عادي

«الخدمات الإنسانية».. 42 عاماً في خدمة وتوعية وتمكين ذوي الإعاقة

20:12 مساء
قراءة 8 دقائق
1

مركز التقنيات المساندة يوفر بيئة تدريبية وفق أفضل المعايير 
تبادل الخبرات مع جامعات ومؤسسات إماراتية وعربية وعالمية
ثلاثة فروع للمدينة في المنطقتين الوسطى والشرقية

على مدار 42 عاماً حملت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على عاتقها مسؤولية وخدمة وتوعية واحتواء ومناصرة وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في كل ميادين الحياة.. 42 عاماً من تبني قضاياهم والدفاع عن حقوقهم ودمجهم في المجتمع لا من باب الإحسان أو العطف والشفقة؛ بل من باب شراكتهم في المجتمع وقدرتهم على تنميته وتطويره بما يمتلكونه من قدرات تحتاج فقط الظروف المناسبة كي تزهر وتثمر.
ومنذ البدايات، تبنت المدينة قضية الأشخاص ذوي الإعاقة في نهجها ورسالتها ورؤيتها وحرصت على توعية أبناء المجتمع بهذه القضية داعية إياهم للحديث عنها ومناقشتها لتغيير الاتجاهات السلبية وتصحيح السلوكيات غير الملائمة بما ينسجم مع أفضل الممارسات العالمية. وقبلَ أن تصدر العديد من القوانين الخاصة بحقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وقبل أن تظهر الكثير من المؤسسات العاملة معهم في الإمارات والوطن العربي، آمن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بأهمية تعليم وتدريب وتأهيل أبناء هذه الفئة، ولطالما دعا صاحب السمو حاكم الشارقة في مناسبات عدة فئات المجتمع من مؤسسات وأفراد إلى الالتزام بواجباتهم تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم والتوعية بحقوقهم لتسهيل دمجهم وتأهيلهم وفق أفضل المعايير وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اهتمام سموه الدائم بالأشخاص ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم لتحسين جودة حياتهم في جميع المجالات، وتأسست مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية التي تتشرف بالرئاسة الفخرية لسموه كأول مؤسسة إماراتية تقدم خدماتها لهم في عام 1979.
بعدها، بأربع سنوات تولت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، مسؤولية الإدارة العامة للمدينة فعملت على تحقيق رؤيتها بأن تكون مؤسسة رائدة في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في الإمارات والوطن العربي وإيصال رسالتها من خلال العمل على الحد من أسباب الإعاقة عبر التدخل المبكر والتوعية المجتمعية والعمل على تعليم وتأهيل وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة ليكونوا مشاركين ومستقلين في مجتمعاتهم. وكما يليق بمؤسسة عمادها الإنسانية عملت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، على فتح أبواب المدينة أمام العالمية لتطوير كوادرها والارتقاء بخدماتها ومواكبة أحدث الممارسات في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة. كما اهتمت بأولياء الأمور والأسر من خلال المبادرة إلى تأسيس جمعية أهالي ذوي الإعاقة بالإمارات والدعوة إلى إزالة الحواجز وتيسير الوصول ومساندة رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تأسيس نادي الثقة للمعاقين.
رخص قيادة 
دعمت مدير عام المدينة مطلب الأشخاص ذوي الإعاقة بالحصول على رخص قيادة السيارات بالتعاون مع إدارة المرور والترخيص في الشارقة، كما عملت على إدخال خدمة الكشف والتدخل المبكرين لأول مرة في منطقة الخليج العربي من خلال مركز التدخل المبكر الذي استفاد من خدماته 3394 طفلاً بين عامي 1993 والـ 2021.
وعبر الزمن، توسعت المدينة في عملها فأصبحت تضم مدرسة الأمل للصم عام 1979، ومدرسة الوفاء لتنمية القدرات في 1984، ومركز العلاج الطبيعي والوظيفي في العام نفسه، ومركز مسارات للتطوير والتمكين في 1989، ومركز التدخل المبكر في 1993، ومركز مدينة الشارقة للسمعيات في 1993، ومركز الشارقة للتوحد في 2002، ومركز التقنيات المساندة في 2014، وللمدينة ثلاثة فروع في المنطقتين الوسطى والشرقية هي فرع خورفكان وافتتح في 1985، وفرع الذيد في 1999 وفرع كلباء في 2006. وفي هذا الإطار تقدم المدينة في مقرها الرئيسي وفي فروعها في إمارة الشارقة خدماتها للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم بنفس الجودة والحرفية ذات المستوى الرفيع كالخدمات التعليمية والتدريبية والتأهيلية، خدمات التوعية والتثقيف، خدمات الإرشاد الأسري، الخدمات الاجتماعية، خدمات التشغيل والتوظيف، الخدمات العلاجية.
