عادي

سفير الاتحاد الأوروبي: نستكشف مجالات إضافية للتعاون مع الإمارات

21:52 مساء
قراءة 8 دقائق
سفير الاتحاد الأوروبي

حوار: فاروق فياض

قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى دولة الإمارات، أندريا ماتيو فونتانا، إن التكنولوجيا الرقمية باتت واقعاً لا بد منه في ظل انتشار جائحة «كوفيد19»، خاصة أنها تشكل أداة رئيسية لتعزيز النشاط الاقتصادي وحمايته مع تعزيز سياسات التنويع الاقتصادي.
وأضاف فونتانا: نهدف إلى استكشاف مجالات إضافية للتعاون مع دولة الإمارات، ودول مجلس التعاون الخليجي، في مجالات مثل الابتكار الرقمي، والذكاء الاصطناعي، وسلسلة «البلوك تشين» في ظل الظروف الحالية.
وأوضح فونتانا أن نحو 130 ألف مواطن أوروبي يعيشون ويعملون في دولة الإمارات في جميع المجالات المختلفة، ويزور ملايين السياح الأوروبيين دولة الإمارات في كل عام، ونتطلع قدماً إلى تعزيز التعاون الثنائي والتبادل التجاري بين الجانبين.
جاء ذلك في حوار السفير فونتانا مع «الخليج»، تطرق خلاله إلى الكثير من القضايا الثنائية، والأرقام، والإحصاءات المتعلقة بالتبادل التجاري الثنائي بين الطرفين، وكذلك أهمية تأجيل الحدث العالمي «إكسبو دبي2020» إلى العام الجاري 2021 نظراً لما أفرزته المعطيات العالمية، خاصة انتشار فيروس كورونا المستجد.

قال فونتانتا: لقد حظي الاتحاد الأوروبي بشرف التعاون في عدد من المشاريع مع دول مجلس التعاون الخليجي، في مجالات متنوعة مثل الطاقة، والأمن، وإدارة المخاطر، والتنويع الاقتصادي.
وعلى سبيل المثال؛ نحن نتعاون في مجال الطاقة النظيفة، بعد الإطلاق الناجح لحوار الطاقة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، وتم إنشاء شبكة الطاقة النظيفة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون بتمويل من الاتحاد الأوروبي، لتعزيز التعاون الوثيق بين الجانبين بشأن سياسات وتقنيات الطاقة.
كذلك نحن نمول «الحوار البنّاء بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي حول التنويع الاقتصادي»، وهو مشروع يهدف للمساهمة في تعزيز العلاقات بين الطرفين من خلال دعم عملية التنويع الاقتصادي المستمرة لدول المجلس، بعيدًا عن القطاعات المعتمدة على النفط والغاز.
وانطلاقاً من روح الانفتاح والتبادلات الشعبية والثقافية، كانت الإمارات أول دولة في المنطقة تستفيد من اتفاقية الإعفاء من تأشيرات السفر بحرية إلى الاتحاد الأوروبي. والإمارات هي وجهة مفضلة لكل من المهنيين والسياح، وبمجرد انتهاء جائحة «COVID-19»، سيزور الآلاف من مواطني الاتحاد الأوروبي دولة الإمارات، كما كان من قبل.

