اعتداء بغداد الملتبس

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

أدمت يد الإرهاب الغادرة مجدداً قلب بغداد، عندما تسلل انتحاريان إلى سوق شعبي بالقرب من ساحة الطيران، ليسقط أكثر من 140 قتيلاً وجريحاً، في حصيلة ثقيلة من الضحايا أعادت إلى العاصمة العراقية ذكرياتها المرة مع التفجيرات الإرهابية التي كانت تهزها يومياً في السنوات التالية للغزو الأمريكي عام 2003.

التفجيران اللذان يحملان بصمة «داعشية» واضحة فتحا جرحاً غائراً، وطرحا أسئلة عدة تتعلق بالتوقيت والرسائل والأهداف السياسية والأمنية. ولا شك أن هناك غاية ما وراء هذه الفاجعة التي تتزامن مع استمرار الجدل حول انسحاب القوات الأمريكية، في ظل التغيير العميق في البيت الأبيض مع رحيل دونالد ترامب وقدوم جو بايدن، كما تأتي في وقت يحاول فيه العراق لملمة أوضاعه السياسية والاستعداد إلى انتخابات تشريعية حاسمة تأجلت من يونيو إلى أكتوبر من هذا العام. وجاءت أيضاً بعد بضع ساعات من زيارة غير معلنة قام بها وزير الدفاع التركي خلوصي آكار إلى بغداد وأربيل واستغرقت 36 ساعة. وبموازاة ذلك يستمر السجال حول السلاح المنفلت والميليشيات غير النظامية التي تحاول السطو على دور الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية، بما يعطل الجهود الشاقة لضبط الأوضاع واستمرار البناء على نجاحات الحرب على الإرهاب.

الجهة الإرهابية التي زجت بانتحارييها وسط سوق شعبي تعمدت إسقاط أكبر عدد من الضحايا المدنيين، وهدفت إلى إشاعة الذعر والخوف، وهو ذات الأسلوب الذي اعتمده «داعش»، ومن يقف وراءه، قبل العام 2014،  لكن ذلك لن يعفي الحكومة العراقية من المسؤولية، في ظل الحديث عن خروقات أمنية بسبب التقصير والتراخي.

توقيت الهجوم الإرهابي المزدوج ملتبس ويفرض على العراق إعادة النظر في استراتيجياته كافة، ورغم ما حققه من مكاسب في الحرب على الإرهاب مازال بحاجة إلى الدعم العربي والدولي؛ حتى لا تتبدد الإنجازات وتعمّ الفوضى. ومع الأسف، هناك من لا يريد للعراق أن يتعافى ، وبعض الداء موجود في داخله، وتحديداً في الأطراف الطائفية التي تحاول خطف العراق من حضنه العربي، ليكون مطية لأجندات لا تنسجم مع تربته وهويته ومستقبله. 

بعد هذا الحدث الأليم، يجب على كل القوى العراقية الغيورة أن تدرك جيداً أن تحقيق الأمن وحفظ السيادة يتطلبان جرأة في الطرح وواقعية في التعامل مع المستجدات الطارئة والتغيرات المتوالية؛ حتى لا تتكرر فاجعة ساحة الطيران، وليتها تكون خاتمة الأحزان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"