عادي

فوبيا الفئران.. رعب للكبار والصغار

22:46 مساء
قراءة 5 دقائق
1

تثير رؤية الفئران حالة من الاشمئزاز لدى الكثير من الأشخاص، ومن الممكن أن يصل الأمر إلى درجة عالية من الخوف والفزع، إلا أن البعض يتجاوز الأمر حتى يصير خوفاً مرضياً أو ما يعرف بفوبيا الفئران.
تنتشر الإصابة بهذه الحالة بين كافة الأعمار سواء الرجال أو السيدات، ويعانيها الآلاف حول العالم، ويصنفها الأطباء تحت أنواع الرهاب، ضمن أنواع الخوف المفرط وغير المبرر.
أصاب هذا المرض العديد من المشاهير ولاعبي الكرة، وكانت تظهر عليهم علامات الخوف الشديد، وبعضهم تجاوز هذه الحالة بعد التعامل مع الحيوان بشكل آخر وبصورة ليست بهذا الرعب.

تشمل الأعراض التي يعانيها المصاب التعرق المفرط وسرعة التنفس وزيادة ضربات القلب والخوف والهلع، ومن الممكن أن يصل الأمر إلى الصراخ أو الصعود على أي شيء مرتفع، مثل الكرسي أو الطاولة عند رؤية فأر صغير الحجم.
تعد الوراثة أحد أسباب هذه الحالة، وكذلك التقليد للوالدين والمحيطين، وأيضاً انتشار ثقافة الحديث السلبي عن مخاطر هذا الحيوان على الصحة العامة، ودوره الكبير في انتشار بعض الأوبئة، ومنها الطاعون الذي قتل أعداداً كبيرة في الماضي
نتناول في هذا الموضوع مشكلة الفزع المرضي من الفئران بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تقود إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم طرق الوقاة الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
لمحة تاريخية
تنتمي الفئران إلى فصيلة القوارض، والتي تشمل أكثر من 500 نوع، وعلى الرغم من أن الكثيرين ينظرون إليها على أنها حيوانات مقززة تثير الاشمئزاز، إلا أن هناك من ينظر لها نظرة مختلفة.
ترمز الفئران في الأبراج الصينية إلى البدايات الجديدة، وبصفة عامة فإن للفأر في الثقافة الصينية مكانة خاصة تدل على الحكمة والمثابرة والحيوية.
يعد الموطن الأصلي للفئران جنوب شرقي آسيا، وانتشرت منه إلى الهند والصين من خلال الجزر الأندونيسية، ثم انتقلت إلى غينيا الجديدة وأستراليا، وعن طريق البشر انتشرت الفئران في مختلف أنحاء العالم، حتى وصلت أوروبا في العصور الوسطى.
حيوانات شريرة
تعيش الفئران في مجموعات وتتعرف إلى بعضها البعض من خلال الرائحة، وحتى تضمن استمرار وجود العشيرة فإن الأولية في تناول الطعام تكون للفئران الصغيرة والضعيفة.
تمتاز هذه الحيوانات بأنها ذكية للغاية، ولها قدرة على أن ترسم صورة للمكان والمحيط الذي تحيا فيه، وتتعرف إليه مرة أخرى من غير أي مشكلة.
ارتبطت الفئران في العقلي الجمعي بأنها حيوانات تتغذى على القمامة، وتعيش في أقبية المنازل وشبكات الصرف الصحي، وتعد من مسببات المشاكل الصحية والأمراض، ولذلك تلعب دائماً دور الحيوانات الشريرة في أفلام الرسوم المتحركة.
التجارب السلبية والوراثة
يصاب الكثيرون برهاب الفئران لأسباب مختلفة، وبصفة عامة، فإن الفأر يعد ضيفاً غير مرحب به في البيت، لأنه يثير الاشمئزاز، ويتسبب بكثير من الأمراض ومنها الطاعون، وعندما يدخل أي منزل فإن الجميع يضع خطة للعثور عليه والتخلص منه، ولعل هذا ما يثير انتباه الأطفال ويبث القلق والخوف فيهم منذ الصغر.
تشمل الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بفوبيا الفئران تعرض المصاب لتجربة سلبية أو صادمة مع الفئران، وذلك عندما كان طفلاً، أو أنه شاهد أحد المقربين - كأخيه الأكبر منه - أصيب بأذى بسبب الفئران.
تعد الوراثة أحد أسباب الإصابة بهذا الخوف المرضي، وذلك في حالة إذا كان أحد أفراد العائلة مصاباً بهذه الحالة، وأيضاً من خلال الحديث السلبي عن الأمراض والأضرار التي يسببها الفأر.
يقلد الأطفال أحد الأبوين أو من يقوم برعايته، كمشرفي الحضانة أو مدرسي المدرسة، وذلك عــــندما يراه يخاف مذعوراً من الفــــئران، وبمرور الوقــــــت، فإن التقــــــليد يتــحول إلى استجابة بالقلق تستمر على مدى طويل.
يمكن أن تسهم أفلام الكرتون والبرامج التلفزيونية والقصص المصورة في إكساب الطفل الخوف من الفئران، وذلك عندنا يرى شخصاً آخر يصرخ عند رؤيتها ويصعد على الكرسي أو الطاولة.
جسدية وعقلية
تختلف أعراض الخوف من الفئران، التي تتضمن أعراضاً جسدية وأخرى عقلية، فتجد المصاب عندما يرى فأراً يصاب بنوبة من الصراخ والبكاء.
يعاني كذلك الرعشة والتعرق المفرط، ويتنفس بسرعة، وتزداد لديه ضربات القلب بشكل كبير، ومن الممكن أن يشعر بالغثيان أو القيء.
يحاول الهرب من المكان الذي رأى فيه الفأر، أو يصعد أعلى أحد الكراسي أو إحدى الطاولات، ومن الممكن في الحالات الشديدة أن يصاب بنوبة فزع شديدة، حتى أن مجرد رؤية صورة لفأر في كتاب أو مجلة أو على شاشة التلفاز تتسبب بظهور الأعراض عليه.
ينصح في الحالات التي يؤثر فيها فوبيا الفئران على حياة المصاب بأن يتوجه للطبيب، ومن ذلك أن يخاف من المشي في الظلام، أو يفكر بكثرة فيها.
الأسلوب المناسب
ينبغي على الشخص المصاب برهاب الفئران التوجه للطبيب النفسي، الذي يحدد له أسلوب العلاج المناسب بناء على معرفته بأسباب هذا الاضطراب.
يعتمد علاج فوبيا الفئران على العلاجات التقليدية العادية التي ترتكز على اللجوء إلى أنواع العلاج النفسي والسلوكي المعرفي والتدريجي حتى يتخطى المصاب بهذا الخوف المرضي ما يعانيه أعراض تؤثر في حياته بشكل عام.
يشمل ذلك تثقيف المصاب لنفسه عن حياة الفئران، وكذلك الأماكن التي تتواجد بها، والأطعمة التي تفضلها، إضافة إلى طرق التعامل معها، وكيفية منع دخولها المنزل، كل هذا يساعد على أن يسيطر المصاب على مشاعر القلق والتوتر والخوف التي يعانيها.
يجب أن يعرف المصاب بهذه الحالة أن الفئران لها دور كبير في التقدم العملي؛ حيث تستخدم بصورة واسعة في التجارب المعملية والدراسات العلمية، من أجل الوصول إلى نتائج علمية وطبية جديدة، تفيد البشرية في مجال الطب والعلم والتقدم.
تحتاج الحالات الشديدة التي يؤثر فيها الخوف المرضي من الفئران على حياة المصاب اليومية إلى تناول بعض الأدوية، والتي تساعده في التخلص من القلق النفسي، وذلك بالرجوع للطبيب المعالج، حتى يتجاوز هذه الحالة، ويعيش بشكل طبيعي دون قلق يعوقه عن التحرك اليومي لقضاء احتياجاته.

