عادي

الفيتامينات والمكملات الغذائية.. أوهام وحقائق وأكاذيب

20:13 مساء
قراءة 6 دقائق
1

أصبحت الفيتامينات والمكملات الغذائية أكثر شيوعاً اليوم مما كانت عليه في أي وقت مضى. لكن هل هي مفيدة إلى هذه الدرجة؟ دعونا نتناول في هذا المقال الحقائق والأكاذيب عن المكملات وسوء الفهم عن المعادن الغذائية.
يعد قطاع صناعة المكملات الغذائية ضخماً للغاية، ففي عام 2016 حقق القطاع العالمي ما يقدر بنحو 132.8 مليار دولار، وبحلول عام 2022، يتوقع بعض الخبراء أن يتجاوز هذا الرقم حاجز الـ 220 مليار دولار.

وفقاً للدراسة الاستقصائية الوطنية لفحص الصحة والتغذية بين عامي 2011-2012، أفاد 52% من البالغين في الولايات المتحدة أنهم يستخدمون نوعاً من المكملات، في حين أن ما يقرب من 1 من كل 3 أشخاص (31%) يتناولون الفيتامينات المتعددة.
ومن المفهوم أن الناس يريدون أن يكونوا أصحاء وخاليين من الأمراض، وفي حال أن تناول حبة غير مكلفة نسبياً كل يوم يزيد من فرصهم للعيش حياة صحية وطويلة، فليس من المستغرب أن تكون المكملات الغذائية شائعة.
وعندما تقترن الرغبة في العيش بشكل جيد بحملة تسويقية مملوءة بالأجسام المتناسقة والابتسامات المثالية، فإن المكملات الغذائية تختفي من على الرفوف.
وقبل أن نواصل، من المهم ملاحظة أن المكملات الغذائية مهمة لبعض الناس، فعلى سبيل المثال تنصح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الإناث في سن الإنجاب بتناول مكملات حمض الفوليك. وبالمثل، وبالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في الأجواء الباردة، يعتبر فيتامين «د» مكملاً مهماً، خاصة خلال الأشهر المظلمة التي لا تشرق فيها الشمس. وإذا طلب منك طبيبك تناول مكمل من أي نوع، فمن المهم استخدامه بحسب الاستشارة.
وبشكل عام، بالنسبة للبالغين الذين لا يعانون مشاكل صحية والذين يتبعون نظاماً غذائياً متوازناً، فإن الغالبية العظمى من المكملات الغذائية غير ضرورية. ونظراً لأن هذه المنتجات تقع عند تقاطع العلم والتسويق، فليس من المستغرب وجود بعض المفاهيم الخاطئة حول فوائدها، نذكر منها التالي:
* الاعتقاد بأن المزيد يعني الأفضل:
عندما يتعلق الأمر بالفيتامينات، فالكثير لا يعني دائماً الأفضل. وفي الواقع، قد يكون المزيد في بعض الأحيان خطيراً. ونظراً لأن مكملات الفيتامينات والمعادن متوفرة من دون الحاجة إلى وصفة طبية، قد يعتقد الناس بأن تناولها آمن بغض النظر عن الجرعة. ومع ذلك، فإن الجرعات الكبيرة من بعض الفيتامينات، يمكن أن تعرقل عمل أجهزة الجسم المضبوطة بدقة. ووفقاً لجمعية السرطان الأمريكية، فإن تناول جرعات كبيرة من فيتامين «سي»، يمكن أن يتداخل مع قدرة الجسم على امتصاص النحاس، وهو معدن يحتاج إليه الجسم. بالإضافة إلى أن تناول الكثير من الفسفور يثبط عملية امتصاص الجسم للكالسيوم. كما أن الجسم لا يستطيع التخلص من الجرعات الكبيرة من الفيتامينات «أ» و«د» و«كيه»، ويمكن أن تصل هذه الجرعات إلى مستويات سامة عند تناول الكثير منها.
وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تناول الكثير من فيتامين «سي» أو الكالسيوم إلى الإسهال وآلام المعدة. كما يمكن أن يؤدي تناول الكثير من فيتامين «د» على فترات طويلة إلى تراكم الكالسيوم في الجسم، وهو ما يسمى بفرط كالسيوم الدم. ويمكن أن يؤدي فرط كالسيوم الدم إلى إضعاف العظام وتلف القلب والكليتين.
* الاعتقاد بأن كلمة «طبيعي» على غلاف العلبة تعني أنه آمن:
للأسف، فإن مصطلح «طبيعي» لا معنى له إلى حد ما فيما يتعلق بسلامة أو فاعلية المكملات. ولتقديم مثال على ذلك، فإن السيانيد مركب طبيعي ينتجه نبات السرخس. وبالطبع نحن هنا لا نقول إن أي مكملات تحتوي على السيانيد. وبعض المركبات النباتية لها خصائص طبية، ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك. فعلى سبيل المثال، تعتبر جذور الهندباء مليناً، في حين أن أوراقها مدرة للبول.
كما أن هناك تساؤلات حول عامل التخفيف في المكملات: أي ما مقدار المركب النباتي المتبقي في المنتج النهائي؟ قد يكون أثره ضئيلاً أو قد يكون المستخلص شديد التركيز.
