من دولة ما فتئت تشكل تهديداً لجاراتها، ومن ناحية أخرى، يكون قد ترك لخلفه إرثاً موجعاً ينهمك به لشهور طويلة، وقد يعلن، إذا ما وقعت الضربة، الأحكام العرفية في البلاد، ولا ندري إن كان هذا الإجراء يشكل عائقاً أمام تسلّم الرئيس المنتخب جون بايدن لمهامه، والدليل على احتمال إعلان الأحكام العرفية تصريح لجنرالات كبار في الجيش الأمريكي بوجود خطط فورية سيقومون بتنفيذها لمواجهة قرارات ترامب، ما يعني أن الأمر وارد ومحتمل. 

 ومن ناحية أخرى يرى محللون، أن ترامب لن يضرب إيران، وإنما يلوّح كعادته بالقوة كسياسة اعتاد على انتهاجها، ولكن فريقاً آخر يرى أن إسرائيل، قد تورّط أمريكا في حرب مع إيران عن طريق توجيه ضربات مباشرة على أراضيها أو لقوات إيرانية على الأراضي السورية، منتهزة الأيام الأخيرة لترامب في البيت الأبيض، وليقينها أن جو بايدن لن يدخل في صراع مسلح مع إيران؛ لأنه أعلن أولوياته التي تنصب على الوضع الداخلي، لكن إذا ما ردّت إيران تكون قد ابتلعت الطعم، ودخلت في حرب لا أحد يعلم كيف ستكون تداعياتها.

 لا شك أن هناك من يحاول إشعال الحرب بين الولايات المتحدة وإيران؛ بهدف إعادة خلط الأوراق من جديد، ومعروف أن حرباً كهذه ستشكّل فرصة لبعث التنظيمات المتشددة، كما حدث بعد احتلال أمريكا وحلفائها للعراق، وظهور جماعات كثيرة متشددة وغير متشددة، ما يعيد الزمن مجدداً إلى الوراء، وقد يسمح هذا بإعادة تمركز الجيش الأمريكي في العراق وعلى الحدود الإيرانية، وانتشار تلك التنظيمات سيؤثر من دون أدنى شك على المنطقة برمّتها، وقد تبدأ مرحلة جديدة من الحرب على الإرهاب.

 أما رغبة إيران بحدوث حرب فنسبتها معقولة، أولاً للخروج من أزماتها الداخلية، وثانياً لتتنصل من التزاماتها في برنامجها النووي لتدخل النادي الدولي العالمي.

 السيناريوهات مفتوحة، والنوايا متوفّرة، لكن أي عمل عسكري في المنطقة سيعيد تشكيل التحالفات الإقليمية من جديد، وسيُسهم في ازدهار التطرف والإرهاب لسنوات طويلة، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة أو أوروبا، التي عانت ولا تزال تعاني من الإرهاب، والأمر ذاته بالنسبة للعديد من الأقطار العربية، لهذا، فإن العمل بالحكمة التي تقول: مفاوضات لأعوام ولا حرب لدقائق، تكون لصالح كل الأطراف، لكن على إيران التوقف عن دعم أذرعها، خاصة تلك الراغبة بإعادة الفوضى إلى المنطقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"