عادي

بالفيديو.. التسول الإلكتروني «بيزنس خفي» للنصب على المحسنين

23:22 مساء
قراءة 5 دقائق
Video Url
موبايل


تحقيق: محمد الماحي
موضوع كان ولا زال يثير الجدل في أوساط المجتمع وهو نابع من التوجه الإنساني الإماراتي الذي يتميز بالترابط والتكافل الاجتماعي وحب الخير، إلا أنه في الفترة الأخيرة، بات استجداء متصفحي وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يُعرف بالتسول الإلكتروني بحجة جمع التبرعات والصدقات لمساعدة الفقراء والمحتاجين والمرضى، دون ترخيص رسمي، ظاهرة تُشوّه وجه عمل الخير، وتؤرق المجتمع، خاصة أنها تصل حشوداً من المستخدمين بسرعة كبيرة.
رصدت «الخليج» خلال جولة على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار كثير من القصص المفبركة والإعلانات الوهمية لجمع التبرعات لحالات مرضية، وأخرى معسرة لا تستطيع تدبير نفقات المعيشة، وتدعو أهل الخير إلى عونهم ومساعدتهم دون إظهار أي دلائل تُثبت صحة المعلومات المنشورة.
ونصت المادة 27 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، على أنه يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تتجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات أخرى للدعوة أو الترويج لجمع التبرعات بدون ترخيص من السلطة المختصة.
سجل موحد
وأجاز المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون اتحادي بشأن تنظيم التبرعات، يهدف إلى تنظيم التبرعات وحماية أموال المتبرعين، حيث تضمن القانون إنشاء وزارة تنمية المجتمع لسجل إلكتروني موحد، يختص بتسجيل المعلومات المتعلقة بالمتبرعين والجهات المستفيدة.
ويُعنى القانون في الأساس، بإنشاء بيئة جاذبة للتبرع وضمان ديمومة العمل الخيري، من خلال تحقيق مجموعة من الأهداف تشمل التنظيم الإجرائي وتحديد الأدوات والوسائل التي تكفل الرقابة على جمع وتقديم التبرعات.
أبواب رسمية
وينشط ضعاف النفوس ممن امتهنوا مخالفة أنظمة الدولة تجاه ضبط التبرعات النقدية والعينية، مستغلين جائحة كورونا على مواقع التواصل الاجتماعي، للاحتيال على أفراد المجتمع بكل الصور والقصص المختلقة، تحت غطاء الدين والعجز وقضاء الحاجة؛ لذا نبهت الجهات المعنية المواطنين والمقيمين من أهل الخير، إلى عدم إخراج زكاتهم وصدقاتهم إلا للمحتاجين ممن يعرفونهم، سواء من الأقارب أو المعارف، أو من خلال الأبواب الرسمية الموجودة والمنتشرة في كل أنحاء الدولة.
وأصدرت البوابة الرسمية لحكومة الإمارات (حكومة إمارات)، نشرة توعية حول جمع التبرعات، أكدت فيها أنه لا يسمح بجمع الأموال إلا بعد الحصول على موافقة الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف على المستوى الاتحادي، أو دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري على مستوى إمارة دبي، وبعد الحصول على الموافقة، يجب التعاون مع الجمعيات الخيرية المرخصة لجمع التبرعات.
ويقول الخبير الاجتماعي محمد راشد رشود: «هجر المتسولون طرق التسول التقليدية وبسط اليد لاستدرار العطف والشفقة، ولجأوا إلى تسول حديث يدر عليهم أموالاً طائلة دون أن يضطروا إلى التسول بأنفسهم بشكل مباشر؛ إذ سخروا التكنولوجيا الحديثة لاستجداء الناس بأسلوب جديد، وسلبهم أموالهم من خلال التبرع الإلكتروني، خاصة أن طرق التسول التقليدية وارتداء ملابس ممزقة لم تعد تنطلي على كثير من الناس، فلجأ متسولون إلى وسائل التواصل الاجتماعي (واتس أب، وتويتر، وفيسبوك، والبريد الإلكتروني الشخصي)، وبدؤوا في بث رسائل تتضمن قصصاً ملأى بالدموع والمآسي، وتدعو المحسنين وأهل الخير إلى مساعدة مرضى ومنكوبين وأطفال في دول أخرى، أو الإسهام في إقامة دور عبادة في أماكن بعيدة، والاستيلاء على مبالغ طائلة بأقل مجهود ممكن».
ضعاف النفوس