* الظن بأن تناول المكملات مع الأدوية آمن:
كما ذكرنا سابقاً، ونظراً لأن المكملات لا تحتاج إلى وصفة طبية، ويدعي الكثير منها أنها «طبيعية»، فهناك اعتقاد خاطئ واسع الانتشار بأنها لن تتفاعل مع الأدوية الموصوفة. وفي الواقع، تحتوي العديد من هذه المنتجات على مكونات نشطة قد تتداخل مع أدوية أخرى. لذلك، قد تعزز المكملات أو تقلل من تأثير الأدوية.
وفي مراجعة أجريت في عام 2012، تحقق الباحثون في «التفاعلات الدوائية وموانع الاستعمال المرتبطة بالأعشاب والمكملات الغذائية»، وتوصلوا إلى وجود ما لا يقل عن 1491 تفاعلاً مختلفاً بين المكملات والأعشاب والأدوية. وعلى وجه الخصوص، كان للمكملات الغذائية التي تحتوي على المغنيسيوم ونبتة سانت جون والحديد والكالسيوم والجنكو أكبر عدد من التفاعلات.
كما أن غالبية الأشخاص الذين يتناولون المكملات العشبية أو الغذائية لا يناقشون هذا الاستخدام مع أطبائهم، مما يزيد من المشاكل المحتملة.
* الاعتقاد بأن المكملات والمعادن تحمي القلب:
فكرة أن تناول المكملات والمعادن الغذائية ستحمي القلب، هو أمر يبعث على الطمأنينة، ومع ذلك، لم تجد مراجعة واسعة نشرت في عام 2018، أي فائدة كبيرة من ذلك. واستنتج المؤلفون: «بشكل عام، لا تظهر البيانات المتعلقة بالمكملات الغذائية الشائعة (الفيتامينات المتعددة وفيتامين د والكالسيوم وفيتامين سي) أي فائدة للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية أو احتشاء عضلة القلب أو السكتة الدماغية».
وعلى الرغم من أن الباحثين وجدوا أن «حمض الفوليك وفيتامين ب 6 وب 12، قد تقلل من احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية»، إلا أن تأثيرها كان صغيراً.
* الظن بأن تناول فيتامين «سي» يمنع الإصابة بالزكام:
على الرغم من أن المعرفة العامة التي تشير إلى منافع الفيتامين سي، إلا أن الدلائل المتعلقة بأنه يمنع الإصابة بالزكام ضعيفة. وعلى سبيل المثال، قامت مراجعة أجرتها مؤسسة كوكرين في عام 2013 بالغوص في الأدلة الموجودة. وكان هدف المؤلفين هو معرفة ما إذا كان فيتامين سي يقلل من حدوث نزلات البرد أو مدتها أو شدتها عند استخدامها إما كمكملات غذائية منتظمة أو كعلاج في بداية أعراض البرد.
ووجد العلماء أن مكملات فيتامين «سي» لا تمنع نزلات البرد لدى عامة الناس. ومع ذلك، استنتجوا أنه يقلل من شدة الأعراض ومدة المرض. وخلصوا أيضاً إلى أنه قد يكون مفيداً للأشخاص الذين يمارسون التمارين البدنية الشديدة مثل عدائي الماراثون.
* الاعتقاد بأن فيتامين «د» يقي من السرطان:
أجرى العلماء عدداً كبيراً من الدراسات للتحقق مما إذا كان فيتامين «د» قد يساعد في التخفيف من أو علاج السرطان. وعلى الرغم من الأبحاث العديدة، لا يوجد حتى الآن إجماع حول ما إذا كان لفيتامين د تأثير مفيد مضاد للسرطان.
وفي عام 2018، قامت دراسة عشوائية شملت أكثر من 25 ألف مشارك بالتحقق من فاعلية مكملات فيتامين د ومخاطر الإصابة بالسرطان. ووجد الباحثون أن هذه المكملات لم تؤد إلى انخفاض معدل الإصابة بالسرطان أو الأمراض القلبية الوعائية بالمقارنة مع الدواء الوهمي.
* الظن بأن البروبيوتيك والبريبايوتكس مفيدة لكل شيء:
خلال السنوات الأخيرة، ظهرت مجموعة مذهلة من المنتجات التي تدعي تحسين صحة الأمعاء وعدد لا يحصى من المشاكل الأخرى، وشهدنا على وجه الخصوص البروبيوتيك والبريبايوتكس.
والبروبيوتيك هي الأطعمة أو المكملات الغذائية التي تحتوي على كائنات دقيقة في حين أن البريبايوتكس هي أطعمة أو مكملات تحتوي على مركبات مصممة لتعزيز بكتيريا الأمعاء. وليس هناك شك في أن بكتيريا الأمعاء ضرورية لتعزيز الصحة، إلا أن علم الميكروبيوم لا يزال حديثاً نسبياً.
وأثبت العلماء أن البروبيوتيك قد تساعد في العديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك الحد من الإسهال المرتبط بتناول بعض المضادات الحيوية وتخفيف بعض أعراض متلازمة القولون العصبي. ومع ذلك، هناك القليل من الأدلة على أن تناول البروبيوتيك أو البريبايوتكس يمكن أن يفيد الصحة العامة.

