عادي

كيم أون يواصل التحدي

22:53 مساء
قراءة 4 دقائق
ش

كتب  المحرر السياسي:

لا تزال كوريا الشمالية تشغل العالم وتثير قلقه كلما طرأ جديد على أرضها أو تغيير في تركيبة نظامها السياسي، رغم أن ذلك غالباً ما يكون شكلياً، نظراً لامتلاكها أسلحة نووية ولصعوبة توقع ما يصدر عن زعيمها الشاب من قرارات لا تستند إلى منطق القياس الموضوعي في عالم السياسة.

معلوم أن الزعيم كيم أون ورث حكم البلاد عن والده كيم جونج إيل عام 2011 ضمن ترتيبات حصرية تنتقل فيها السلطة تلقائياً في بلد محاط بالتكتم والسرية وتحكمه يد من حديد.

 وفي أحدث تطور على صعيد الإمساك بكل خيوط اللعبة السياسية جدد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج-أون انتخابه «أميناً عاماً» لحزب العمال الذي كان يتولى رئاسته، وهو تغيير شكلي فقط طال مسمى المنصب، حيث استعيد المسمى السابق الذي كان مستخدماً في عهد والده.

 ويهدف التعديل إلى تعزيز سلطة كيم في وقت تعاني كوريا الشمالية من أزمات اقتصادية متلاحقة نتيجة العقوبات التي تفرضها عليها واشنطن. 

وكان كيم قد انتُخب رئيساً للحزب الحاكم خلال مؤتمره السابع عام 2016. وقد أعاد المؤتمر الثامن لحزب العمال الكوري الذي عقد في العاصمة بيونج يانج قبل عشرة أيام، تشكيل الأمانة العامة التي ألغيت في مؤتمر الحزب لعام 2016، ما اقتضى تغيير المسميات الوظيفية في قيادة الحزب.

 وأقر الزعيم الكوري الشمالي خلال كلمة ألقاها في أعمال المؤتمر بأن غالبية القطاعات الاقتصادية في البلاد فشلت في تحقيق الأهداف التي وضعتها لنفسها.

 وقال آهن شان-إيل، الباحث في معهد الدراسات الكورية الشمالية في سيول:«إنّ تغيير اللقب طريقة أخرى غير مباشرة للاعتراف بأنّ الخطط التي اعتمدها الحزب عام 2016، بما في ذلك التشكيلة الجديدة التي تسمي زعيم الحزب «رئيسا» بدلاً من «أمين عام» لم تنجح في تحقيق الهدف السياسي الذي وضعت من أجله».

 يذكر أن والد كيم أون وجدّه، شغلا منصب الأمين العام الحزب، كلٌّ حتى وفاة كل منهما.

وبنتيجة المؤتمر تم تشكيل المكتب السياسي للحزب كما هي العادة، لكن اللافت في التشكيلة الجديدة غياب اسم شقيقة الزعيم الكوري ومستشارته كيم يو جونج.

 ويأتي هذا التغيير في المسمى الوظيفي لزعيم الحزب في وقت تعهد كيم تعزيز القدرات الدفاعية لبلاده التي تمتلك أسلحة نووية.وقال كيم إنّه «في الوقت الذي نعزّز فيه قوّتنا في مجال الردع النووي، يجب علينا بذل كلّ ما في وسعنا من أجل بناء أقوى جيش».

 رسالة إلى جو بايدن

 وقد انتهت أعمال المؤتمر بعرض عسكري ضخم في العاصمة بيونج يانج كرمز من رموز الدعم المستمر الذي تقدمه القوات المسلحة الكورية الشمالية لزعيم الحزب وقادة تشكيلاته ومكاتبه. وتستغل كوريا الشمالية عادة استعراضاتها العسكرية في الكشف عن محتويات ترسانتها من صواريخ وأسلحة جديدة. ويؤكد خبراء أن العرض العسكري الأخير شاركت فيه صواريخ باليستية عابرة للقارات. لكنّ المحللين يرون فيه رسالة تحدٍّ إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، ممزوجة بالحذر بعد العلاقة المضطربة التي ربطت بين كيم ودونالد ترامب. يذكر أن آخر عرض عسكري جرى في كوريا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي كشف عن صاروخ باليستي جديد عابر للقارات، أثار موجة من الغضب والقلق في الأوساط السياسية الأمريكية التي كانت تراهن على تغير في سياسة كيم أون نتيجة لقاءاته مع الرئيس ترامب.

 وفي خطابه بمناسبة العام الجديد، قال رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن، الذي لعب دوراً أساسياً في المحادثات بين كيم وترامب، إن سيول ستنتهز فرصة تغيير الإدارة في واشنطن لتحقيق «تحول إيجابي» في المفاوضات بين الكوريتين من جهة، وبين واشنطن وبيونج يانج من جهة ثانية بعدما وصلت إلى طريق مسدود.

 العدو الأكبر

 وقد شدد كيم أون مجدداً على موقف بلاده من الولايات المتحدة الأمريكية حتى بعد انتخاب جو بادين، ووصفها بأنها «العدو الأكبر» وأن سياستها تجاه كوريا الشمالية لن تتغير. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية عن كيم قوله إن الولايات المتحدة هي «أكبر عائق أمام ثورتنا، وهي العدو الأكبر، أيا كان رئيسها، فطبيعة سياستها تجاه كوريا الشمالية لا تتغير».

 وتعهد الزعيم الكوري الشمالي تعزيز ترسانة بلاده النووية وقدراتها العسكرية، وقال إن خطة بناء غواصة نووية قد شارفت على الانتهاء. وعرض قائمة بالأسلحة التي تسعى بلاده للحصول عليها، من بينها صواريخ باليستية طويلة المدى يمكن إطلاقها من البحر أو البر تحمل «رؤوساً نووية ضخمة»، هذا إلى جانب زيادة قوة أسلحته الاستراتيجية النووية ومداها بحيث تصل إلى 15 ألف كيلومتر، مع تقليص حجمها ووزنها.

 وأوضح كيم في المؤتمر الثامن للحزب أن بيونج يانج لا تعتزم استعمال سلاحها النووي، إلا إذا تعرضت لهجوم نووي من «قوة معادية». ويرى محللون أن هذه التصريحات تهدف إلى الضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن.

 وتمكنت كوريا الشمالية من تحقيق تقدم كبير في برنامجها النووي على الرغم من العقوبات الاقتصادية الصارمة المفروضة عليها.

 لكن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قلل من أهمية استعراض كوريا الشمالية أسلحة جديدة، قائلاً إن الاتفاقات التي توصل إليها الرئيس دونالد ترامب نجحت في الحد من المخاطر. وأضاف «الكوريون الشماليون لم يجروا أية تجارب صاروخية باليستية عابرة للقارات في العام الماضي».

 مخاوف لها ما يبررها

 تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أن البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية تمثل تهديداً كبيراً لأمنها القومي، لأنها تجمع القوة الفتاكة للسلاح النووي والقدرات الصاروخية التي يمكن توجيهها ضد حلفاء واشنطن.

 وقدر تقرير لمعهد الدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني الأمريكية، حجم الترسانة الكورية الشمالية بنحو 60 رأساً نووية، وحوالي 650 صاروخاً باليستياً تمكنها من تهديد المدن في كوريا الجنوبية واليابان وشرق الصين.

 يذكر أن عديد قوات كوريا الشمالية 1.2 مليون جندي ينتشر معظمهم في المنطقة منزوعة السلاح مع كوريا الجنوبية، وفي وضع هجومي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"