ناشفيل.. أبعد من انفجار

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

قد يكون الانفجار الذي هز مدينة ناشفيل بولاية تينيسي الأمريكية صبيحة عيد الميلاد، والذي ترجح التحقيقات أن يكون نتاج عملية إرهابية ل «ذئب مفرد»، التعبير الأبرز عن حالة الانقسام والفوضى التي تعيشها الولايات المتحدة على كل المستويات.
 وعلى الرغم من أن تحقيقات الشرطة توصلت إلى معرفة هوية المنفذ ويدعى أنتوني وارنر، وأكدت مقتله في عملية انتحارية، على الأرجح، فإن دوافع المنفذ وأهداف العملية لا تزال غير معروفة، بحسب السلطات الأمريكية، بينما تُصِرُّ هذه السلطات على معرفة هذه الدوافع والأهداف، عبر التعامل مع نحو 500 معلومة وردت إليها من جهات مختلفة، وعبر الطلب من كل من كان يعرف المنفذ، القادم من مدينة أنطاكية المجاورة لولاية تينيسي، بعد نشر صورته، تقديم أي معلومة يمكن أن تساعد في التحقيق. 
 خطورة هذه العملية، التي قيل إنها نفذت بواسطة قنبلة متطورة، وألحقت أضراراً كبيرة بعشرات المنازل والشركات في المنطقة، ناهيك عن وقوع ثلاثة جرحى، وهي حصيلة متواضعة بسبب الإنذارات المسبقة وإغلاق المنطقة، إلا أن مثل هذه العمليات نادرة في التاريخ الأمريكي، بعيداً عن حالات القتل التي تتكرر كثيراً في الولايات المتحدة لأسباب مختلفة، سواء كانت على خلفيات عنصرية، أو لدوافع شخصية، أو أية أسباب أخرى يغذيها انتشار السلاح وسهولة الحصول عليه. 
 لكن انفجار ناشفيل يبدو مختلفاً، من حيث المبدأ، إذ إنه لم يستخدم أسلحة نارية، أو يستهدف أشخاصاً بعينهم، كما حدث مرات في قواعد عسكرية، أو في بعض المدارس، وما شابه، وإنما استخدم منزلاً متنقلاً (كرفان)، وقنبلة متطورة لاستهداف وإلحاق الضرر بأكبر عدد من الناس والممتلكات، وربما هذا بالذات ما يقلق السلطات الأمريكية. وما يقلقها أكثر هو التوقيت الذي حدثت فيه العملية، في ظل الفوضى الأمريكية والانقسام المجتمعي الكبير الذي خلفته انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والسجال الحاد حول نتائجها، والتي لا يزال الرئيس ترامب لا يعترف بخسارتها، رغم إقرارها من المجمع الانتخابي، ويسعى بكل قوة لعرقلة تنصيب منافسه المنتخب جو بايدن. 
 جوهر القلق الأمريكي يتمحور حول ما إذا كان منفذ العملية مجرد «ذئب منفرد» أو مرتبط بجماعة إرهابية منظمة تسعى لقلب الأوضاع في الولايات المتحدة رأساً على عقب، وإحداث حالة من الفوضى المجتمعية، من المؤكد أنها ستصب في صالح ترامب الذي عمل على حشد أنصاره وحثهم على رفض الانتخابات، ما يعطي ترامب المبرر لفرض الأحكام العرفية وإسناد السلطة التنفيذية والقضائية للجيش، لتمكينه من التحضير لانتخابات جديدة، وبما يتيح له تحديد آليات جديدة تمكنه من الفوز بها في نهاية المطاف. هذا السيناريو ليس غريباً على شخصية ترامب، الاستثنائية تماماً، والتي لا تعترف أبداً بالخسارة، وإن كانت أولويته تنصب الآن في الضغط على أعضاء حزبه الجمهوري، وعلى نائبه بينس لعرقلة مصادقة الكونجرس في السادس من يناير/كانون الثاني على نتائج الانتخابات، ومن ثم منع تنصيب بايدن في العشرين من الشهر نفسه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"