البريطانيون يتامى «إيراسموس»

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

عن «اللوموند»

إنه واحد من العديد من الوعود الخيالية لبوريس جونسون. وكان رئيس الوزراء البريطاني، الذي سأله نائب إسكتلندي قبل عام في خضم النقاش حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مجلس العموم، أكد أن «إيراسموس لا يواجه أي تهديد». والواقع الآن بات ملزماً للطلاب في المملكة المتحدة مع «اتفاقية التجارة والتعاون» المتفق عليها في 24 ديسمبر/ كانون الأول بين لندن وبروكسل، لكن يبدو أن إيراسموس قد انتهى بالنسبة إليهم فهو مخطط العمل المجتمعي الأوروبي لتنقل طلاب الجامعات، وهو برنامج تبادلي بين طلاب دول الاتحاد الأوروبي تأسس في عام 1987.. لذا لن يستفيد الطلاب منه بعد الآن للدراسة في الخارج، ولن تستفيد منه جامعات المملكة المتحدة لاستيعاب طلاب  من الاتحاد الأوروبي.

 وليس من المستغرب أن حكومة بوريس جونسون، المنتخبة على التعهد ب«تنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي»، اختارت التخلي عن هذا البرنامج، رغم إمكانية انضمامها إلى «إيراسموس بلس» أيضاً وهو البرنامج الجديد الذي يجمع بين جميع مخططات الاتحاد الأوروبي الحالية للتعليم والتدريب، والشباب، والرياضة، والذي بدأ في يناير/ كانون الثاني 2014.. وكانت ست دول من خارج الاتحاد الأوروبي، مثل النرويج، أو تركيا، انضمت إلى برنامج الجديد الذي يعد آلة حقيقية للتكامل الأوروبي للطلاب، وقد امتد ليشمل المتدربين في عام 1995، والبرنامج هو الأكثر شعبية في الاتحاد الأوروبي، ولكنه أيضاً أحد أكثر إنجازاته الملموسة والناجحة. ويجمع الاسم الأصلي للبرنامج الأحرف الأولى بالإنجليزية لمخطط العمل الأوروبي لتنقل طلاب الجامعات.

 وحتى لو كان البرنامج لا يمس سوى أقلية صغيرة فقط، فقد استفاد منه ما يقرب من عشرة ملايين طالب منذ إنشائه، أي نحو 2% من سكان أوروبا.

 وبغض النظر عن البعد الديموغرافي لهذه التبادلات، هناك ما يقرب من مليون برنامج فرعي من «إيراسموس»، حيث يولّد إيراسموس حرفياً، الهوية الأوروبية. وهذا بالضبط ما يرفضه أنصار «بريكست».

 وحتماً، يعد التخلي عن برنامج إيراسموس مثيراً للجدل للغاية في المملكة المتحدة، خاصة في الجامعات، على الرغم من الوعد باستبداله ببرنامج وطني (برنامج تورينج) الذي تؤكد الحكومة أنه سيكون أرخص. وكانت جمهورية إيرلندا عرضت على الفور أن تأخذ مرشحي إيرلندا الشمالية تحت جناحها، بينما تحدثت رئيسة الوزراء الإسكتلندية، نيكولا ستورجون، عن «التخريب الثقافي»، وتعهدت بالبحث عن حل بديل. لكن ردة الفعل من قرار المملكة المتحدة كانت سلبية أيضاً بالنسبة لطلاب الاتحاد الأوروبي الذين ينجذبون تقليدياً، إلى جامعات المملكة المتحدة.

 وستسعى الجامعات البريطانية التي تتسم بالديناميكية والانفتاح على العالم، بحكم الضرورة فقط، إلى إيجاد حلول بديلة وإبرام اتفاقيات تبادل ثنائية. فلماذا نجهله بسيطاً عندما يمكن أن يكون معقداً؟ وهذا هو أحد الألغاز العديدة المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

} إيراسموس فيلسوف هولندي (ولد في روتردام 28 أكتوبر/ تشرين الأول 1466) وتوفي في بال 1536م وهو من رواد الحركة الإنسانية في أوروبا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحيفة لوموند

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"