صورة لا تعرفها عن النجاح

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

 

بعض الناس قد يبذل جهده وطاقته لتجاوز تحدٍّ يمر به، لكنه عندما يوفّق ويحقق غايته يتوقف، ويعتبر أنه قد وصل إلى القمة، ولا حاجة للمزيد من الجهد. يمكن ملاحظة مثل هذه الحالة لدى الطالبات والطلاب، وأيضاً لها ملامح في بيئات العمل والوظائف؛ حيث تجد الطالب يجدّ ويجتهد؛ لتجاوز اختبار ما، أو لتحقيق درجة تؤهله لدخول كلية أو جامعة مرموقة أو تخصص علمي له متطلبات من الدرجات، ولتحقيق هذه الغاية يجدّ ويجتهد ويستذكر، وعندما يتحصل على تلك الدرجات، ويحقق هدفه ويلتحق بالمجال الذي حدده، يعود مقياس الحماس والجدية إلى الانخفاض، وكأنه قد حقق هدفه النهائي. والواقع يقول إن عليه الاستمرار في مثل هذا الحماس، حتى في المرحلة التي وصلها، بل هي مرحلة قد تحتاج لجهد أكبر وطاقة أعلى.
الحال نفسه قد تجده في بيئة العمل لموظف يبذل جهده لابتكار طريقة تسهل مهام العمل وتنهي معاملات الناس في وقت قياسي، وعندما يحقق هذه الغاية يتوقف عن تقديمه لمديره المباشر، أو يتوقف عن التطوير وتدريب الآخرين من زملائه على إدارة هذا البرنامج. وهكذا نكتشف أن النجاحات ليست كاملة أو نهائية بل هي جزئية، يمكن البناء عليها والاستمرار فيها، بل إنها قد تحتاج لهذه الحيوية والاستمرار. البروفيسور الأمريكي فرانسيس سيلرز كولينز، ‏عالم الوراثة الطبية، الذي اشتهر باكتشاف الجينات المرتبطة بأمراض وراثية متنوعة، والذي كان له دور قيادي في مشروع الجينوم البشري، ويعمل مديراً لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية، قال: «النجاح لا يأتي إليك، بل أنت من يجب عليك مطاردته». هذه المطاردة تحتاج للياقة المعرفية والاستعداد النفسي والعلمي، هذه المطاردة تعني الاستمرار والحيوية والتنبه.
 هناك قصة استمعت لها تحكي عن تحقيق النجاح بنفس قصير وحماس متدنٍّ، وهي عن رجل أنهى دراسته الجامعية في تخصص الكيمياء الحيوية بامتياز وتفوق على جميع أقرانه، لكنه توقف وتوجه للوظيفة، متخلياً عن العروض لإكمال دراساته العليا، بينما زميل له تخرج معه لم يكن تقديره العلمي يتجاوز الجيد، لكنه واصل شغفه بالكيمياء الحيوية، حتى حصل على درجة الأستاذية، وأصبح رئيس القسم في الجامعة، فضلاً عن مبتكراته الملهمة، وهكذا تظهر لنا صورة حقيقية وشديدة الوضوح عن النجاح، وهي أنه لا قيمة له دون الشغف، دون الاستمرار، دون البناء عليه والتطوير.. الناجح الحقيقي هو من يدرك هذه الحقيقة.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"