المناصرة الذاتية
لأن الحديث عن الريادة التي اقترنت بالمدينة منذ نشأتها، أدخلت تجربة المناصرة الذاتية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية سنة 2009، من خلال ندوة المناصرة الذاتية التي نظمتها بالتعاون مع جمعية أولياء أمور المعاقين بالإمارات (حالياً جمعية أهالي ذوي الإعاقة)، وكيف شجّعت المدينة أسر الأشخاص ذوي الإعاقة على الاهتمام بأبنائها ومعاملتهم معاملة جيدة مع الحرص على مشاعرهم وتنمية القدرة لديهم على المطالبة بحقوقهم والدفاع عنها كما حثت الأهل على تكوين ثقافة وافية عن المناصرة الذاتية التي لا يمكن أن تتشكل لدى أبنائهم إلا من خلال إعطائهم الثقة والاستقلالية والدمج. ويسجل للمدينة أنها أول من أدخل برنامج العلاج بالموسيقى بالتعاون مع جامعة (إيوا) الكورية منذ يناير 2013، بهدف تطوير مهارات الطلبة ذوي الإعاقة بواسطة تقنيات العلاج بالموسيقى انطلاقاً من كونه واحداً من أفضل طرق العلاج وأكثرها تقدماً. والتعاون القائم بين المدينة والجامعة هو الأول من نوعه بين الجامعة ومؤسسة عربية كما أنه لا يقتصر على الجانب المتعلق بخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة؛ بل يتضمن تدريب الكادر الوظيفي للمدينة بهدف تحقيق الاستدامة في البرنامج وتأهيل اختصاصيين من المدينة قادرين على استخدامه بأفضل طريقة. وبلغ عدد موظفي المدينة الذين تخرجوا في برنامج العلاج بالموسيقى منذ انطلاقته 95 موظفاً في حين أصبح عدد طالبات الدراسات العليا من جامعة إيوا اللاتي تخرجن في البرنامج 29 طالبة أسهموا جميعاً في تدريب 379 طالباً أصحاب إعاقة بهدف تطوير قدراتهم الحركية والاجتماعية واللغوية والتربوية وإتاحة الفرص لتحسين جودة حياتهم والمشاركة والاندماج في المجتمع.
مدرسة نموذجية
كانت مدرسة الأمل للصم التابعة للمدينة أول مدرسة للصم في برنامج محمد بن راشد للتعليم الذكي على مستوى الدولة عام 2015، كما تم اعتمادها من قبل شركة مايكروسوفت العالمي كمدرسة نموذجية للسنة الخامسة على التوالي منذ عام 2016. وتخرج 17 شخصاً أصماً من طلاب المدرسة في جامعة الشارقة بين 2008 و2020، وحازوا شهادات جامعية في تخصصات مختلفة، وبعد التخرج التحقوا بوظائف ثابتة تتلاءم مع قدراتهم. وفي عام 2018، انضمت ثلاث من المدارس الواقعة تحت إدارة المدينة إلى مدارس «اليونيسكو»، وهي «مركز التدخل المبكر»، «مدرسة الوفاء لتنمية القدرات»، و«مدرسة الأمل للصم»، لتكون أول مدارس تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة في الدولة منخرطة ضمن هذه الشبكة.
وعلى الرغم من هذه الظروف التي تسبب بها فيروس كورونا لم تتوقف المدينة عن تقديم خدماتها للطلبة ذوي الإعاقة من خلال منصتها للتعليم عن بعد منذ بداية الأزمة وحتى اليوم حرصاً منها على تعليم طلابها وفق ما ينسجم مع خططها الاستراتيجية وأفضل الممارسات العالمية. وخلال العام الماضي حصلت المدينة على الاعتماد العالمي من مؤسسة «كارف» على كل الخدمات التي تقدمها للأطفال والبالغين من ذوي الإعاقة في جميع إداراتها ومراكزها، إضافة إلى حصول مركز مسارات للتطوير والتمكين على الاعتماد الدولي لتدريس برامج مؤسسة «بيرسون» من المملكة المتحدة والمدينة بذلك هي أول مؤسسة تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة تحصل على هذا الاعتماد.
مذكرات تفاهم
بهدف تحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز مبدأ العيش باستقلالية مع تأمين سبل سهولة الوصول، أسست المدينة عام 2014 مركز التقنيات المساندة لتوفير بيئة تعليمية وتدريبية وحياتية أفضل للأشخاص ذوي الإعاقة وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية، وشهد هذا المجال وما زال يشهد تعاوناً مثمراً بين المدينة وكوريا الجنوبية من خلال الزيارات وتبادل الخبرات، إضافة إلى التعاون مع المؤسسات والجهات المحلية والعربية. وتقدم المدينة خدماتها للأشخاص من جميع الإعاقات ومن ضمنها الإعاقات الشديدة والمتعددة يقوم على خدمتهم كادر متخصص يضم أكثر من 631 موظفاً وموظفة، 60 موظفاً منهم من الأشخاص ذوي الإعاقة.
