في تكامل مكتبة الطفل

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

 

أين يكمن الخطأ التربوي إزاء الصغار منذ المهد؟ هذا تجاوزته البلدان المتقدمة. خطأ النظر إلى الطفل ككائن قاصر الذهن، محدود الإدراك، فيجب انتظار سن الرشد لإيصال الرسائل إليه.
منذ سنوات فاجأت دور نشر كتب الأطفال الأوروبية، بمطبوعات جذابة لسن الخامسة، تعلّم الصبيان الفيزياء، الكيمياء، الأحياء، التقانة، الصناعات...ثم جاءت مواقع على الشبكة، أهمها عمل مشترك بين فنلندا وسنغافورة، يقدم ألعاباً حاسوبية لأبناء الخامسة، اللعب فيها بعناصر جدول مندليف للكيمياء.
بعد هذا لم يعد في الإمكان الإتيان بالعجب العجاب. لكن الأسس المتينة وضعت من قبل دار «جاليمار» الأولى في فرنسا، فتحت آفاقاً رائعة للطفل قبل عقدين. عهدت إلى مستشرقين كبار بترجمة مختصرة مبسطة لخمسين عملاً أدبياً من أعظم ما أبدعه الشرق. السخرية هي أنه من النادر العثور على مثقف أحاط بكل تلك البدائع الخمسين. بالمناسبة:دار «جاليمار» تمتاز بعدم نشر النصوص الهزيلة أو التي بها أخطاء لغوية. عسى أن تنهج دور النشر العربية هذا المسلك وتجعله مبدأ ثابتاً.
الجديد في كتاب الطفل الفرنسي، خمسة كتيبات،كلها عن الشعر:«هايكو» للأطفال، حتى لا يظل الكبار وحدهم يستمتعون بهذا الشكل الشعري الياباني، الذي يمكن أن يشبه الرباعيات والخماسيات والسداسيات. الشعراء العرب تجاربهم صفر أوشبه صفر في إبداع نصوص للصغار في الأشكال المعاصرة كشعر التفعيلة وقصيدة النثر. ربما يكبر في نفوسهم «ارتكاب» الإبداع الموجّه. لعلهم يرونه انحرافاً عن الإبداع.
مجموعة شعرية أخرى، أو أنطولوجيا، من الكلاسيكيات للمهد. قياساً عليها عربيّاً تكون المختارات من كل قرون شعرنا الكلاسيكي، من الجاهلية والعصور الإسلامية إلى شوقي. يقول الفيلسوف التربوي الفرنسي آلن:«أسمعوه شعر بودلير وموسيقى بيتهوفن في المهد»، فأسمعوا الرضيع العربي المتنبي وحافظ إبراهيم في المهد ودعاء الشرق لمحمد عبدالوهاب. ملكة اللغة سمعية، لأن اللغة مخارج أصوات وهذه موسيقى، أي أن استئناسها في السمع يبعث الألفة وينشأ تالياً النطق السليم. ألم يكن أهل الحضر في الجاهلية على علم تام بأسرار الملكة اللغوية، حين كانوا يرسلون صغارهم إلى البادية ليكون اللسان في أحسن تقويم؟
 لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: الإحساس بجمال اللغة يجب أن ينمو في ذوق الصغير قبل موعد تعلم القواعد النحوية والصرفية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"