مضادات الأكسدة
مضادات الأكسدة هي مركبات تمنع الأكسدة، وتشمل فيتامين «سي» وفيتامين «أي» والسيلينيوم والكاروتينات مثل بيتا كاروتين.
وبشكل عام، فإن الفواكه والخضراوات غنية بمضادات الأكسدة، ونظراً لأن هذه الأطعمة مهمة للصحة الجيدة، يبدو أن الافتراض الآمن بأن مضادات الأكسدة، قد تكون أحد الأسباب التي تجعلها جيدة جداً بالنسبة لنا. إلا أن ذلك لا يتوافق مع ما توصل إليه بحث للمركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية حيث قال: «أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتناولون المزيد من الخضر والفواكه لديهم مخاطر أقل للإصابة بعدة أمراض. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه النتائج مرتبطة بكمية مضادات الأكسدة الموجودة في الخضر والفواكه، أو بمكونات أخرى في هذه الأطعمة، أو بعوامل أخرى في النظام الغذائي للأشخاص، أو بخيارات نمط الحياة الأخرى».
كما لاحظ البحث أن الدراسات الشاملة قد بحثت فيما إذا كانت المكملات المضادة للأكسدة يمكن أن تساعد في الوقاية من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وإعتام عدسة العين، ولكن في معظم الحالات، لم تقلل مضادات الأكسدة من مخاطر الإصابة بهذه الأمراض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"