عادي

هل يستعيد بايدن دور أمريكا؟

22:48 مساء
قراءة 4 دقائق
ش

إعداد- بنيمين زرزور:

كيف ستكون أمريكا في عهد جو بايدن؟ سؤال قد لا يكون جوابه صعباً بعد ما حفلت به الساحة الأمريكية من تطورات على صعيد انتقال السلطة بعد الانتخابات، وما يجري من تطورات تعمق الانقسامات الأمريكية، وتزيد من صعوبات تنفيذ الكثير من الخطط الاستراتيجية، رغم سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الشيوخ والنواب.

معلوم أن الوعود الانتخابية التي تطلقها الأحزاب في الدول الديمقراطية هي في الأغلب كلام معسول، بعضها يحظى بفرصة للتنفيذ، وجلّها يتم تجييره لحملات انتخابية لاحقة. والحزب الديمقراطي الأمريكي، ومرشحه الفائز في الانتخابات الأخيرة ليس استثناء، رغم الإمكانات الهائلة التي تمتاز بها الولايات المتحدة عن غيرها من دول العالم الحر.

وعلى أية حال، سيكون من المرجّح أن تصبح استعادة ثقة الشعب الأمريكي بنظامه السياسي أولوية قصوى لدى الإدارة الجديدة.

 لقد تجاوزت الاتهامات المتبادلة بين الحزبين، والرئيسين، كل حدود اللباقة الدبلوماسية، وحدود الإرث التقليدي للجمهوريين والديمقراطيين.

 ولا شك في أن الرئيس المنتخب سوف يستهل فترة ولايته في مواجهة التحديات التاريخية التي فرضها وباء «كورونا 19»، والاقتصاد المتعثر، وسط أجواء محاكمة عزل ترامب، و النزاعات الحزبية المريرة، والغضب في جميع أنحاء البلاد.

 لقد وضع بايدن توحيد الأمة في مقدمة أولوياته كمرشح، لكن هذه المهمة أصبحت أكثر صعوبة بشكل كبير. فقد أدى اقتحام مبنى الكابيتول من قبل أنصار الرئيس ترامب، إلى فتنة عارمة تضاف إلى الانقسامات الثقافية والعرقية العميقة، ما خلق بيئة مسمومة تهدد بإغراق أجندة بايدن في أول 100 يوم في بداية رئاسته.

 وقد تعهد الرئيس المنتخب باتخاذ إجراءات «منذ اليوم الأول» للوفاء بمجموعة واسعة من وعود الحملة الانتخابية، بما في ذلك تغير المناخ، والهجرة، والضرائب. لكن تعبير «اليوم الأول» بلاغي وليس عملياً، وربما قصد منه التأكيد على الاستعداد للقيام بما يمليه عليه المنصب.

 وبينما يمكن تحقيق بعض وعود بايدن بجرة قلم، فإن البعض الآخر سيتطلب منه حث جيوش البيروقراطية على العمل. وسيعتمد تحقيق البعض الآخر على قدرته على عقد صفقات مع الجمهوريين في الكونجرس، رغم فوز اثنين من الديمقراطيين الجورجيين في انتخابات الإعادة، ما منح مجلس الشيوخ أغلبية ديمقراطية ضيقة، يرجحها تصويت نائب الرئيس كامالا هاريس.

لكن الرئيس الجديد سيواجه أيضاً مجلساً لا يزال يعاني صدمة هجوم الإرهابيين المحليين على مبنى الكابيتول الأمريكي، ومنشغلاً بقرار وموعد بدء محاكمة عزل ترامب. وسيكون هذا عاملاً مهما في تحديد مدى سرعة تحول مجلس الشيوخ إلى الأولويات التشريعية لبايدن.

 الاقتصاد والضرائب

 الكونجرس فقط هو من يمكنه وضع قانون الضرائب وإنفاق الأموال الفيدرالية، لذلك سيحتاج بايدن إلى العمل معه لإنجاز أي شيء يتعلق بالاقتصاد. ويمكن للديمقراطيين بفضل، أغلبيتهم الجديدة، استخدام عملية تسوية الميزانية لتجاوز تعطيل قرارات المجلس وتمرير السياسة المالية باستخدام آلية تصويت الأغلبية البسيطة، ولكن هناك قيود على عدد المرات التي يمكن فيها للكونجرس استخدام هذه الأداة.

