في مستقبل العلاقات البشرية

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

 

ما الذي يحتاج إليه الإنتاج الفني في الخيال العلمي؟ ببساطة: الخيال والعلم. في العالم العربي، ولا فخر، عندنا منهما الاكتفاء الذاتي وزيادة. الله أعلم بتفاصيل مسلسلات رمضان المقبل، فالمنتجون يصرون على تقديم الطازج من المونتاج إلى مائدة الإفطار. هنا أمور لعل فيها ما يعينهم على رؤية قبس في آخر النفق الفني.
يستطيع المتابع أن يدرك غياب العنصرين، الخيال والعلم، في الأعمال الفنية التلفزيونية. شاهدنا في رمضان الماضي مدرسة في سنة 2120، حال الصف فيها وطريقة التدريس والأدوات والأجهزة أقل تطوراً ممّا هو موجود اليوم. أن يغفل المنتجون عن أن حواسيب «الكوانتوم» قد تكون قديمة بعد قرن، فهذا أمر عجيب. سيقولون إن الميزانية محدودة، والردّ: إذاً مدّوا أرجلكم على قدر الكساء.
لا تيأسوا من روافد الخيال: لا تدعوا ظروف «كورونا» تفلت من استوديوهاتكم. تخيلوا مدناً وبلداناً وأقاليم وقارات، تنقطع فيها الصلات جراء التباعد، يصبح التسوق كله عبر الشبكة، التعليم من بعيد، عمل الإدارات والمؤسسات من المنازل. تغدو البيوت «كانتونات» عائلية معزولة أو منعزلة. هنا يتسنى للدراما أن تجول وتصول منطلقة في الأبعاد النفسية والاجتماعية. ثمة جوانب ضئيلة في ظاهرها، ولكنها قد تغيّر الكثير. مثلاً: شراء الفواكه والأسماك والبقول والخضراوات عبر الشبكة، لم يعد فيها دخل للذوق الفردي والانتقاء، إذ تصل البضاعة إلى البيت وكأنها مأكولات معلبة أو مشروبات غازية. المعنى: ليس لك حق الاختيار.
في هذه التفرعات فئتان من الأبعاد، فئة قد تنتهي بزوال الفيروس، وأخرى قد تكون لها امتدادات أبعد، مثل التسوق «أونلاين»، العمل من بعيد، التعليم بلا مدارس. وجود علماء النفس والاجتماع في البلدان المتقدمة نعمة، وإلاّ فمن أين للعربي أن يحيط بهذه الشؤون؟ لكن، عندما تكون للفنان حاسة شم عبقرية، يستطيع خياله أن يشق حجب الزمن بلا حدود. في سنة 1963، تألق فيلم «الصمت» للمخرج السويدي إنجمار برجمان، الذي وصفه وودي آلن بأنه أعظم مخرج في التاريخ. الشريط يصور الحالة النفسية للمجتمعات الإسكندنافية، التي غابت فيها العلاقات الروحية العاطفية، إلى حد الاغتراب والاكتئاب، وأدى الاكتفاء الذاتي إلى قطع الأواصر بين الناس.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستشرافية: هل سيؤدي المستقبل العلمي والتقاني والمفاجآت ولو مؤقتة مثل «كورونا»، إلى إيجاد علاقات روبوتيّة؟ سيكون برجمان نوستراداموس الفن.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"