ملفات 2020 المرحّلة

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

منذ بداية عام 2020 توالت المآسي على شعوب الأرض، بدءاً من الكوارث الطبيعية مروراً بجائحة «كورونا» وانتهاء بالصراعات بين الدول التي لم تفتر. فحرائق أستراليا والولايات المتحدة كانت العنوان الأبرز الذي بدأت به هذه السنة المتخمة بالأحداث؛ إذ التهمت آلاف الهكتارات، وقتلت عشرات البشر، وملايين الحيوانات، وكبدت البلدين خسائر مليارية، ثم ظهرت الجائحة التي غيّرت معالم الأنماط البشرية، فقتلت ما يربو على المليون و700 ألف، وأصابت 80 مليوناً، كما خلّفت مئات الملايين من الجوعى، وأدت إلى حدوث انكماشات اقتصادية أسوأ من تلك التي عانتها البشرية في الحرب العالمية الثانية، وفي حين أن الأمل معقود على اللقاحات، فإن الفيروس يتطور مهدداً بالمزيد. وكان للكوارث الطبيعية نصيب الأسد؛ إذ كثرت الأعاصير والفيضانات التي اجتاحت الفلبين وتايلاند وأمريكا، ودولاً أخرى عدة، وتسببت بنزوح الملايين.

 المصائب لم تتوقف هنا، ففي هذا العام نشبت حروب، كما حدث بين أذربيجان وأرمينيا، التي خلّفت آلاف القتلى، وشهدت المنطقة العربية اضطرابات كبيرة، فليبيا كانت مسرحاً لحرب تدخلت فيها دول أرادت الاستيلاء على ثرواتها، في حين تنامى الإرهاب في العراق تزامناً مع فشل حكومي لا يزال عاجزاً عن الدفاع عن سيادة الدولة، في ظل تراجع اقتصادي مدمر، وشهد لبنان ثورة طالبت بتنحي الطائفيين والفاسدين إلا أنها أجهضت بعد التنكر لمطالبهم، ومضى الفساد ينخر في البلاد حتى تكلل بانفجار مرفأ بيروت الذي دمر أجزاء واسعة منها، من دون أن يتحمل أي طرف المسؤولية عن الكارثة التي ألمت باللبنانيين، والتي تضاف إلى سلسلة كوارث ذاق ويلاتها الشعب الذي نكب بقياداته، بينما لا تزال فلسطين تعاني في ظل انعدام الحلول المنصفة لشعبها، كما في سوريا.

 المتأمل لأحداث 2020 يلحظ أنه لم يحل أي منها، ما يعني أنها سترحل إلى العام الجديد، وهو ما يؤشر بدوره إلى أن سنة2021 لن تكون أخف وطأة في حال استمرت هذه القضايا على حالها من دون اختراق حقيقي يسعى إلى حصرها والتخلص من آثارها.

 وعلى الرغم من أن ثمة خطوات جديدة للتخلص من بعض الأزمات ومنها بدء العالم حملة التطعيمات؛ للقضاء على الوباء، فإن ذلك ليس كافياً ليكون العام الجديد مغايراً، فما خلّفه الفيروس أعمق بكثير من الأزمة الصحية؛ إذ إنه بحاجة إلى خطط جمعية تتضافر في وضعها الجهود العالمية؛ للتخلص من آثاره الاقتصادية، والنفسية، التي قد تستغرق سنوات للعودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل ظهوره، في حين أن الأزمات السياسية تستدعي حلولاً جذرية تتمثل في المضي نحو محاربة الفساد، ثم التنمية، ووقف الصراعات العبثية التي تضاعف المآسي، والتوحد نحو مساعدة الشعوب التي تعاني بالفعل كوارث طبيعية وصحية، التي تؤشر إلى خلل مناخي لطالما حذر منه العلماء.. فهل سيكون 2020 درساً للبشرية؛ كي تستفيق وتنظر إلى مستقبلها وتؤمن بأن الكل في مركب واحد؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"