محفظة أسهم لابن عامين

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

أن تتصل شركة على هاتفك الخلوي، من دون سابق إنذار، لبيعك عقاراً أو الترويج لسلعة لديها، أمر أصبح متداولاً ويتكرّر باستمرار، ولن ينتهي إلا بالتخلي عن الهاتف نفسه، أما أن تتصل شركة لتسأل عن طفل عمره عامان، حتى تفتح له محفظة تداول أسهم، فهذا أمر جديد جداً..
مسألة بيانات الأفراد وأرقامهم وعناوين سكنهم، لم تعد سراً البتة، ويكفي أن تشتري أي قطعة ملابس أو أي سلعة، حتى تجد اسمك وعنوانك، وحتى رقم منزلك، مدوناً بكامل التفاصيل لدى هذه الشركات، ولكن أن يصل بها الأمر أن تتصل شركة أسهم تطلب طفلاً ليس لديه رقم أصلاً، لتفتح له محفظة تداول، فذلك يدل أن هذه الشركات وصلت إلى درجة كبيرة من التغول في مسألة بياناتنا وخصوصياتنا؛ لأن هذا الطفل ليس لديه رقم، ولكن قد يكون مسجلاً برقم هاتف والده أو والدته، إذا ما راجع مستشفى أو عيادة طبيب.
إذن مسألة البيانات لم تعد حكراً على مواقع التواصل، توفرها لمن تشاء، وتربطها بما تريد من حسابات، الأمر زاد على ذلك، بالتوصل إلى أي بيانات لأي شخص، بشكل مضحك ومثير للسخرية.
إعادة ضبط المسألة أصبحت صعبة، ولن تعود خصوصياتنا إلى ما كانت عليه قبل سنوات، ولن يكون الغد أفضل من اليوم في هذا المجال، لكن ألا يمكن إجازة تشريع يحفظ للناس شيئاً من خصوصياتهم، وعدم إقحامها بكل ما في الحياة لدرجة أصبحت معها الحياة مربكة وصعبة؟.
قد نتفهم اتصال شركة عقارات برجل ثري أو ميسور الحال، لتطلعه على بعض من مشروعاتها الجديدة والفلل التي تبيعها بنحو 3 ملايين درهم؛ لأنه قد يكون سبق له أن اشترى من الشركة أو تعامل معها أو مع مثيلاتها، لكن أن يرد الاتصال نفسه إلى شخص راتبه لا يتعدى خمسة آلاف درهم، فالأمر عشوائي بكل ما تعنيه الكلمة، ومضيعة للوقت.
مسألة اقتحام الخصوصيات التي أصبحت مزعجة لكل من لديه خدمة صارت تلزم بوجوب حماية العامة بتشريع ينظم العملية، أو يعطي المجال على الأقل لصاحب الهاتف بالموافقة أو الرفض على قبول هذه الاتصالات أو الرسائل، أما أن تصبح المسألة عشوائية بهذا الشكل بسبب فوضى المعلومات، فإن الأمر حتماً سيؤتي نتائج عكسية.
معلومات الأفراد وكامل تفاصيل حياتهم، أصبحت بلا شك لدى جميع مزودي خدمات مواقع التواصل، والشركات الكبرى التي تملك هذه المعلومات بشكل أو بآخر، وعملية نقل المعلومات - من وإلى - مسألة تبقى في ذممهم وأخلاقهم، ولكن الحتمي وفي ظل ما نعيشه من فوضى بيانات ومعلومات، فإن الأمر ينذر بحالة من عدم السيطرة والفوضى اللتين قد تتفشيّان قريباً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"