ولأن المدينة تؤمن بأهمية التعاون في تحقيق أفضل النتائج دأبت على تنميته وتعزيزه محلياً وعربياً ودولياً من خلال الزيارات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم وتبادل الخبرات، وفي هذا المجال يشهد الماضي والحاضر على تعاون مثمر مع جامعات ومؤسسات ومراكز إماراتية وعربية وأمريكية وكورية وألمانية وبلجيكية وإسكتلندية بهدف تطوير الخدمات التي تقدمها للأشخاص ذوي الإعاقة ومواكبة أحدث وأفضل الممارسات. وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك التعاون المثمر بين المدينة وكلية بيكن وجامعة تشيكو الأمريكيتين، إضافة إلى التعاون مع جامعة إيوا من كوريا الجنوبية والتعاون في مجال التدخل المبكر مع اختصاصيين من ألمانيا وبلجيكا و إسكتلندا، وغيرها في العديد من مجالات التعاون العالمية التي تصب في صالح تطوير الخدمات المقدمة لطلبتها وتحقيق أفضل النتائج.
تدريب إعلامي
لأن أمنيات المدينة ليست سوى دليل طريق إلى العمل، وبعد أن كان تأسيس مركز يضم الأشخاص ذوي الإعاقة في ميدان العمل الإعلامي بشكل محترف فكرة تنتظر التنفيذ، وبمتابعة مباشرة من قبل الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، أسست المدينة عام 2017 مركز الإنتاج والتدريب الإعلامي الذي وفر فرص عمل لعدد من الأشخاص ذوي الإعاقة والكفاءة وهو الأول من نوعه في العالم العربي للإنتاج الإعلامي والتدريب، للأشخاص ذوي الإعاقة. وكان الهدف من إنشاء المركز إيجاد المزيد من الفرص لذوي الإعاقة، لممارسة حقهم في المهن والوظائف التي يرغبون فيها، إضافة إلى تدريب الأشخاص ذوي الإعاقة على الإنتاج الإعلامي المرئي والإلكتروني؛ إذ تنبثق رؤيته من رؤية المدينة نفسها، بأن يكون رائداً في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجال الإعلامي في الإمارات والوطن العربي. أما رسالته فتتمثل في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الإنتاج والعمل الإعلامي، وضمان كفاءتهم وقدرتهم على التعامل مع متطلبات العمل الإعلامي وتطوراته، وإتاحة الفرص لدمجهم في المؤسسات العاملة.
ويسجل للمدينة ما قامت به خلال العام الدراسي 2013 ـ 2014 من خلال دعم مركز الموارد لذوي الإعاقة في جامعة الشارقة والدور الكبير في تأسيسه وتقديم الاستشارات اللازمة له انطلاقاً من إيمانها بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في مواصلة تعليمهم الجامعي. وكان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تفضل في التاسع من مايو 2017 بافتتاح المركز رسمياً وأعلن في هذه المناسبة عن تكفله بتوفير المنح الدراسية للطلبة من ذوي الإعاقة الراغبين في إكمال دراستهم في جامعة الشارقة حتى أعلى مراحلها وصولاً إلى درجة الدكتوراه.
وبوصوله إلى هذه المرتبة المتقدمة من الأداء، فإن مركز الموارد لذوي الإعاقة يعد مكسباً كبيراً للإمارات وللمنطقة وهو بذلك يوفر حق التعليم حتى أعلى مراحله للطلبة من ذوي الإعاقة على تنوع إعاقاتهم. كما كان للشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، قبل افتتاح المركز الدور الكبير والمؤثر في مساندة الأشخاص ذوي الإعاقة الراغبين في مواصلة تعليمهم الجامعي من خلال توفير مترجمي لغة إشارة داخل الجامعة كي يتمكن الأشخاص الصم من فهم المحاضرات والتواصل مع المعلمين والزملاء وتقديم الامتحانات بالشكل الأمثل.
احتياجات وتحديات
في المجال التعليمي، نجحت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ عام 1995 حتى الآن في دمج أكثر من 500 من الطلبة ذوي الإعاقة في الروضات والمدارس الحكومية والخاصة، وهي ملتزمة بمتابعة الطلبة بعد دمجهم عبر زيارات ميدانية منتظمة للوقوف على سير الدمج بالشكل الأمثل ورصد أهم الاحتياجات والتحديات وتقديم الحلول للطالب والأسرة والمدرسة.
وتعمل إدارة المدينة على نقل جميع الإدارات والأقسام والمراكز التابعة لها إلى مبانٍ جديدة مهيأة بأحدث وسائل التعليم والتأهيل، ضمن بيئة متكاملة تقدم الخدمات لطلبة المدينة وفق أفضل الممارسات العالمية. كما تعمل على توفير فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث وفر مركز مسارات للتطوير والتمكين العديد من فرص عمل ومن بينهم الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية، إذ تجاوز عدد الذين تم توظيفهم حتى الآن الـ 401 . وفي مجال التأهيل والتوظيف حققت المدينة إنجازاً جديداً من خلال افتتاح مزرعة الزاهية الذكية في فرعها بخورفكان، وتعد هذه المزرعة المشروع الطموح الأول من نوعه في الإمارات والمنطقة، وهو نقلة جديدة في استخدام تقنيات حديثة في المزارع الذكية، بهدف تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصادياً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"