5 عناوين أساسية للأسواق العالمية في عام 2020

23:03 مساء
قراءة 4 دقائق
محمد العريان
محمد العريان

محمد العريان*

من الصعب جداً، لو لم نكن من أشد المؤمنين بالتأثير الساحق للسيولة الوفيرة والمتوقعة في الأسواق ولا سيما من الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، تفسير تقلبات الأسعار المتغيرة وشرح وتوقع حركتها الاستثنائية
عام لا مثيل له بالنسبة لمعظمنا في جميع أنحاء العالم، سوف يتم تذكره في الولايات المتحدة والأسواق المالية الدولية على وجه الخصوص بخمس ميزات ملحوظة هي:

  • الانفصال الكبير بين وول ستريت وماين ستريت: بصرف النظر عن أسابيع قليلة بلغت الأسواق ذروتها في 2020 من أدنى مستوىً في 23 مارس/آذار، وتمكن الأسهم من تجاهل ما كان انهياراً جذرياً في النشاط الاقتصادي العالمي مع عواقب كبيرة فورية وطويلة الأجل، لم يظهر هذا الفصل المذهل أي علامة على التباطؤ حتى مع تداول الأسواق عند مستويات التقييم المرتفعة تاريخياً. وإذا كان هناك أي شيء لنتكلم عنه بهذا الخصوص، فهو أن الفصل الاستثنائي أصبح بالفعل أكبر مع نهاية العام.

وسجلت الأسهم رقماً قياسياً واحداً تلو الآخر، في حين اضطرت الاقتصادات للتعامل مع موجة أخرى مفاجئة أكثر كثافة وأسرع انتشاراً من فيروس كورونا، نتجت عنها زيادة في حالات دخول المستشفيات والوفيات وسط تعقيد الرحلة إلى مناعة القطيع التي يسببها اللقاح.

  • تقلبات الأسعار: من الصعب جداً، لو لم نكن من أشد المؤمنين بالتأثير الساحق للسيولة الوفيرة والمتوقعة على الأسواق ولا سيما من الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، تفسير تقلبات الأسعار المتغيرة وشرح وتوقع حركتها الاستثنائية لهذا العام في الأسواق المالية. وفي الواقع، بدلاً من الروايات التي تقود حركة السوق، أدت إجراءات السوق إلى سلسلة من التفسيرات والتأويلات التي غالباً ما ثبت أنها غير متسقة بشكل كامل.

يمكنني التفكير في العديد من الأمثلة، بما في ذلك الروايات السياسية الثلاث المتضاربة التي تبناها المشاركون في السوق على نطاق واسع في منتصف العام من أجل شرح ارتفاع الأسهم باستمرار وهي: احتمالات كبيرة لإعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب مع ضرائب أقل، وأجندة أقل تنظيماً. وحكومة منقسمة من شأنها أن تبقي على هذه الأجندة مهمشة وتسمح للأعمال التجارية بالازدهار دون عوائق من التدخل. إضافة لموجة زرقاء (الحزب الديمقراطي) من شأنها أن تؤدي إلى تحفيز مالي ضخم يعزز الطلب بشكل كبير.

