في مطلع شهر يناير، كتبت مقالة تحت عنوان: الكنز الذي نحمله ولا نستخدمه، يتحدث عن قوة العقل، وأن الكثير من الناس لا يستخدمون كافة القدرات العقلية والذهنية التي يملكونها، بل إنهم يفتقدون للمعرفة في كيفية تطوير عقولهم ومدها بأسباب التفوق والتميز والتوهج. وفي هذا السياق أحدثكم عن جانب حيوي ومهم جداً يتعلق بعقولنا، وهو التسبب في أن تكون كسولة، وقد تحدّث عن مفهوم كسل العقل الكثير من العلماء، حتى بات موضوعاً مشاعاً يحمل الكثير من الآراء من الأطباء والدارسين.
ويحدث الكسل العقلي عندما تصبح الأفكار متوالية وتلقائية، وفي اللحظة نفسها تصبح ردة فعلنا هي أيضاً تلقائية، فأنت لا تفكر بالجديد، ولا تبحث عن حلول ولا مخارج. ومن أسباب مثل هذه الحالة عدم الرغبة ببذل أي جهد ذهني والخمول الجسدي، وعدم وجود الفضول ولا روح الاكتشاف، والذي يعاني الكسل العقلي هو الشخص الذي تملى عليه تصرفاته، ويطبق ما قيل له دون أي تفكير وتأمل ولا مناقشة أو تساؤل.
وبطبيعة الحال لا يقصد هنا التمرد والعصيان، بقدر أن القصد فعل ما تعرف والتطوير والإضافة، وهناك قائمة طويلة عن أسباب الكسل العقلي لعل من أهمها، الافتقار للأهداف الواضحة، وعدم وجود شعور عميق داخل النفس بالطموح، وهو ما يخشى معه في النهاية أن يكون هناك عدم رغبة ولا غاية في الحياة برمتها.
هناك جانب آخر أكثر أهمية للكسل العقلي، وهو الخوف من المحاولة، الخوف من التفكير والاستنتاج فتكون هناك نتائج غير صحيحة، وتحدث مشاكل وتكون هناك عواقب جسيمة.
ببساطة: الخوف من الفشل، وتبعاً لهذه الحالة نلاحظ أن الكثير من الأذكياء والمجتهدين يتجنبون التفكير والاستنتاج، خوفاً من الإجابات الخاطئة فتظهرهم وكأنهم أغبياء أمام أقرانهم. أيضاً لا ننسى التعب، وهو قد يكون تعباً جسدياً أو نفسياً، وهذا التعب يفقدنا التركيز وهو ما يقود نحو ترك الأفكار تمر دون أي تمحيص أو تدقيق، أو يسبب التعب والإرهاق الشعور بأن الآخرين لا يبذلون الجهد، وهم مرتاحون من الضغوط والتعب، فيولد حالة من الخمول الجسدي والكسل العقلي.
لا تعتقد أنك في معزل عن الكسل العقلي، أو التسبب بإبطاء عقلك، لأن المسببات لهذه الحالة كثيرة ومتنوعة، والمطلوب هو الوعي بأن قدرات عقلك لن يثبطها ويحد منها إلا أنت، فتعلم كيف تنمي هذه القدرات، ليصبح دائم التفكير والاستنتاج، ساعده بالتأمل والتفكير وتغذيته بالمعلومات المفيدة.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