 المناخ والطاقة والبيئة

 لا شك في أن للرئيس تأثيراً كبيراً في السياسة البيئية، لكنه غالباً ما يكون بطيئاً وغير مباشر. ويمكنه التفاوض على اتفاقيات غير ملزمة مع دول أخرى، كما يمكنه أيضاً إجراء تغييرات في القوانين الوطنية المتعلقة بالبيئة، وهذا لا يستغرق وقتاً طويلاً. وقد جاء في خطابه الذي ألقاه يوم 14 يوليو/ تموز 2020 في ديلاوير: «سنبدأ العمل ونحقق النتائج مباشرة في اليوم الأول. سنقوم بعكس ما قام به ترامب الذي تنكر لأكثر من 100 قاعدة تتعلق بالصحة العامة والبيئة». لكن النتائج قد تستغرق شهوراً، أو سنوات.

 الهجرة

 لدى الرئيس سلطة كافية لتحديد كيفية تطبيق قوانين الهجرة. وسوف تتطلب التغييرات في إجراءات الهجرة والجنسية قراراً من الكونجرس، لكن يمكن لبايدن إلغاء أوامر ترامب التنفيذية بشأن الإنفاذ فوراً.

 وجاء في بيان صادر عن حملة بايدن الانتخابية في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020: «سأرسل مشروع قانون إلى الكونجرس في اليوم الأول من شأنه أن يضع خريطة طريق لمنح الجنسية لنحو 11 مليون فرد غير مسجلين يعيشون في الولايات المتحدة». وقد حاول أكثر من رئيس أمريكي منذ جورج دبليو بوش، إجراء إصلاح شامل للهجرة، لكن الجميع فشلوا في تحقيق ذلك في وجود الكونجرس المنقسم.

 ويعتقد بايدن أن بناء الجدار مع المكسيك لن يفعل الكثير لردع المجرمين والعصابات. لذلك سوف يوجه الموارد الفيدرالية إلى جهود إنفاذ القانون الذكية على الحدود، مثل الاستثمارات في تحسين البنية التحتية للتفتيش في موانئ الدخول، والتي ستجعل أمريكا أكثر أماناً.

 الصحة

سلطت جائحة «كورونا» الضوء بشكل غير مسبوق على سلطة الرئيس على قطاع الصحة العامة التي هي من مهام الحكومة في المقام الأول. ومع ذلك اقتصر دور الحكومة الفيدرالية تشجيع تدابير السلامة الشخصية وتطوير لقاح.

وقد وعد بايدن في حملته الانتخابية بإصدار أمر تنفيذي يفرض وضع الأقنعة في المباني الفيدرالية، وفي وسائل النقل بين الولايات. و قرر قبل أيام رصد حزمة الإغاثة الخاصة بمواجهة «كورونا» البالغة 1.9 تريليون دولار.

وقال بايدن في تغريدة له يوم 7 يوليو/ تموز 2020: «سيكون الأمريكيون أكثر أماناً عندما تنخرط أمريكا في تعزيز عمليات الصحة على الصعيد العالمي. لذا سنعود إلى منظمة الصحة العالمية ونستعيد قيادتنا على المسرح العالمي».

 وسوف يعمل بايدن على توسيع برنامج الرعاية الصحية «أوباما كير» بحيث يتم تسجيل المواطن الأمريكي تلقائياً في شركات التأمين. لكن قد يواجه بعض المقاومة من اليسار، واليمين، لأن خطته لا ترقى إلى مستوى «الرعاية الطبية للجميع» التي يتبناها التقدميون. وبدلاً من ذلك، سيسمح بايدن بخطة حكومية كبديل لخطط التأمين الصحي الخاصة من دون إلغائها بالكامل.

 الأمن القومي

 ينطوي منصب الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة على صلاحيات واسعة لإدارة الجيش وإدارة العلاقات الخارجية، وقد فوضه الكونجرس سلطة فرض عقوبات اقتصادية على دول أخرى. لكن ما ينتظره على صعيد إعادة ترتيب العلاقات مع الحلفاء في مواجهة خصوم واشنطن المفترضين، قد لا يمكن التنبؤ به في ظل ما يجري على الساحة الدولية من تغيرات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"