العلماء والمسؤولية التربويّة

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تقف مسؤوليات النخب العلمية العربية عند حدود الواجبات الوظيفية؟ هكذا هي الحقيقة، للأسف. أغلب الظن أن العلماء وأساتذة العلوم العرب، يرون عيباً أن يزوروا مدارس ابتدائية، أن يلتقوا أطفالاً مباشرة في الفضائيات والنوادي. يبدو لهم ذلك انتقاصاً من قدرهم، فالصغار يكفيهم معلّم المدرسة.
في الغرب تجري رياح تبسيط العلوم بما يشتهي حب الاطلاع لدى الأطفال. مشاهير العلماء هناك نجوم في وسائط الإعلام، وهم لا يتذرعون ولا يتمنعون. مشاغلهم عدد شعر الرأس، ولكنهم لا يرفضون دعوة لنشر العلوم. هم يرون الرد على أسئلة الصغار فخراً. أليس رائعاً أن يجد الصغير نفسه في حضرة عالم فيزياء فلكية، قمة في الرياضيات، في علم الأحياء؟ يتشرف بتوقيعه ويلتقط معه صورة. سيعود إلى البيت وهو أينشتاين، باستور.. مأساة أن يكون الصغار غرباء في دنيا العلوم. اسأل ألف شخص، من المستنيرين، لا تسأل البقال والفوّال والحمّال، بل اسأل الكتّاب والنوّاب، ونخب الفنون والآداب: اذكر لي من الأربعمئة مليون عربي، ثلاثة علماء فيزياء، عالمين اثنين في الرياضيات، عالماً واحداً في البيولوجيا، لكن، من العرب الذين لم يهاجروا، لم يفروا إلى الدول المتقدمة، طلباً للحظوة بالانضمام إلى مراكز البحث العلمي. لقد قالها الراحل الكبير الدكتور أحمد زويل: «لو لم أهاجر، لكان أقصى آمالي أن أصبح أستاذاً جامعياً في الكيمياء».
الاستطراد هنا أهمّ من جوهر الموضوع، فعدم الاستثمار في البحث العلمي يكشف لفيفاً من دلائل التخلف: عدم تطوير المناهج، عدم توافقها مع العصر، عدم ربطها بالتنمية في البلدان المتعثرة تنموياً، ضعف الحسابات الاقتصادية والمالية، لأن عائدات الاستثمار في البحث العلمي قد تجعل النمو الاقتصادي يحلّق في أعلى الذرى. الاستقصاء في هذا الموضوع يحتاج إلى أعمدة.
عود على بدء. على العلماء وأساتذة العلوم الكبار أن يغيروا نظرتهم إلى المسؤولية التربويّة، فبعد جيل سيكون الأطفال في قمرة القيادة، فإذا لم يجد التحدي الاستجابة بالكفاءات والمواهب، فتلك الخيبة الحضارية الكبرى. العلوم أسلحة المستقبل، أمنه الغذائي، سيادته، حضوره، وفرض وجوده. العلوم ستكون القلاع والحصون. يومئذ سيدرك العرب معنى: «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون». طبقية علمية؟ أجل، طبقية علمية بين سادة العصر والذين لا سيادة لهم.
لزوم ما يلزم: النتيجة النسبية: الصغير ليس صغيراً، إلاّ إذا صار الكبار صغاراً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"