عادي

بيئة السوق الصعبة تنذر بمخاطر.. وأوروبا إلى ركود مزدوج

22:43 مساء
قراءة 6 دقائق
1

ترجمة: هشام مدخنة

في مقابلة مع كريستوف جيزيغر من «ذا ماركيت» (The Market / NZZ) حذّر محمد العريان كبير الاستشاريين في «أليانز» من تداعيات ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، وشرح آلية التحرك في بيئة السوق الصعبة اليوم، كما ناقش آفاق الاقتصاد العالمي وكيف يتعامل اليوم كمستثمر مع بيئة سوق الأسهم الصعبة، حيث قال إنه لا يوجد حدث يمكن أن يزعج الأسواق هذه الفترة، سواء كانت طفرة محتملة أكثر خطورة لفيروس كورونا، أو فوز الأغلبية المفاجئ للديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي، أو صور حشد غاضب يقتحم الكونجرس، فسوق الأسهم مستمر في الصعود دون رادع.

محمد العريان
محمد العريان

تحدث العريان عن أن الاقتصاد العالمي سيبدو مهتزاً نوعاً ما، سواء في الربع الرابع من العام الماضي أو في الربع الأول من هذا العام، باستثناء آسيا، وستشهد معظم البلدان تباطؤاً في النمو الاقتصادي، وفي حالة أوروبا ركوداً مزدوجاً، فلقد أصبح ذلك واضحاً لأنه، مرة أخرى، ثبت أنه من الصعب جداً على دول الغرب تحسين الصحة العامة والنشاط الاقتصادي الطبيعي والحرية الفردية في نفس الوقت.

وأضاف: منذ أن عادت الأسهم من أدنى مستوياتها في 23 مارس/آذار الماضي، شهدنا العديد من الارتفاعات القياسية، قبل الوباء، كانت الرواية هي أن ترامب سيفوز في الانتخابات، وأننا سنخضع لتخفيضات ضريبية مستمرة، وأن الشركات ستستفيد من المزيد من إلغاء القيود، بعد ذلك، أفسح هذا السرد السياسي الطريق إلى حكومة منقسمة، وبعد ذلك، تغير السرد مرة أخرى إلى موجة زرقاء وحافز هائل، والآن، الأمر كله يتعلق بعمليات تداول كبيرة.

ضخ السيولة

وعن السبب الحقيقي لارتفاع أسواق الأسهم إلى مستويات قياسية قال العريان، عندما تكون مستثمراً مؤسسياً وتضخ الكثير من الأموال، فأنت تسأل نفسك دائماً من سيشتري بعدي؟ إذا كان المشتري بعدك شخصاً لديه مطبعة نقود، ولديه استعداد لاستخدامها، ولا يهتم بالتقييم ولا يشتري لكسب المال، فهذا مطمئن للغاية، ولم يكن هناك شك في أن بنكين مركزيين على وجه الخصوص، هما الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، سيوفران كميات وافرة ومتوقعة من السيولة، وسيكونان مشترين مستمرين بلا حدود وبأي ثمن، هذا هو السبب في أننا رأينا الأسعار تنتقل من ارتفاع قياسي إلى آخر.

وبخصوص النتائج النهائية لاستمرار ضخ السيولة أشار العريان إلى أننا قد تعثرنا في اعتمادات متبادلة غير صحية للغاية بين البنوك المركزية والمستثمرين ومصدّري الديون والسّاسة، إنه مثل زواج سيئ لا يعرفون كيفية الخروج منه، لقد انتهى بهم الأمر بالاعتماد على بعضهم البعض وفي كل مرة حاولت البنوك المركزية الخروج، تعرضت الأسواق لخطر الدخول في الفوضى والتقلبات الشديدة.

من وجهة نظر العريان، فإن البنوك المركزية لا تدرك تماماً مقدار المخاطرة غير المسؤولة التي تحدث، وأنه كلما طالت مدة صيانتك، انخفضت الفوائد، وزادت التكاليف والمخاطر.

