عادي

عائلات كرواتية تجالد الصقيع بعد أن خسرت منازلها جراء الزلزال

20:14 مساء
قراءة 3 دقائق
1


كرواتيا: «أ ف ب»
تكابد بارا فرباناس البالغة 75 عاماً، الطقس الجليدي في وسط كرواتيا، حيث تُمضي لياليها داخل سيارة تخييم بعدما بات منزلها غير صالح للسكن، على غرار مئات العائلات المشـرّدة منذ الزلزال المدمر نهاية الشهر الفائت.
فقد اضطر كُثر إلى العيش في مقطورات تخييم أو حاويات أو غيرها من المآوي المؤقتة، بعد الزلزال الذي أودى بحياة سبعة أشخاص في 29 كانون الأول/ديسمبر 2020، وأتى على منازل ومزارع ومدارس.
وتُسجَّل أصلاً مواسم شتاء قاسية في منطقة سيساك في قلب الريف الكرواتي، حيث لا تزال ندوب حرب الاستقلال في تسعينات القرن الماضي ظاهرة للعيان.
ويأبى سكان كُثر في هذه المنطقة الزراعية الفقيرة المغادرة لاضطرارهم إلى الاعتناء بحيواناتهم، على غرار بارا فرباناس التي لا تزال تشعر بالرعب بسبب الارتدادات الزلزالية التي تضرب المنطقة باستمرار، لكنها لا تستطيع ترك قطيعها الصغير من ست نعاج ورأسي ماعز، تستعين بها لصنع الجبن الذي يوفّر لها مردوداً للبقاء.
وتقول المسنة: «أشعر بالخوف الدائم. هذه أسوأ تجربة أمرّ بها على الرغم من أنني قاسيت الكثير للأسف من حرب وعمليات جراحية».
وتتكئ بارا على خشبة تقوم مقام عكاز، لتعاين أحياناً منزلها الحجري الذي يعاني تشققات ظاهرة، وفي الليل، تنام في مقطورة تخييم يعلوها غطاء بلاستيكي ليقيها من الثلج، كما تستعين بجهاز تدفئة كهربائي صغير قرب سريرها لكسر حدّة الصقيع.

أطباق ساخنة

وفي قرية بترينيا الزراعية المجاورة، غطى الثلج أطلال المباني، فيما ينتشر الركام في الطرق الموحلة، ووضعت شموع وباقة زهر في موقع شهد مقتل فتاة في الثالثة عشرة من العمر، بسبب سقوط حجارة عليها، في الزلزال الذي قضى أيضاً على خمسة سكان آخرين في القرية عينها، وعازف أرغن في كنيسة.
وفي كل يوم، يصطف السكان في طوابير حول الشاحنات، حيث يقدم متطوعون أطباقاً ساخنة محضرة من طهاة، بعضهم حائزون نجوماً في دليل ميشلان الشهير.
ويقول مارين ميداك، رئيس الاتحاد الدولي لخدمات المطاعم القائمة على المشروع، إن أكثر من 150 ألف وجبة طعام جرى توزيعها في إطار المبادرة من جانب حوالي مئة مطعم كرواتي.
وبعد أربع ساعات فقط من الزلزال، كان قد جرى توزيع 800 وجبة على المتضررين. ويوضح ميداك، وهو صاحب مطعم في زغرب: «ذهبت فوراً إلى المكان. الحرارة تقل عن درجتين مئويتين، وهؤلاء الناس بحاجة إلى تناول طعام ساخن».

اختلاسات

وتكبد حوالي خمسين ألف شخص أضراراً في المنازل والمزارع المحيطة بمركز الزلزال، وفق السلطات المحلية.
وقد أثار هذا الوضع شكوك البعض إزاء عمليات اختلاس محتملة، وثغرات شابت عملية إعادة الإعمار ما بعد الحرب. وأعلن المدعون العامون في قضايا مكافحة الفساد، فتح تحقيق في هذا الشأن.
ويوضح يوزيب ليكيفيتش، وهو ميكانيكي في سن 41 عاماً، يقيم في سيبيتس التي تضم حوالي ستين نسمة، أن أكثرية منازل القرية الزراعية الصغيرة باتت غير صالحة للسكن، بما في ذلك منزله الزهري. فهذا المسكن يبدو في وضع طبيعي من الخارج، لكن داخله مملوء بالتشققات والركام.
ويتكدس الميكانيكي وزوجته وأبناؤهما الثلاثة داخل مسكن نقال مجاور قُدِّم لهم.

ظروف مزرية

ويروي يوزيب قائلاً: «ليست لدينا مراحيض ولا حمام»، وتضطر العائلة للاستحمام باستخدام محارم مبللة. وأقيمت مئات الحاويات أخيراً للعائلات المقيمة في ثكنات أو مدارس أو لدى أقارب لها.
وتوضح كاتا ليكيفيتش والدة يوزيب البالغة 63 عاماً، أن «المنازل يجب أن تخضع للترميم أو إعادة البناء الفوري، كي لا يغادرها السكان من غير رجعة».
وتدفع المنطقة المتضررة بشدة جراء الحرب، والتي تسجل نسبة بطالة تقرب من ضعفي المعدّل الوطني، فاتورة باهظة جراء النزوح القسري على غرار بقية مناطق البلاد.
وتعيش كاتا في مقطورة تخييم مع زوجها، بعدما نقلا الدواب التي يمتلكانها إلى مزرعة على مسافة حوالي خمسين كيلومتراً تقصدها يومياً لحلب الأبقار والاعتناء ببقية الحيوانات.
وعلى الرغم من كل شيء، تُبدي كاتا امتنانها لأنها وعائلتها لم يصابوا بأذى، وتقول: «لا نزال على قيد الحياة، أما الماديات فيمكن تعويضها بشكل أو بآخر».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"