ترامب والمناورات الأخيرة

00:58 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد السعيد إدريس

كشفت أحداث هذا الأسبوع، وتحديداً ماحدث الأربعاء، ومحاولة اقتحام جلسة الكونجرس للتصويت على نتائج الانتخابات الرئاسية،وماتبعه من اشتباكات بين مؤيدي ترامب والشرطة ، كم هي التحديات التي باتت تواجه النظام السياسي الأمريكي كله، وليس فقط إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن. فالانقسامات والتصدعات السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فاقت كل التوقعات. فالحزب الجمهوري يواجه مخاطر التفكك إذا ما استمر الرئيس المنتهية ولايته في قيادة مشروع رفضه نتائج الانتخابات، رغم تصريحه بأن الولايات المتحدة  ستشهد انتقال سلس للسلطة في 20 يناير.

تداعيات تلك الصراعات خاصة ظهور ممارسات تنافسية بين بعض الولايات، دفعت مراقبين للتساؤل عن مدى إمكانية صمود الولايات المتحدة كدولة موحدة، وهل يمكن أن تواجه خطر الانفراط والتفكك؟

طرح مثل هذا السؤال لم يخطر على بال أحد سابقاً، لكن جرى تفجيره بصخب على لسان إلين ويست، رئيس الحزب الجمهوري في ولاية تكساس، الذي أخذ السبق في طرح سيناريو «التفكك والانفراط الأمريكي»، بعد أن رفضت المحكمة الاتحادية العليا القضية التي رفعها المدعي العام في ولاية تكساس يطالب فيها بإبطال نتائج الانتخابات الرئاسية في أربع ولايات توصف عادة ب«المتأرجحة» (ويسكونسن وميتشجن وجورجيا وبنسيلفانيا)، فقد هدد ويست بأن قرار المحكمة العليا «ربما يؤدي إلى تفكك الولايات المتحدة»، وأضاف أن هذا القرار «ستكون له تداعيات بعيدة».

المخاوف على الولايات المتحدة أخذت تمتد إلى صراعات بين المكونات السياسية والاجتماعية لكثير من الولايات، وأمامنا الآن نموذج صارخ يمكن تسميته ب«نموذج جورجيا».

فهذه الولاية امتلكت مفاتيح مستقبل الحكم والسياسة في الولايات المتحدة بعد أن  فاز مرشحا الحزب الديمقراطي بالمقعدين المخصصين لهذه الولاية في مجلس الشيوخ حيث سيكون أمام الرئيس بايدن أن يحكم خلال العامين المقبلين على النحو الذي يريد، دون أية عراقيل من الجمهوريين داخل مجلس الشيوخ. 

على الرغم من ذلك يبقى السؤال المهم هو: هل سيكون بمقدور الجمهوريين القيام بدور «المعارضة الصعبة والمتماسكة» أمام الرئيس بايدن ؟

 على الرغم من ذلك هناك مجال للتشكيك  من الآن  في قدرة الجمهوريين على التوحد والتكتل داخل الكونجرس بعد كل ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية. فيوم الأربعاء الماضي كان بجدارة «يوم الصراع الصعب» الذي يخوضه الرئيس دونالد ترامب لمنع تمكين الرئيس بايدن من الفوز بالرئاسة، أو على الأقل لعرقلة حدوث انتقال سلمي للسلطة، حيث صعّد المواجهة ضد الديمقراطيين والرئيس بايدن على مستويين؛ الأول داخل الكونجرس والآخر في الشارع بدفع أنصاره للتظاهر بصخب وكثافة، رفضاً لإعلان فوز بايدن رئيساً. 

حسب ال«سي إن إن»، كان هناك 140 عضواً في مجلس النواب أعلنوا جاهزيتهم لرفض نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أقرها «المجمع الانتخابي»، وأن عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين يرفضون أيضاً هذه النتيجة وفي مقدمتهم السيناتور تيد كروز الذي أعلن ، أنه سيكون ضمن كتلة من نحو 12 عضواً في مجلس الشيوخ تعترض على فوز بايدن. ربما يكون الهدف من هذه الخطوة، هو الإساءة فقط إلى فوز بايدن، لكن الأهم هو أن هذا التصويت يزيد من تأكيد انقسام الجمهوريين.

في الوقت ذاته، اندفعت تظاهرات صاخبة من جانب المنظمات اليمينية الداعمة للرئيس ترامب في نيويورك وواشنطن لتكشف مدى التوتر والحرج الذي يمكن أن يعيشه الجمهوريون بسبب انقسامهم حول هذه التظاهرات، هذا الانقسام يمكن أن يتفاقم في ظل تطورات جديدة أخذت تفرض نفسها وفي مقدمتها إعلان 170 من رؤساء شركات أمريكية، تأييدهم لفوز بايدن وتحذير 10 من وزراء الدفاع الأمريكيين السابقين،  من خطر الزج بالجيش في صراع الانتخابات. وجاءت فضيحة ترامب الأخيرة مع براد رافينسبرج سكرتير ولاية جورجيا لإجباره على تغيير نتائج الانتخابات في الولاية بإضافة 11780 صوتاً لصالحه، ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقاطع من تهديدات ترامب لرافينسبرج لتفاقم مأزق وحرج الجمهوريين وعلى الأخص في ولاية جورجيا، بعد أن رفع الديمقراطيون داخل مجلس الشيوخ، والنواب، مطالبهم بمحاكمته جنائياً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"