وعن أن المستثمرين لا يخطئون، لأن البنوك المركزية ستعمل على إنقاذهم دائماً أجاب العريان: هناك أشياء معينة تشتريها البنوك المركزية بوضوح منها الأوراق ذات الدرجة الاستثمارية والديون الحكومية، وفي حالة بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، فإنهم يشترون ديوناً طرفية ذات عائد مرتفع، كل هذه «أصول» تحت مظلة قوية للبنك المركزي ويمكنك أن تستظل بها وتبقى بخير، لكن المستثمرين يميلون إلى أن يكونوا جشعين، ووسّعوا نطاق تغطية المظلة لتشمل فئات الأصول الأخرى، مثل ديون الأسواق الناشئة، ولكن كلما ابتعدت عن النطاق الأساسي للمظلة، ازدادت مخاطر التخلف عن السداد، وهي المخاطر الوحيدة التي لا تستطيع البنوك المركزية حمايتك منها.

التضخم ومنحنى العائد

وفي احتمالات عودة التضخم وارتفاع العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات فوق 1% للمرة الأولى منذ مارس، وكيف سيكون رد فعل الأسواق تحدث العريان قائلاً، إن أحد المخاطر التي لم يتم تغطيتها وقد توقع المستثمرين في مشاكل خطيرة وتعرض استقرار الأسواق المالية للخطر، هو ما يحدث لمنحنى العائد في الولايات المتحدة، إذ يتحرك صعوداً باستمرار، وهذا يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، ويقوض الاستقرار المالي، وعلى الاحتياطي أن يتحكم في منحنى العائد، مشيراً إلى أن استهداف المنحنى يشكل خطوة كبيرة في السياسة أيضاً، ومن شأن ذلك أن يشوه سوق الخزانة الأمريكية بالكامل.

لقد بدأ الناس يصبحون أكثر حساسية تجاه مخاطر التضخم والضغوط الهبوطية للأسعار، والأمر يتعلق بالسلوك، وأنا أسميها ببساطة تأثيرات أمازون وجوجل وأوبر، إذ تسمح لنا أمازون بالتخلص من الوسيط في سلسلة التوريد، وهذا يقلل من قوة التسعير، وتجعلنا جوجل مستهلكين أكثر ذكاءً وأكثر حساسية للسعر ما يحد مرة أخرى من المبلغ الذي يمكن تحميله علينا. وتتمحور أوبر حول استخدام الأصول الحالية مثل السيارات بشكل أكثر كفاءة، وزيادة العرض بطريقة تحد من ارتفاع الأسعار أيضاً.

وأشار العريان إلى أنه لسنوات لم يتمكن الاحتياطي الفيدرالي من تحقيق هدف التضخم البالغ 2%، وأنه من غير المنطقي السعي لتحقيق أهداف أعلى الآن، معتبراً أن الاحتياطي الفيدرالي يشعر بقلق شديد من أنه سيفقد تأثيره على الأسواق جراء ارتفاع أسعار الفائدة قبل أن تتدخل البنوك المركزية التي تريد مزيداً من المرونة، لكن النظام السياسي سيرغب في منحها مرونة أقل. 

ماراثون عالمي

وشبه العريان الصراع بين الولايات المتحدة والصين وتطوره في عام 2021 ب«ماراثون»، ويرى كبير المستشارين في «أليانز» أنه من الواضح بعد الكيلومترات القليلة الأولى أن الصين في الصدارة، ولا داعي للقلق بشأن الحريات الفردية، فالصين لديها القدرة على التحكم في سلوك الناس التي لا يمتلكها الغرب، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتصادات الآسيوية الأخرى مثل كوريا وتايوان لديها شعور بالمسؤولية الجماعية لا تحصل عليه في الولايات المتحدة أو أوروبا، وهنا، يتعين على صانعي السياسات القلق بشأن التفاعلات الاقتصادية العادية والصحة العامة والحريات الفردية، ولذلك ليس من المستغرب أن تنطلق الصين في هذا الماراثون من التعافي بشكل أسرع.