وأكد عيسى علي بولحيول، مدير عام جمعية أم القيوين الخيرية، أن مسألة جمع التبرعات دون تصديق رسمي من أشخاص امتهنوا الاحتيال تشكل أنموذجاً للاستغلال باسم الأخلاق والإنسانية يمارسها بعض ضعاف النفوس، مستغلين طيبة الآخرين ورغبتهم في كسب الأجر والثواب، من خلال المساهمة في الأعمال الخيرية والإنسانية، بحيث تجد أشخاصاً متخصصين، بغية تقديمها للمحتاجين من فئة المرضى أو المعوزين أو أصحاب الحاجات المختلفة، لافتاً إلى أن هذه المسألة قد اتسعت بزيادة نطاق تطبيقها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقود بعضهم حملات ذات نطاق محدود على التطبيقات الذكية مثل «واتس أب» أو الرسائل النصية، أو على صفحات التواصل الاجتماعي الشهيرة كالفيسبوك، وتويتر، يدعون من خلالها إلى جمع التبرعات لشخص مريض أو أسرة محتاجة أو أرملة، بغية تقديم الدعم لأكثر الفئات احتياجاً في المجتمع، غير مدركين للأبعاد القانونية لمثل هذه السلوكيات التي يعاقب عليها القانون.
ونوّه بأن دولة الإمارات لم تألُ جهداً لتوفير المساعدات المادية والمعنوية بكافة أنواعها للمحتاجين، بحيث تكفيهم حاجة سؤال الآخرين وطلب مساعدتهم، من خلال إنشاء نظام متكامل من المساعدات الإنسانية تقوده الدولة بمؤسساتها الاختصاصية، حتى أصبحت دولة الإمارات علماً يشار إليه بالبنان في مجال العمل الإنساني إقليمياً ودولياً.
وحذر الأفراد من ممارسة هذه الأعمال بأنفسهم دون اللجوء إلى المؤسسات المختصة في هذا المجال، والتي تضمن ممارسة العمل الإنساني ضمن حدود الضوابط القانونية التي قررها المشرع في الدولة.
وسيلة تمويل
ويتفق المحامي عبدالله الكعبي مع ما سبق ويضيف إليه: «هذه الظاهرة تشكل خطورة أولاً لجهل المتبرع بصدق وحاجة الحالة الإنسانية، والمبلغ المستحق لها، وبمصير ما قد يتم جمعه من أموال وسبل إنفاقها، بما يفتح مجالاً لاحتمالات، بدءاً من كونها جرائم احتيال وانتهاء بكونها وسيلة لتمويل الأنشطة الإرهابية ومرتكبيها، وثانياً لما لهذه الظاهرة من مساس بما بلغته دولة الإمارات العربية المتحدة من مركز حضاري مرموق، يُعنى ضمن ما يُعنى به، بسد فجوات الاحتياج لدى الأشخاص، والمساهمة في تمويل الجمعيات والهيئات والمؤسسات التي تقوم على العمل الخيري ودعمها».
وأضاف: «أن هذه الأفعال تُعد جرائم بنص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ومعاقباً عليها بالحبس الذي قد تصل مدته إلى ثلاث سنوات، والغرامة التي لا تقل عن مئتين وخمسين ألف درهم، ولا تتجاوز خمسمئة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين»، مشيراً إلى وجوب حصول أية جهة ترغب في ممارسة هذا النشاط، على ترخيص مسبق من وزارة تنمية المجتمع باعتبارها السلطة المختصة بمنحه.
بذرة الخير
عبدالله سلطان بن خادم، المدير التنفيذي لجمعية الشارقة الخيرية، يرى أنه مع أزمة فيروس كورونا المستجد، جمع العديد من الأفراد والمؤسسات تبرعات بهدف مساعدة المتضررين من الجائحة، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر يحتاج إلى تنظيم تلك التبرعات والتحقق من وصولها إلى مستحقيها، مضيفاً: «نقدر بذرة الخير الموجودة في مجتمعنا، لكن تنظيم هذا الأمر ضروري حتى لا يسمح بصرف تلك التبرعات في غير مكانها».
وأضاف: «ويحرص أصحاب حملات التبرع الوهمية في الإنترنت على خداع المتبرعين من خلال إثارة عواطفهم كنشر إعلانات لراغبي المساهمة في الأعمال الخيرية، كبناء مسجد في دولة غير إسلامية أو لشراء مصاحف أو كراسي تساعد العجزة على أداء الصلاة، أو لإنقاذ حياة مريض، وذلك كله بإرفاق عبارات استعطافية وتحفيزية توهم المتبرع بحقيقة حملة جمع التبرعات الخيرية، ما يدفعه للتواصل مع القائم أو المشرف على هذه الحملة للاتفاق على طريقة تسليمه المال».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"