  • السيولة المزدوجة: عانى المستثمرون هذا العام من ظاهرة «السيولة المزدوجة»، أي عدم توفر السيولة في أكبر الأسواق وأكثرها سيولة تقليدياً وتدفقها في القطاعات غير السائلة عادةً. وسيتم تذكر شهر مارس/آذار على وجه التحديد، باعتباره اللحظة التي تعطلت فيها التدفقات بشكل حاد في سندات الخزانة الأمريكية، وهي المعيار لكل السندات العالمية. وبعد أسابيع قليلة، أدى تدخل الاحتياطي الفيدرالي في الأسواق، بما في ذلك عمليات الشراء المفاجئة للأوراق المالية ذات العائد المرتفع، إلى ضخ السيولة على نطاق واسع، وحث المستثمرين على المغامرة بعيداً عن مكانهم الطبيعي. وبحلول نهاية العام، ترسخ الإيمان العميق بوضع البنك المركزي الأبدي مما يعني أنه من بين جميع المخاطر التي تواجه المستثمرين، عادت تلك المرتبطة بالسيولة إلى كونها الأقل لفتاً للانتباه.
  • البحث عن تخفيف المخاطر: كلما نجحت البنوك المركزية في قمع عوائد السوق على السندات الحكومية «الخالية من المخاطر» (وواجهت المستثمرين مع دخل ضئيل أو معدوم ومخاطر سعرية غير متكافئة بشكل سلبي)، ازداد عدد المستثمرين الباحثين عن طرق جديدة وأكثر جاذبية للتخفيف من المخاطر، لدرجة أن عدداً متزايداً من المتوقعين لأوضاع السوق خلال عام 2020، راهنوا على انتهاء عصر محفظة سندات الأسهم التقليدية بنسبة 60/40.

 لقد غامر العديد من المستثمرين، وخاصة أولئك الذين يواجهون عوائد سلبية على السندات الحكومية، في الدخول نحو مناطق أخرى من سوق الدخل الثابت، في محاولة لتخفيف المخاطر المرتبطة بمركزهم من حيازات الأسهم.
ما بدأ كمشتريات لسندات ذات درجة استثمارية قصيرة الأجل، مع افتراض أنها صحيحة وتحت حماية الاحتياطي الفيدرالي من خلال شرائه الخاص، تطور ليشمل الديون ذات مخاطر التخلف عن السداد بشكل كبير، مثل العائد المرتفع وبعض سندات الأسواق الناشئة. 
اعتمد آخرون نهجاً آخر لتجنب المخاطر في محافظهم، مضيفين الذهب وبيتكوين والعملات المشفرة الأخرى إلى السندات الحكومية التقليدية.

  • ثبات الاقتصادات الناشئة: وجدت الاقتصادات الناشئة نفسها في عاصفة اقتصادية كاملة بسبب الاضطرابات المرتبطة ب «كوفيد-19». وبسبب التوقف المفاجئ للاقتصاد العالمي والانتعاش المتفاوت جغرافياً الذي تلا ذلك، شهد الكثيرون انهياراً في عائدات التصدير والسياحة، وتلاشي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، بل إن البعض يواجه احتمالات فقدان التدفقات الخارجة. ومع ذلك، وباستثناء بعض البلدان الموجودة مسبقاً مثل الأرجنتين والإكوادور ولبنان، تجنبت الغالبية العظمى من الأسواق الناشئة التخلف عن سداد الديون وعمليات إعادة الهيكلة الكبيرة.

في الواقع، مع عودة السيولة بسرعة إلى الأسواق المالية، وتشجيع المستثمرين على البحث بقوة عن عوائد أكبر، تم إصدار مستوى قياسي من سندات الأسواق الناشئة في هوامش مخاطر منخفضة بشكل استثنائي وعوائد عامة.
مجتمعة، وعلى عكس ما واجهه معظم الناس حول العالم، تضاف هذه العوامل الخمسة إلى عام أعطى المستثمرين قدراً كبيراً مما يمكن أن يتمنوه، خاصة من حيث العوائد الجيدة مع تقلبات منخفضة بشكل ملحوظ باستثناء أسابيع قليلة في شهر مارس والتي يبدو أنه تم تجاوزها بسرعة.
إنها عوامل تتحدث أيضاً عن التأثير المهيمن للبنوك المركزية على السوق، والتي ترسخ علاقة تبعية مشتركة «غير صحية» يحرص معظم المستثمرين على استمرارها بغض النظر عن الفوائد المتدهورة للرفاه الاقتصادي والمالي على المدى الطويل، جنباً إلى جنب مع ازدياد الأضرار الجانبية وانتشار العواقب غير المقصودة.

* كبير الاستشاريين في «أليانز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز Allianz

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"