تبادل تجاري

وأضاف سفير الاتحاد الأوروبي لدى الدولة: الإمارات هي واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي في جميع أنحاء العالم، (تحتل المرتبة 12 من أكبر وجهات التصدير إليها)، وواحدة من أهم الدول في الشرق الأوسط.
وبالنسبة لدولة الإمارات؛ يعتبر الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء التجاريين، (ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات). ففي عام 2019، بلغ إجمالي التجارة الثنائية بين الجانبين 168 مليار درهم، (37.2 مليار يورو)، وبلغت صادرات الاتحاد الأوروبي 135 مليار درهم 30 (مليار يورو)، وواردات بقيمة 33 مليار درهم (7.3 مليار يورو)، بما في ذلك المنتجات المصنعة عالية القيمة، (مثل الآلات والأجهزة). وتعد الدولة سوقاً دولياً جذاباً للغاية لكل من الشركات والمستثمرين الأوروبيين، ومركزاً لدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وخارجها. ونلاحظ أن دولاً أخرى مثل الصين والهند أصبحت شريكاً تجارياً مهماً بشكل متزايد لدولة الإمارات، ونرحب بهذا التطور لأننا ندعم بقوة مشاركة جميع الدول في التجارة العالمية.
وكشركاء تجاريين عالميين؛ فلكل من الاتحاد الأوروبي والإمارات مصلحة حيوية في الحفاظ على عمل النظام التجاري متعدد الأطراف بكفاءة عالية، وتزويده بأدوات جديدة ومتطورة بشكل جماعي، وعلينا التأكد أن التجارة هي تجارة حرة وعادلة أيضاً. ويجب أن تتم لكل الأطراف في ساحة متكافئة، ويجب منح المعاملة بالمثل في الوصول إلى الأسواق. لذلك، يجب أن نضاعف جهودنا الطويلة الأمد مع الشركاء الآخرين المتشابهين في التفكير لضمان الأداء الفعال للنظام التجاري متعدد الأطراف، وإصلاح قواعد منظمة التجارة العالمية لتغطية جميع القضايا ذات الصلة بالتجارة الدولية.

تحديات

وعن أبرز التحديات التي يسعى الطرفان إلى تذليلها، قال السفير فونتانا: في الوقت الحاضر، تعد تحديات الأجيال القادمة وكذلك التحولات الخضراء والمتغيرات الرقمية، أكثر أهمية مما كانت عليه قبل أن يبدأ وباء «كورونا»، وهي أمور فرضت علينا ونتعامل معها يوميا ونحن نسعى سريعاً نحو التحولات الرقمية المزدوجة والاقتصاد الأخضر.
لقد عزز الوباء المستمر عزمنا، وسرّع من جهودنا في هذا المجال، والتي أصبحت واحدة من أهم أولويات الاتحاد الأوروبي، كما يتضح من الالتزام بجعل المشاريع الخضراء للاتحاد الأوروبي ذات نجاح حقيقي، ونطمح إلى تحويل الاتحاد الأوروبي إلى اقتصاد تنافسي، وحديث، وموفر للموارد الطبيعية، ولا يصدر أي انبعاثات كربونية بحلول عام 2050 وفصل النمو الاقتصادي عن استخدام الموارد.
وكذلك «التحول الأخضر والرقمنة» هي المجالات التي نمتلك فيها إمكانات هائلة لتعزيز علاقاتنا مع الإمارات، بحيث تشمل مجالات الطاقة النظيفة، وتقنيات الطاقة المتجددة، والهيدروجين وكفاءة الطاقة والشبكات الذكية، وأسواق الكهرباء، والتنويع الاقتصادي في سياق تغير المناخ، والالتزامات الواردة في اتفاقية باريس. كل هذه الموضوعات تم تناولها بتقارب واضح في السياسات بين بلدينا.

شراكة حقيقية

وأشار فونتانا إلى أن دولة الإمارات حققت تقدماً كبيراً في تنويع صناعاتها لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، (رؤية الإمارات 2021). ومع استمرار الدولة في الاستثمار الاقتصادي المبني على التنويع والاستدامة، سيوفر ذلك المزيد من الفرص للتعاون الاقتصادي بين الطرفين في مختلف المجالات التي تتراوح من التكنولوجيا الخضراء إلى البحث والابتكار والرعاية الصحية، والذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل الرقمية (بلوك تشين)، والخدمات المالية - التكنولوجيا المالية، وما إلى ذلك، في عدد من هذه المجالات الاستراتيجية، ويعتبر الاتحاد الأوروبي أهم مورد للمنتجات والخدمات إلى الإمارات.
وكذلك يوفر «الحوار حول مشروع التنويع الاقتصادي» الذي يموله الاتحاد الأوروبي حالياً منصة ممتازة لتبادل أفضل الممارسات وتحديد المجالات الجديدة ذات المنفعة المتبادلة للتعاون الاقتصادي بين الجانبين.

