بعيداً عن «الإيغو»

22:31 مساء
قراءة دقيقتين


لا يمكن لأحد أن يخفي حجم التحديات الضخمة التي فرضتها جائحة «كورونا» على اقتصاد الإمارات وقطاع الأعمال بمختلف أنشطته، بحيث يصعب أن تجد مؤسسة سواء كانت حكومية أو خاصة لم تتعرض إلى ضغوط مالية أو تسويقية أو خدمية.
دفعت الجائحة الجميع إلى البحث عن وسائل أو معادلات لخفض حجم النفقات، ليتمكنوا من البقاء أو الحفاظ على حد أدنى من الأرباح، وشمل ذلك الاستغناء عن موظفين لتحقيق الاستمرارية.
مشكلة كثير من الشركات في الإمارات، وهي مشكلة تمتد لعقود، أنها تسعى للعمل بشكل منفرد ولا تؤمن كثيراً بالتحالفات، وتحاول دائماً الدفاع عن أعمالها وحدها، وهي تدرك أنها تخوض معركة صعبة نظراً لطبيعة أداء الأسواق في فترات الركود أو الأزمات، دون أن تنظر إلى مد يدها لمنافسها للعمل أو التحالف معه عبر دمج أعمالهما لبناء كيان أكبر قادر على الصمود والنجاح.
السبب في هذه الثقافة «الفردية» إما أنه يعود إلى ما يطلق عليه «الإيغو» (الأنا)، أو الاعتزاز الزائد بالنفس، والإصرار على النجاح بدون تحالفات، أو بسبب التفكير القصير الأجل وغياب ثقافة العمل الجماعي، أو كل هذه العوامل مجتمعة، وإذا ما اضطرت إلى توحيد الأعمال فيكون الأمر عادة مفروضاً من الحكومة المالكة، أي الدمج الإجباري.
لننظر إلى الشركات المساهمة العامة، كلها تعرضت لضغوط آثار جائحة كورونا في العام الماضي، ومازال الكثير منها تحت هذا الضغط الذي قد يستمر لفترات طويلة، لكن إداراتها لم تفكر في تحسين أوضاعها وتعزيز ملاءتها عن طريق الاندماج، إلا قلة متواضعة كما حصل في أبوظبي على غرار «الجرافات» و«أغذية».
القطاع المصرفي ظل مراوحاً بتعداد بنوكه الضخم، وغاب عن مشهد الاندماج رغم وجود عدد كبير من المؤسسات الصغيرة الضعيفة الرساميل والقوة المالية. وقطاع التأمين الذي يعج بالشركات الصغيرة التي تحمل صفة «التكافل الإسلامي»، وشركات الأسمنت التي ترزح تحت ضغط تراجع المبيعات وارتفاع النفقات أيضاً، وكذلك شركات العقار ومعها الاستثمار.
كل هذه الأنشطة تعمل بها شركات يشبه بعضها بعضاً منها ما تعمل داخل الإمارة الواحدة تتنافس في بقعة جغرافية محدودة، ومنها ما تعمل في أكثر من إمارة وتنافس شركات أقوى منها في سوق ليس سوقها، بحيث تؤثر وتضعف الآخر، والنتيجة أن الجميع يخسرون أو لا يحققون أهدافهم المالية أو يخرجون بنتائج متواضعة بسبب نفقاتهم المرتفعة.
أمامنا تجارب اندماجات مصرفية ناجحة في السنوات الماضية نتج عنها أننا اليوم أمام 3 بنوك كبرى تستحوذ على قرابة ثلثي حجم القطاع وتمتلك مجتمعة المصدات الرئيسية لنظامنا المصرفي.
في الاتحاد قوة، وفي العمل الجماعي الموحد يكمن عصب هذه القوة، وأمام المتغيرات المتسارعة لا بد من السير في هذا الطريق، لأنه الأسلم لشركاتنا الوطنية إذا أرادت أن تكبر وتقوى وتتحول إلى لاعب رئيسي مع توجه دولة الإمارات لتعزيز سياساتها وتشريعاتها نحو انفتاح أكبر في مرحلة الخمسين عاماً المقبلة.. فهل نرى في الأشهر المقبلة عمليات دمج لشركات مدرجة في سوقنا المالي؟ ليكن الجواب أن الأمر على طاولات مجالس الإدارات لاختيار القرار بعيداً عن «الإيغو».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"