أضعاف قلب الشمس على الأرض

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

 

ماذا وراء التهافت على دقة حساب عمر الكون؟ منذ عقود قدّره الفيزيائيون بحوالي أربعة عشر مليار سنة. ثم قالوا إن الرقم 13.8. ثم حسموا الأمر بأنه 13.77. المتمسكون بالحذر العلمي تركوا مجالاً لأربعين مليون سنة «زائد، ناقص». كأنك تقول: فلان سنّه ثمانون سنة زائد، ناقص ثماني دقائق. إذا قلت ساخراّ: الفارق مهول، أفحمك العلماء: لا تستهن بالأمر، ففي ثماني دقائق، بسرعة الضوء، تقطع 150 مليون كيلومتر إلى الشمس.
الفيزيائيون يريدون معرفة ما حدث في الانفجار العظيم. ما يسمى التضخم الكوني استمر من ناقص واحد إلى جانبه 43 صفراً من الثانية، إلى ناقص واحد إلى جانبه 30 صفراً من الثانية. يقيناً، من العبث حتى مجرد تصور تلك الطاقات التي تقدر بمليارات المليارات من الدرجات المئوية، أما الكثافة فقد كانت مئات مليارات المجرات الموجودة الآن كامنة فيها. بعد 380 ألف سنة صارت الطاقة الكونية قابلة للإدراك. لكن تلك اللحظات الأولى هي التي تختزن أسرار نشوء المادة، وانبثاق الطاقات الجبّارة، وعلى هذه المحاور يدور السباق الكبير بين الدول العظمى. الحطب والفحم تجاوزهما الزمن، فقد أغلقت الصين آخر مصنع يعمل بالفحم، والآن هي الأولى في استخدام الطاقات المتجددة. البلدان المتقدمة تسعى إلى السيطرة على الطاقات الفائقة، لأن النفط يودع، فضلاً عن التلوث ومشكلات الاحتباس الحراري. استهلاك الصين تجاوز الولايات المتحدة، وتقول هل من مزيد.
الآن، لماذا يتسابق الطامحون بلهفة إلى السيطرة على مقاليد المستقبل، بوساطة امتلاك ناصية الطاقات النجومية، بينما أغلبية العالم العربي كأنها خارج العالم؟ في صدارة المشاريع الكبرى: «إيتير»، الذي هو«المفاعل الانصهاري التجريبي العالمي». السواعد الممدودة إلى إعداد وليمته هي: الصين، الاتحاد الأوروبي، الهند، اليابان، كوريا الجنوبية، روسيا، أستراليا، الولايات المتحدة وكازاخستان. ألم نكن «كلنا في الهمّ شرقُ» مع الصين وكوريا الكبرى، قبل الحرب العالمية الثانية؟ بل إن بعض البلاد العربية كان أفضل منهما حالاً بكثير. هذا أسطع برهان على أن الإرادة أعظم طاقة ممّا يصبو إليه المشروع الحضاري «إيتير»: كيف تتحكم في طاقة 150 مليون درجة مئوية؟ قد يتسنى لهم ذلك سنة 2027. طرفة عين، لا أكثر.
لزوم ما يلزم: النتيجة التدويخية: نجاح المشروع رهن بجعل الطاقة عشرة أضعاف الحرارة في قلب الشمس. ومعظم العالم العربي دفء الشمس يكفيه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"