لبنان وغياب المصالحات

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لا يزال الجدل مستمراً في لبنان بشأن تحريك عملية تشكيل الحكومة التي تواجه المزيد من العراقيل والتعقيدات في ظل سجال سياسي محتدم بين القوى السياسية الفاعلة في البلاد، المستمرة في التمترس خلف مواقفها وشروطها المعلنة وغير المعلنة لاستئناف جهود إخراج الحكومة إلى النور.

 ووسط الانقسام الحاصل في المشهد اللبناني، تبدو مسألة تشكيل الحكومة الجديدة في وضع صعب وتحتاج إلى معجزة لتشكيلها، خاصة في ظل التجاذبات التي تعلنها الأطراف السياسية المختلفة بين وقت وآخر، وتعيق رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري من تحقيق ولو تقدم بسيط، خاصة بعد أن أعلن جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، رفض الانضمام إلى الحكومة مدعياً أن الحريري ليس جاداً في تشكيل الحكومة، كما أنه لا يأتمنه وحده على الإصلاح، وأن التيار يحمّل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الاقتصادية والمالية خلال الفترة الماضية.

 ويبدو أن موقف التيار الوطني الحر ليس الوحيد في الساحة اللبنانية الذي يعيق خطوة إخراج لبنان من أزمته السياسية، إذ لا تزال مواقف مختلف الأطراف تراوح مكانها، بعضها يتعاطى مع الأمر من واقع المصلحة الحزبية والطائفية والمذهبية، فيما ينطلق البعض الآخر من الارتباط بالأجندات الخارجية، وكلها تؤدي إلى نفس الطريق الذي يعرقل تطبيع الحياة السياسية في البلاد، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان من جراء تفشي وباء «كورونا» الذي عاد للانتشار بشكل مخيف خلال الأسابيع القليلة الماضية، إضافة إلى الأوضاع المعيشية التي تثقل كاهل اللبنانيين.

 من الواضح أن أزمة لبنان السياسية تتأرجح بين تعقيدات داخلية عنوانها الصراعات الحزبية والطائفية على المناصب وتأثيرات خارجية تكمن في اشتراط المانحين الدوليين تشكيل حكومة مستقلة لا تخضع لنفوذ بعض الأحزاب ذات الثقل السياسي والعسكري في البلاد، حتى لا تتكرر أزمات سابقة، فيما يرى بعض المراقبين أن تشكيل الحكومة مرتبط بانتظار التنصيب الرسمي للرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، حيث تضغط واشنطن من أجل ضمان حكومة لا تمثيل لحزب الله فيها.

 خروج الحكومة اللبنانية إلى النور إذاً يتوقف على التفاهمات الداخلية التي من شأنها أن تقود إلى تشكيل حكومة منسجمة، تستطيع تلبية حاجة لبنان للاستقرار الداخلي، الذي تزعزع كثيراً بعد انفجار مرفأ بيروت في شهر أغسطس/ آب العام الماضي وما أعقب ذلك الحدث الكبير من تداعيات أثرت في مسار لبنان على كافة الصعُد، خاصة منها الاقتصادية، حيث يبدو الوضع في البلاد مليئاً بالتحديات، التي لم تستطع الحكومات المتعاقبة حلها أو تقديم رؤية واضحة لكيفية التعاطي معها.

 وفي انتظار الحلول المرتبطة بالخارج، يبقى لبنان أسير الرغبات السياسية للقوى والأحزاب على الساحة، التي لا تزال غير قادرة على ترويض نفسها بالقبول بالقواسم المشتركة والذهاب إلى مصالحة داخلية تنهي حال الانقسام الذي يعيشه لبنان ليس منذ اليوم، بل منذ سنوات طويلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"