نمو قوي

وعن قيمة التبادل التجاري بين التكتلين العالميين، (دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي)؛ قال فونتانا: بلغ إجمالي تجارة الاتحاد الأوروبي مع دول مجلس التعاون الخليج 546 مليار درهم «121 مليار يورو»، حيث شكلت الإمارات أكثر من 30% من القيمة الإجمالية، وأكبر سوق لصادرات الاتحاد الأوروبي في دول مجلس التعاون الخليجي. وشهدت التجارة بين التكتلين نمواً مطرداً على مر السنين، وما زلنا ملتزمين بتعزيزها بشكل أكبر في ضوء الطلب على المنتجات عالية الجودة.
وفي عام 2019، كانت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الإمارات متنوعة، وتركزت على المنتجات الصناعية، (27.4 مليار يورو تمثل 91.1% من الإجمالي)، مثل محطات توليد الطاقة وقاطرات السكك الحديدية، والطائرات، إضافة إلى الآلات الكهربائية والأجهزة الميكانيكية. وتمثل حصة الآلات ومعدات النقل (13 مليار يورو 43.7%)، ومعدات النقل (5 مليارات يورو 17%)، الفئات الرئيسية للمنتجات المصدرة، ومن البديهي رؤية السيارات والطائرات الأوروبية على الطرق، وفي الأجواء الإماراتية، ما يدل على تقدير الحلول التكنولوجية الأوروبية وقدرتها على التصميم.
وفي الوقت نفسه، استورد الاتحاد الأوروبي الوقود ومنتجات التعدين من دولة الإمارات بقيمة إجمالية (4.2 مليار يورو 58% من إجمالي الواردات)، منها البترول والمنتجات البترولية بنسبة 39% (3 مليارات يورو).

45 اتفاقية تجارية تفضيلية في مواجهة الآثار السلبية لوباء «كوفيد-19»

وعن المفاوضات والاتفاقيات التي يسعى الجانبان إلى إبرامها، قال السفير فونتانا: يتفاوض الاتحاد الأوروبي ويفرض اتفاقيات تجارية مع دول ثالثة نيابة عن الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة.
وتساعد شبكتنا المكونة من 45 اتفاقية تجارية تفضيلية في مواجهة الآثار السلبية لوباء «كوفيد-19» والتخفيف من حدتها من خلال دفع أداء الصادرات، وبناء المرونة، وتنويع سلاسل التوريد. وفي الوقت الحالي، لا يوجد لدى الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارة ثنائية مع الإمارات، ونظراً لأن دولة الإمارات جزء من الاتحاد الجمركي (مجلس التعاون الخليجي)، فإن المفاوضات بشأن الاتفاقيات التجارية لا يمكن أن تحدث إلا على المستوى الإقليمي، (أي بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي). واستمرت المفاوضات لإبرام اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي عدة سنوات لكنها توقفت في عام 2018، ويمكن أن يسهم استئنافها بشكل إيجابي في التعافي الاقتصادي.
وتتم مناقشة قضايا تجارية محددة مع الإمارات في إطار حوار التجارة والاستثمار بين الاتحاد الأوروبي، ودول مجلس التعاون الخليجي (TID) الذي تم إطلاقه في عام 2017، وكذلك في إطار اتفاقية التعاون بين الاتحاد الأوروبي والإمارات. لقد أتاحت هذه المنتديات الثنائية فرصاً للتعمق أكثر مع دولة الإمارات في الموضوعات المهمة المتعلقة بالتجارة أكثر من مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