وعن جزئية أن الماراثون هو أحد أنظمة التحمل، وفي النهاية، الفائز هو من يدير طاقته بشكل أفضل وهل من الممكن أن ينفد نفس الصين؟ أجاب العريان، لطالما استخدمت الصين الاقتصاد العالمي كداعم من الخلف. في العام الماضي، لم تكن الصين قادرة على الاستفادة من دعم هذا الاقتصاد، وفي الجزء الأكبر من عام 2021، لن تتمكن من استخدامه أيضاً. وهذا يعني أن الصين لن تكون قادرة على مواصلة العدو إلا إذا عجلت بالإصلاحات. لذلك مع تقدمهم في الماراثون، سيكون من الصعب الحفاظ على مركز الصدارة. اليوم، يستنبط الناس نمو الصين في الماضي للتنبؤ بأنها ستصبح أكبر اقتصاد بحلول عام 2035. ولم أكن لأتوقع ذلك.

مستويات الاستثمار

وفي ظل هذه الخلفية وفرص المستثمرين، عبر العريان عن سعادته كونه لا يدير أموال الآخرين، وأنه يفضل أن يركب موجة السيولة، مع العلم أنها ستنتهي عند نقطة ما، لكنه سيظل عليها لأطول فترة ممكنة، وقال: كنت أنظر حولي وأرى أن العديد من راكبي الأمواج الآخرين يركبون نفس الموجة، وسأبدأ في التساؤل عما سيحدث إذا دخلنا في طريق بعضنا البعض أو إذا انكسرت الموجة. لذلك سأكون مستثمراً عصبياً للغاية.

وبخصوص ماذا سيفعل عندما يتعلق الأمر بوضع أمواله في العمل أجاب العريان، أفكر دائماً في ثلاثة مستويات من الاستثمارات، المستوى الأول يشير إلى الوضع الآمن وهي الاستثمارات التي أعتقد أنها ستنجح بمرور الوقت، مثل التكنولوجيا والأسواق الناشئة أيضاً، لكنها اليوم ذات تقييم أعلى، لذلك، أصبح تخصيصي لهم أصغر بكثير، والمستوى الثاني هو ما أسميه الهيكلية، حيث إن هناك مناطق معينة في عالم الاستثمار تكون جذابة بسبب النقص في أماكن أخرى في السوق، أما المستوى الثالث فهو تكتيكي ونفعي. مثل أي شخص آخر، أصبحت أكثر استغلالاً للفرص، لكني حذر جداً، على سبيل المثال، أنا لا أشتري سندات الخزانة لإدارة المخاطر الخاصة بي، لأنه في سندات الخزانة، بمجرد أن تتجاوز آجال استحقاق مدتها ثلاث أو أربع سنوات، فإنك قد تواجه عوائد أعلى وأسعاراً أقل.

وحول إمكانية إيجاد استثمارات جذابة قال العريان، ما لم تكن تحت مظلة البنك المركزي، يتعين عليك إجراء الكثير من التحليل الدقيق للتأكد من أن لديك شكلاً آخر من أشكال المرونة، لقد ركزت كثيراً على مرونة الميزانية العمومية، وعلى القدرة على إدارة أزمة السيولة، إذ إنه من المهم أن نفهم السيولة، وإلى أين يريد الناس الذهاب، وعلى سبيل المثال، ليس لدي أي فهم خاص لعملة «البيتكوين»، لكن كان من الواضح بالنسبة لي أنه عندما كان سعر البيتكوين أقل من 5 آلاف دولار، كان هذا تأثيراً تقنياً بحتاً، وكان هناك الكثير من الأشخاص الذين اشتروا لأسباب خاطئة وتعرضوا لهزات، ثم بعت بسعر 19 ألف دولار، لم أكن أعرف ما إذا كان السباق سينتهي، لكنني لم أكن مرتاحاً.

اليوم، يتجاوز سعر البيتكوين ال 36 ألف دولار، لقد فهمت ذلك بشكل خاطئ تماماً وأنا على استعداد للتعايش مع هذا الخطأ، يجب أن تكون واضحاً جداً بشأن مخاطر السيولة التي ترغب في تحملها وأنت لست على استعداد لتحملها، في الوقت الحالي، يخوض الناس مخاطر سيولة هائلة ويعتقدون أن هذه الموجة التي نركبها جميعاً ستستمر إلى الأبد، ولن تنكسر على الإطلاق، وهذا هو الحال أيضاً مع الديون ذات العائد المرتفع التي تشكل مخاطر كبيرة في هذا الصدد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"