يوم مشؤوم

00:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

عن «اللوموند»

انتخب ترامب قبل أربع سنوات على وعد «بإعادة أمريكا إلى العظمة»، وها هو ينهي فترة ولايته في حالة من العار. وسيذكر التاريخ أن الديمقراطية الأمريكية تعرضت للتحدي، وعلقت للحظة، يوم الأربعاء ( 6 يناير/كانون الثاني)، من قبل حشد من المؤيدين المتطرفين الذين حرضهم الرئيس نفسه على مسيرة في «الكابيتول هيل» لمنع خصمه الديمقراطي، جو بايدن، من إعلان نفسه الفائز رسمياً في انتخابات 3 نوفمبر(تشرين الثاني) 2020.

 هذا اليوم المظلم للولايات المتحدة هو تتويج لرئاسة مضطربة انتهت بتقسيم البلاد إلى قسمين، أحدهما يحترم النظام الدستوري وقرارات المحكمة، والآخر يعيش في عالم موازٍ. هذا العالم، الذي تغذيه نظريات المؤامرة، هو واقع بديل لم يخسر فيه دونالد ترامب الانتخابات بفارق 7 ملايين صوت شعبي وتصويت 302 صوت في المجمع الانتخابي مقابل 232 فحسب، لكنه يريد الاعتقاد أنه تمت سرقته من خلال عملية احتيال واسعة النطاق ومدبرة.

 في عالم الإنكار هذا، لا يهم أن قرابة ستين قراراً قضائياً، على أعلى المستويات، من بينها قرار المحكمة العليا، رفضت طلبات الاستئناف لإلغاء الانتخابات. ولا يهم، حيث إن الرئيس نفسه طلب عبر الهاتف في الثاني من يناير(كانون الثاني) إلى رئيس العمليات الانتخابية في جورجيا بتعديل نتائج الاقتراع في ولايته، وأكد أنه لا يمكن أن يكون قد انهزم بفارق 11779 صوتاً، كما تشير السجلات، وأنه يعلم أنه فاز «على الأرجح بنصف مليون صوت».

 لقد حصدت الأمة الأمريكية، الأربعاء الماضي، ما زرعه رئيسها الشعبوي والديماجوجي والنرجسي على مدى أربع سنوات، وبتواطؤ من الحزب الجمهوري. والمسؤولون الذين وافقوا، في بداية ولايته، على مساعدته في البيت الأبيض من منطلق إحساس الدولة، أو كما يعرفوا ب«الكبار» المشهورين الذين كنا نعول عليهم لتهدئته، ألقوا أوراقهم الواحد تلو الآخر أو تم فصلهم. ولم يخفِ ترامب أبداً نواياه المثيرة للفتنة: فقد رفض باستمرار، قبل الانتخابات، التعهد باحترام نتيجة التصويت إذا لم تكن في صالحه. كما قدم دعمه للجماعات اليمينية المتطرفة مثل «براود بويز»، والتي طلب منها «الوقوف بجانبه».

 هذه المجموعات من المؤيدين هي التي اقتحمت مبنى الكابيتول يوم الأربعاء، وحاصرت بسهولة جهاز شرطة بطريقة خفيفة مريبة، في اللحظة التي بدأ فيها أعضاء مجلسي الكونجرس التصويت للمصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية. وقد تم إجلاؤهم، ولم يتمكن المسؤولون المنتخبون من استئناف عملهم إلا بعد عدة ساعات من الفوضى غير المسبوقة، بعد أن دعا الرئيس ترامب أخيراً أنصاره إلى التنحي.

 وسوف يعود الأمر إلى الرئيس المنتخب جو بايدن لإعادة بناء هذه الديمقراطية المهزوزة بشدة. ولديه الآن الوسائل، بفضل الانتصار الحاسم للديمقراطيين اللذين فازا بمقاعد مجلس الشيوخ في جورجيا يوم الأربعاء، ما أعطى حزبهما السيطرة على مجلس الشيوخ، بالإضافة إلى البيت الأبيض ومجلس النواب. كما إنه يتمتع بالمكانة التي أظهرها رد فعله الحازم ووضوح الرؤية على محاولة تمرد ترامب.

 وقد تساعد صدمة يوم الأربعاء. فماذا سيحدث لرئيس المتمردين دونالد ترامب، الذي ما زال عليه حوالي عشرة أيام آخرين في البيت الأبيض كي يتركه لنائبه؟ فهل سيتعين إقالته من منصبه رغم أنه وافق أخيراً على التنحي يوم الخميس؟ وما هو تأثير أكثر من 100 عضو جمهوري في الكونجرس الذين واصلوا صباح الخميس رفض نتيجة الانتخابات بحجة التزوير الشامل؟ وكيف سيكون رد فعل 74 مليون ناخب لدونالد ترامب؟ 

 لقد احتشد قادة الأغلبية الجمهورية المنتهية ولايتهم، وحزب القانون والنظام الذي نصب نفسه، متأخراً جداً على الدستور، فهل سيتعلمون الدروس الصحيحة من هذه الكارثة المعلنة؟ العالم، الذي أذهلته هذه الهشاشة، ينتظر الإجابات بقلق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحيفة لوموند

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"