فيروس كورونا

وعن تأثير جائحة «كورونا» في الاقتصاد العالمي والأوروبي بشكل خاص؛ قال فونتانا: كان للوباء تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي. وبطبيعة الحال، لم يكن الاتحاد الأوروبي محصناً. ففي الربع الثاني من عام 2020، انخفض الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسمياً بنسبة 12.1% في منطقة اليورو، وبنسبة 11.9% في الاتحاد الأوروبي، مقارنة بالربع السابق، وفقاً ل«Eurostat» المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي. ومن أجل إصلاح الضرر الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن الوباء، وضع الاتحاد الأوروبي خطة انتعاش من شأنها أن تفتح الطريق للخروج من الأزمة الحالية وتضع الأسس الصحيحة لنموذج اقتصادي جديد. وكانت الأداة الرئيسية للتعافي هي برنامج الاتحاد الأوروبي للجيل القادم، والذي يهدف إلى التخفيف من الأثر الاقتصادي والاجتماعي للوباء، وجعل الاقتصادات والمجتمعات الأوروبية أكثر استدامة ومرونة، وأكثر استعداداً لتحديات وفرص التحولات الخضراء، والرقمية.
وفي هذا البرنامج، سيساعد إجمالي 1.8 تريليون يورو في إعادة بناء أوروبا بعد «COVID-19»، وسيوفر التعافي الأخضر فرصاً متعددة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع دولة الإمارات في مختلف القطاعات، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الرقمية، والبحث والابتكار والعلوم الصحية، ومكافحة تغير المناخ.
ومنذ بداية الوباء، قمنا بالتنسيق الوثيق مع السلطات الرسمية في الإمارات وشركات الطيران الإماراتية بشأن قيود السفر، وتعتبر الإمارات مركزاً رئيسياً للنقل من، وإلى أوروبا، وأدى هذا التعاون إلى إعادة ناجحة لآلاف الأوروبيين الذين تقطعت بهم السبل عندما بدأت الدول في بتطبيق القيود.
وفي الوقت الحالي، لا يزال هناك العديد من القيود حيث لا يزال الوضع الوبائي مصدر قلق في العديد من البلدان. فعلى مستوى الاتحاد الأوروبي؛ يتم فحص الوضع الوبائي بشكل منهجي، مع معايير متفق عليها، قبل أن تبدأ الدول الأعضاء برفع قيودها على السفر غير الضروري. وهي عملية تدريجية تعتمد في النهاية على تطور الوباء.

تأجيل «إكسبو 2020» أكد فونتانا أن تأجيل معرض «إكسبو 2020 دبي» لمدة عام واحد، كان قراراً منطقياً، ومفهوماً. وسيوفر التأجيل أيضاً فرصة للتعلم من بعضنا بعضاً حول كيفية استجابتنا للتحديات التي يفرضها الوباء لبناء مستقبل أكثر مرونة وشمولية. ويعتزم الاتحاد الأوروبي الاستفادة من هذا الوقت بشكل جيد مع التركيز على تقديم أنشطتنا في تطوير شراكات بناءة مع منظمي المعرض. ويتطلع الاتحاد الأوروبي إلى المشاركة في معرض «إكسبو 2020»، ونحن نشارك بالفعل في الأنشطة الافتراضية لهذا العام. إنها فرصة لا تقدر بثمن لتعزيز حوارنا الثقافي مع الإمارات والشركاء الآخرين عبر العديد من المجالات والقطاعات المتنوعة، وهي تشكل محادثة عالمية لإيجاد حلول للتحديات التي تواجه البشرية، وكوكبنا، وفرصة مناسبة لجميع المشاركين.

تعاون في القضايا الضريبية

أوضح فونتانا أن الاتحاد الأوروبي يتبادل الأفكار مع الإمارات بشأن مسائل الحوكمة الضريبية، ونحن نقدم المشورة بانتظام بشأن التشريعات الضريبية، والامتثال لمعايير الاتحاد الأوروبي. وعلى سبيل المثال، في الماضي القريب، كان لدى الاتحاد الأوروبي والإمارات عدد من التبادلات والمشورات حول العديد من القضايا الضريبية، وتحويل الأرباح في دولة الإمارات،الأمر الذي ساهم في اعتماد لوائح اقتصادية جديدة أدخلت دولة الإمارات إلى عصر جديد. وتتطلب اللوائح الجديدة من جميع الكيانات الإماراتية الامتثال للإطار الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية / مجموعة العشرين، والتأكد من الكيانات التي تُجرى فيها الأنشطة الاقتصادية الفعلية، ويتم إنشاء القيمة بناء على الأرباح الفعلية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"