ضحك النجوم من الذقون

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

 

هل أنت مثلي منزعج من تصرفات النجوم والكواكب؟ بصراحة، جاوز الطيش المدى. انتهى العام والمنجمون مستمرون. دعك من عطارد، زحل، الزهرة، فهذه تعلمت من كوكبنا الاهتمام بالسفاسف، الأنكى هو تلك المجموعات الكبرى من المجرّات المنشغلة بأخبار الفنانين العرب. بلدان كاملة في مهب الأعاصير، وهمّ النجوم في أخبار الطرب.
عنقود العذراء مثلاً، هو من أكبر تجمعات المجرات، يضم ما بين 1300 و2000 مجرة. على مسافة 65 مليون سنة ضوئية، تصور 650 مليار مليار كيلومتر. 650 وإلى جانبها 18 صفراً. بدلاً من السؤال: كيف استطاعت تلك العملاقة الكونية أن ترى تفاصيل ما سيحدث للفنانين العرب، تخيل نفسك قادراً على رؤية تفاحة على مسافة مليون كيلومتر؛ بل إنك تبصر واحداً من المليون من حبة رمل على تلك التفاحة. حقيقة المقاييس أصغر تحتاج إلى أستاذ في الرياضيات.
لماذا يكرر القلم هذه الحملات كل عام؟ السبب أيضاً أعاده مراراً. لو كان للعالم العربي المئات من مراكز البحث العلمي، ومستوى أمّية لا يتجاوز 10%، وفضائيات واعية تربوية نهضوية، لكان الأمر هيناً. أما في العالم العربي فمشاهد الترويج للخرافات في الحياة العامة، لا يحصيها الحاسوب العملاق. يقول المثل: «أحشفاً وسوء كيلة»؟ 
هؤلاء المنجمون يضحكون من ذقون مشاهدي برامج الأساطير، ويستغلون خرس الأجرام السماوية. هم يصورون النجوم ككائنات عاقلة أعلم بأدق التفاصيل على الأرض من أهل الأرض أنفسهم. ههنا يختلط الحابل بالنابل، فالنجم يعلم ما لا يعلم الشخص عن يومه وغده، وهو أدرى من كل سلطات الدول بشؤون بلدانها، لكن النجوم باحت بعلومها للمنجم، الذي لا تربطه لغة مشتركة بالأجرام السماوية، فهو يدعي أنها توحي إليه وتُلهمه، وإلا فكيف عرف وعلم وكشف ما لا يعلم أحد غيره على الفضائيات؟ تلك الخزعبلات لا أهمية لها لو كان للعرب ألف مجلة علمية، وبرامج تلفزيونية وإذاعية في كل العلوم والتقانات، ونوادٍ علمية في كل الأحياء، عندئذ يضحك الناس في تسلية وترفيه. 
أما والحال هذه، فالعرب لا يعرفون حتى كيف يضمنون مواقعهم على الأرض، ولا شك في أنهم قنعوا بما دون النجوم، إلا من رحم ربك.
لزوم ما يلزم: النتيجة السلبية: عندما تصبح الخرافات التخديرية ترفيهاً تلفزيونياً، فعلى الإعلام أن يعيد النظر في مفاهيمه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"