ماذا بقي من «ثورة الياسمين»؟

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما أقدم الشاب التونسي محمد بو عزيزي على إحراق نفسه يوم 17 ديسمبر /كانون الأول 2010 أمام مقر ولاية سيدي بوزيد، احتجاجاً على مصادرة البلدية لعربة كان يبيع عليها الخضار، لم يكن يخطر في باله أنه بذلك سوف يطلق شرارة سوف تلهب المنطقة العربية، وتشعل سلسلة من الانتفاضات الشعبية في أكثر من بلد عربي، تطالب بالحرية والعدالة والحياة الكريمة، والقضاء على الفساد والفقر والغلاء، قبل أن تقفز جماعات الإسلام السياسي، وخصوصاً «الإخوان» إلى مركب الثورة وتقوده إلى قعر بلا قرار، بعد أن مكنت لقوى الإرهاب والتطرف من قيادة الدفة، وتحويل الأرض العربية إلى مقبرة جماعية.

 لم يكن بوعزيزي ثائراً، ولا معارضاً سياسياً، إنما كان إنساناً بسيطاً يعمل لكسب رزقه بعرق جبينه.

 الآن وبعد أكثر من عشر سنوات على «ثورة الياسمين» يسأل التونسيون أنفسهم، ماذا تحقق خلال مرحلة الانتقال من نظام إلى نظام آخر؟ وكيف صار حالهم الآن؟ وماذا تحقق من أهداف الثورة؟

 لم يكن يخطر على بال التونسيين أن أبواباً موصدة تقف في مواجهة عملية التغيير، وأن الاحتجاجات والمظاهرات سوف تتواصل، كما هو الحال الآن، حيث تفجرت أعمال العنف في معظم الولايات منذ أيام وصولاً إلى العاصمة تونس، وأن اعتقالات سوف تطال المئات بعدما تدخلت قوات الأمن خوفاً من اتساع أعمال الشغب، وذلك كرد فعل على حادث مشابه لما تعرض له بوعزيزي، إذ اعتدى شرطي في مدينة سليانة شمالي تونس على راعي أغنام أمام مقر الولاية، وتم توثيق الحادث من خلال شريط فيديو، أثار موجة غضب أطلقت شرارة الاحتجاجات الجديدة.

 الحقيقة، أنه لا شيء يذكر تغير في تونس خلال السنوات العشر، سوى قيام ديمقراطية وأحزاب وانتخابات برلمانية ورئاسية تتحكم فيها الصراعات على الحكم وسوء استخدام الحريات والسعي للهيمنة والتحكم في تلابيب السلطة، ما يعني أنها ديمقراطية مشوهة.. أما قضايا الفقر والغلاء والفساد والبطالة والديون وتدني مستوى المعيشة، فقد ازدادت سوءاً، خصوصاً أن كل الحكومات التي وصلت إلى السلطة منذ ذلك الوقت كانت نتيجة تسويات ومحاصصة حزبية فشلت في تحقيق الحد الأدنى من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

 لعل من أسباب ذلك، أن عملية الانتقال بعد انتفاضة 17 ديسمبر لم تكن عملية طبيعية، ذلك أن الشعارات التي رفعت آنذاك كانت تفتقر إلى آلية دفع منظمة، من خلال برنامج وطني تقوده قوى التغيير الحقيقية، وهذه لم تكن متوفرة آنذاك، لأنه على مدى السنوات السابقة تم تصحير الساحة السياسة بحيث لم تكن هناك قوة منظمة تتولى قيادة عملية التغيير، باستثناء «جماعة الإخوان» المتمثلة في «حركة النهضة»، وهي الجهة الأكثر تنظيماً والأكثر قدرة على التجييش والحركة، حيث تمكنت من بسط أفكارها على الساحة التونسية، والترويج لصدقيتها وتمثيلها لتطلعات عامة الناس، وهو ما تبين أنه مجرد نفاق وكذب انطلى على البعض، وتتبين نتائجه اليوم بما هي عليه تونس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"