صفحة جديدة

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

طوت الولايات المتحدة والعالم، أمس، صفحة كتبها الرئيس السابق دونالد ترامب، مملوءة بالخوف والقلق والتحديات على مدى السنوات الأربع الماضية، وفتحت صفحة جديدة يستعد الرئيس الجديد جو بايدن، لكتابتها، لعلها تحمل الأمل وتبشر بعالم جديد يقوم على التعاون والمشاركة والانفتاح، بدلاً من العداء والانقسام والعقوبات، وتصاعد العنصرية والشعبوية والتطرف داخل أمريكا وخارجها.
لن تكون مهمة الرئيس الجديد سهلة، فهو في مواجهة إرث داخلي مشحون بالانقسام السياسي والمجتمعي، وأمام علاقات دولية معقدة، تداخلت فيها النزعات الشخصية والأفكار القائمة على الهيمنة المطلقة والاستعلاء والتطرف في العلاقات الدولية، بحيث لم يترك الرئيس المنتهية ولايته صديقاً أو حليفاً للولايات المتحدة، إضافة إلى ازدراء المنظمة الدولية ومؤسساتها، والخروج من بعضها، تحقيقاً لأهداف خاصة بعضها له صلة بإسرائيل، كما في الخروج من منظمة الأونيسكو، ووقف تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إضافة إلى الخروج من منظمة الصحة العالمية، واتفاقية المناخ، وممارسة الابتزاز للدول الأعضاء في حلف «الناتو»، وفرض عقوبات اقتصادية على دول أوروبية حليفة، ما أضعف التعاون التاريخي السياسي والاقتصادي والأمني بين الجانبين.
هناك كثير من المهام التي على الرئيس الجديد إصلاحها بشكل عاجل، أهمها توحيد المجتمع الأمريكي الذي أصيب بفيروس العنصرية المتجددة والتي بدأت تأخذ أبعاداً خطرة منذ التظاهرات التي اجتاحت العديد من المدن الأمريكية، احتجاجاً على مقتل الأمريكي من أصل إفريقي جورج فلويد، وازدادت زخماً مع «غزوة الكابيتول» الأخيرة التي ضربت الديمقراطية الأمريكية في مقتل.
الرئيس بايدن يُدرك الصعاب التي تواجهه؛ لذلك يبدو أنه مصرٌّ على مواجهتها فوراً من دون تأخير، حيث يرجح مساعدوه أن يبدأ في يومه الأول عملية ترميم ما خرّبه ترامب، من خلال إصدار سلسلة من الأوامر الرئاسية قد تصل إلى 17 أمراً، من بينها العودة إلى منظمة الصحة العالمية، واتفاقية المناخ، وإلغاء حظر السفر عن العديد من الدول الإسلامية، ولمّ شمل الأطفال المنفصلين عن عائلاتهم على الحدود، ودفع قروض الطلاب المتخلفين عن السداد للجامعات.
انتهت حقبة وصفها البعض ب«الكابوس»، وعلى بايدن أن يستعد لمهمة صعبة وشاقة؛ لأن الولايات المتحدة بحاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى قيادة تاريخية تخفف القلق والخوف، على مثال لنكولن، وروزفلت، وكيندي؛ إذ إن أمامه مهمة داخلية عاجلة هي توحيد البلاد المنقسمة، وإعادة الثقة بالديمقراطية، وبدور أمريكا الذي أصيب بالضعف والوهن.
يوم جديد على الولايات المتحدة والعالم يكتب فيه بايدن فصلاً جديداً في تاريخ بلاده، إذا أحسن قراءة المتغيرات الداخلية والخارجية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"