احترم هذه القاعدة

23:53 مساء
قراءة دقيقتين

مع أن الكذب ليست له درجات ولا ألوان، إلا أنه توجد أكاذيب مدمّرة وضررها أكبر من سواها، وتوجد أكاذيب تبعاتها أخف وطأة وألماً من سواها. ومع هذا، فإنني أجد أن هناك نوعاً من الأكاذيب يحمل ضرراً بالغاً وكبيراً ولا يستهان به أبداً، ومشكلة هذا النوع من الكذب أنه قد لا ينتج إلا بسبب مرض نفسي أو نحوه. 
وأقصد تحديداً الكذب على النفس، يمكنك أن تخدع وتكذب على من تريد من الناس كيفما تريد، خاصة في المواضيع التي تمسّك وتتقاطع مع حياتك، لا أحد يهتم، لكن أن تخدع نفسك وتكذب عليها وتتوهم أنك تفعل الصحيح وأنك تسير على الطريق الأمثل، وواقعك اليومي ينم ويفصح عن مخالفة لهذا النهج، فأنت فعلاً لا تكذب إلا على نفسك، وتبعات هذا الكذب لن تصيب أحداً آخر سواك، وبالتالي جميع الأضرار ستقع عليك. 
عندما تقول للآخرين إنك تمتلك مهارات عالية في البرمجة أو في الرياضيات أو نحوها من العلوم، والحقيقة أن مستواك فيها أقل من الاعتيادي، قد تجد الإشادة والتصفيق وقد تشاهد في عيون البعض الإعجاب والإشادة بمهاراتك وذكائك، ولكن في الواقع ستُخفق ولن تتجاوز الاختبارات دون استعداد واستذكار، وإن صدقت كذبتك، فإن النتيجة إخفاقك وفشلك الذريع. الحال نفسه يمكن تطبيقه على موظف ينشر بين زملائه معلومات عن قدراته ومهاراته والدورات والورش المتخصصة التي التحق بها ونجح في إنهائها بتفوق كبير، ويصدق هذه الأكاذيب فيبدي الاستعداد لتولي مهام عمل تفوقه علمياً ومهارياً ومعرفياً، وعندما توكل إليه مهام عمل وفق كلماته وتأكيداته، يُخفق ويتراجع ويفشل. وهنا أجد كلمات تُنسب للروائي العالمي باولو كويلو، تنطبق على مثل هذه الحالة؛ إذ قال: «إذا أردت النجاح، عليك أن تحترم قاعدة: لا تكذب على نفسك أبداً».
مرة أخرى، مع أن الكذب بصفة عامة خصلة مذمومة في كل المجتمعات البشرية، تجنب الكذب على نفسك، تجنّب توهم قدرات معرفية وعلمية ومهارية لا تتمتع بها، تجنب أن تكذب على الآخرين ثم تصدق هذه الأكاذيب. ففي نهاية المطاف لن يتضرر ولن يسقط ويفشل نتيجة هذه الأكاذيب إلا أنت، ولن يتضرر أحد آخر سواك. وعلى العكس من هذه الحالة، فإن المصداقية والموضوعية، وعدم التوهم، نتيجتها الثقة بالنفس، ومعرفة القدرات الحقيقية. هي قاعدة ذهبية فعلية وحقيقية لا تكذب على نفسك، ولا تدع ما ليس فيك.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"