نعمة لبايدن أم نقمة؟

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

 

حتى عامين من الآن، على الأقل، أي حتى موعد الانتخابات النصفية القادمة لمجلسي النواب والشيوخ، يبدو الرئيس الأمريكي الجديد في وضع مريح، في علاقته بغرفتي «الكونجرس»، حيث يتمتع الديمقراطيون بأغلبية فيهما، وإن كان للجمهوريين نفس عدد المقاعد التي لهم في مجلس الشيوخ، فإن صوت نائبة الرئيس كمالا هاريس يرجح كفة الحزب الديمقراطي عند التصويت على قضايا مفصلية.
رغم ذلك، فإن هذا الوضع قد يسبب إرباكاً للرئيس بايدن، الحريص على أن يقدم خطاباً توحيدياً للمجتمع، للتغلب على إرث الانقسام الثقيل الذي فاقمت منه سياسات سلفه دونالد ترامب. ومثل هذا الخطاب، يتطلب إبداء مرونة، أو فلنقل شيئاً من البراجماتية، في العلاقة مع الجمهوريين، لأنه إن اختار المواجهة معهم منذ البداية مستغلاً وضع حزبه المريح في غرفتي «الكونجرس»، فإن «الوحدة» التي يدعو إليها ستتعثر سريعاً، وسيقوي ذلك الموقف المتشدد في صفوف الجمهوريين المتعاطفين مع شخص ونهج ترامب.
آجلاً أو عاجلاً سيجد بايدن نفسه أمام ما يمكن وصفه بالمطرقة والسندان، فمن جهة، فإن يسار حزبه الذي يتزعمه بيرني ساندرز سيضغط عليه للمضي في تنفيذ برنامج اجتماعي أكثر جذرية، ولسان حال هذا اليسار يقول: لا حجة للرئيس في التردد في المضي في ذلك، لأن لديه الأغلبية الكافية في «الكونجرس» لتمرير ذلك البرنامج، ومن جهة أخرى فإن صورة بايدن كرئيس معتدل، صاحب خبرة سياسية طويلة، ميال إلى التوافقات لا إلى المواجهات، ستكون على المحك.
الميل التوفيقي أو التوافقي لبايدن ظهر في اختياره لنائبته كمالا هاريس، فهي الأخرى أكثر وجوه «يسار» الديمقراطيين اعتدالاً، قياساً إلى ساندرز نفسه، أو إلى إليزابيث وورنت أو الكسندرا أوكاسيو كورتيز، ذات الأصل البورتريكي، وهي أصغر أعضاء «الكونجرس» سناً، وأكثر الديمقراطيين نزوعاً يسارياً، وكانت ضمن أربع نائبات تزعمن حملة مساءلة ترامب الأولى، حتى أنه هاجمهن بالاسم، داعياً إياههن إلى العودة لبلدانهن الأصلية.
مع ذلك يحذر بعض المحللين من أن تمادي هاريس في إبراز هويتها العرقية، كونها ملونة وابنة لأبويين مهاجرين، وإن كان سيخدم الصورة التي يريد بايدن تقديم نفسه بها، كرئيس منفتح على كافة مكونات المجتمع، فإنه قد يكون مستفزاً لغلاة المتعصبين البيض الذين صادف خطاب ترامب هوى في نفوسهم.
يشي ذلك بتحدٍ سيواجهه بايدن في المرحلة الأولى من دخوله البيت الأبيض، حيث يتعين عليه الموازنة بين إرضاء رغبات القاعدة اليسارية في حزبه من جانب، وألا يجعل من «نعمة» الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس «نقمة» من جانب آخر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"