جديد جريفيث في اليمن

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

الدعوة التي وجهها قبل أيام المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، مارتن جريفيث إلى الأطراف المتحاربة لاستئناف العملية السياسية وإنهاء الصراع بشكل كامل خلال العام 2021، لا تشكل جديداً، فقد سبق للرجل أن أطلق مبادرات مشابهة منذ تعيينه في منصبه قبل ما يقرب من 3 سنوات، غير أن الجديد فيها أنها جاءت في وقت شهدت الساحة اليمنية بعضاً من التطورات السياسية، تمثلت في تشكيل حكومة جديدة شارك فيها المجلس الانتقالي الجنوبي لأول مرة.

 يرى جريفيث أنه من المهم أن تستغل أطراف الأزمة في البلاد التطورات الأخيرة؛ لتبني عليها موقفاً موحداً يقبل الحوار، ويتفق على طريقة واقعية للمضي قدماً في مسار السلام، وأن يكون أداؤها أفضل، يوقف إراقة الدماء في الحرب المستمرة منذ ستة أعوام، ويعمل على وقف النزوح الداخلي والتدهور الاقتصادي وتفشي جائحة «كورونا»، خاصة أن تقارير المنظمات التابعة للأمم المتحدة تشير إلى أن البلاد مقبلة على مرحلة صعبة ما لم يتم تدارك الأوضاع الاقتصادية التي تزداد صعوبة.

 رؤية جريفيث سبق أن قدمها أكثر من مرة إلى أطراف الأزمة التي لا تزال غير قادرة على تقديم تنازلات سياسية من شأنها أن تؤدي إلى فتح نوافذ للحوار، أو على الأقل تستأنف جولات الحوار السابقة التي عقدت في الكويت وجنيف والسويد، وكانت قريبة من التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة ويعالج كافة تداعياتها.

 في المحصلة الأخيرة، فإن الحرب كلما طالت ازدادت تعقيداً، فالتأخير في إنهاء الحرب يكرّس نفوذ القوى المستفيدة من استمرارها، خاصة القوى الداخلية التي وجدت في الأوضاع القائمة فرصة للربح والتكسب على حساب معاناة الناس.

 من هنا يبدو خيار وقف الحرب في الوضع القائم أمراً مطلوباً وبشكل عاجل، لكن ذلك يتطلب شجاعة أكبر، وهي ما لا تتوفر لدى مختلف الأطراف في الوقت الحاضر؛ لأن العامل الداخلي امتزج بالعامل الخارجي، خاصة مع بعض توجهات بعض القوى الإقليمية التي تعتقد أن الحرب في اليمن يمكن أن تتحول إلى ورقة مساومة في صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أوراق أخرى في لبنان وسوريا والعراق وغيرها.

 مع ذلك، فإن الكلمة العليا هي في أيدي اليمنيين أنفسهم، فهم الوحيدون القادرون على فرض خيارهم إذا ما اتفقوا عليه، فالأوضاع لم تعد تحتمل، والمواطن هو من يدفع ثمن استمرار الحرب من استقراره وأمنه ومعيشته، التي تزداد سوءاً مع مرور كل يوم.

 لذلك فإن اليمن اليوم على مفترق طرق، فإما تتنازل الأطراف بعضها لبعض، أو تغرق البلاد في دوامة من الأزمات قد تقضي على حلم الدولة الواحدة إلى الأبد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"