الصور الطريفة

تشير دراسة حديثة إلى أن بعض الطرق المبتكرة يمكن أن تساعد على التخلص من الخوف المرضي من الفئران، ومن ذلك الاستعانة ببعض الصور الطريفة عن هذا الحيوان، والأفلام الكرتونية التي يعلب فيها دوراً إيجابياً.
تسهم هذه الصور في التغلب على حالة القلق، والتعرف إلى شكل آخر لهذا الحيوان ودور جديد، وعلى سبيل المثال فإن هناك من يربي أنواعاً خاصة من الفئران، فيتحول الفأر إلى حيوان أليف يعتاد عليه الأشخاص.
يوجد أيضاً أحد أنواع الفئران الذي ينافس الكلاب في الكشف عن المتفجرات، وأثبت هذا النوع مقدرة على التنقيب عنها واكتشافها، ويستخدم هذا النوع للبحث عن الألغام الأرضية في تايلاند وكمبوديا وموزمبيق وأنجولا.
تعد من المفارقات الغريبة، أن الأب الروحي لميكي ماوس الفنان التاريخي والت ديزني كان ممن أصيبوا بفوبيا الفئران، وفي عصرنا الحالي، فإن لاعب الكرة المصري محمد صلاح المحترف في نادي ليفربول أحد المشاهير الذين يعانون هذا الخوف المرضي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"