عادي

الحضارة عند مفترق طرق

01:37 صباحا
قراءة دقيقتين
3

الاهتمام بالمستقبل ينتشر هذه الأيام، فإلى حد ما كلنا يعرف أننا نعيش في وقت تقف فيه الأرض، وكذا حضارتنا الإنسانية، في مفترق طرق، وهذا الكتاب وعنوانه «التغيير العالمي من أجل بشرية أكثر إنسانية» لإيدموند بورن، يصف تغيراً جوهرياً في الوعي الإنساني، تغيراً جوهرياً في إدراكنا للعالم، وفي سلوكنا نحوه، وهذا التغير نما وتطور عبر العقود القليلة الماضية، وسيظل ينمو خلال القرن الحادي والعشرين، لكن ما الذي يحدث التغيير؟

سيحدث التغير عند توقف الاتجاهات المجتمعية السائدة، التي تدعو إلى تنامي وتعاظم غير محدود اقتصادياً، يؤازره الاستهلاك المادي غير محدود، وسيحدث على المستوى العالمي عندما تتخلص الإنسانية من مراهقتها، وتتعلم كيف تخدم الأرض ومصادر الحياة فيها، وعندما تصبح الثقافات والقوميات كلاً واحداً في العائلة الإنسانية.

يوضح الكتاب أن مثل هذه القيم والأمنيات منتشرة بين نحو 10% من سكان العالم، ولن تصل إلى القاعدة العريضة من سكان العالم ما لم تواجه الإنسانية ما يتحداها، فالمشكلات المتصاعدة من التغير المناخي واختلال التوازن البيئي، وتقلص المصادر خاصة البترول، والمياه والنمو السكاني والفقر، جميعها تصل بالعالم سريعاً لنقطة تغير دراماتيكي في الأولويات التي ستكون مطلوبة للقضاء على هذا التشوش.

يمكن وصف التغير في النظرة إلى العالم من وجهات نظر متعددة، سواء على المستوى النظري أم العملي، وهذا الكتاب يعد تمهيداً موجزاً للإدراك الجديد للواقع، كيف ندرك العالم، وهذا المنظور الجديد قد حل محل النظرة القديمة العلمية المادية للعالم، والتي كانت سائدة في المجتمع الغربي لأكثر من 400 عام.

يقدم الكتاب عدة تمارين، تم وصفها بصورة متخصصة، مثل تقليل استهلاك اللحم واعتناق التسامح، والجلوس جانباً للاسترخاء، والتأمل وإعادة تدوير المخلفات، وإعطاء الوقت والمال للمصلحة العامة، وهي جميعها تقود إلى تخطيط أكبر للتغير المنشود على الكوكب، وإذا اخترت أن تشارك في هذه التمارين فقد أصبحت جزءاً من الحل في مواجهة المشكلات التي تتحدى الإنسانية، بدلاً من أن تصبح جزءاً من المشكلة، وليس من المستغرب أن ما نفعله لنداوي أنفسنا به، يكون هو أيضاً مصدر مداواة الكوكب.

إن الرؤية والتطبيق متلازمان، فالتغير في النظرة الجمعية للعالم تصاحبه، إن لم تكن تسببه، نماذج من التغيرات الجوهرية الأساسية في القيم والسلوكات المطلوبة من الإنسانية بهذا الوقت، وهذه النظرة المتغيرة هي جزء من تغير أكبر يتضمن إعادة هيكلة ثقافية واقتصادية وسياسية لإعادة بناء المجتمع.

يقدم الكتاب ملخصاً للأزمات العالمية التي جعلت الإنسانية تقف عند مفترق الطرق، فمشكلات مثل ارتفاع درجة الحرارة ونقصان الموارد، وفقدان التنوع البيولوجي، والتصحر، وانتشار الفقر والأمراض عبر العالم، وشكل الصراع المستقبلي، كل ذلك تم وصفه بشيء من التفصيل، ولو أخذنا في الاعتبار الموقف الراهن فهناك اثنان من السيناريوهات البديلة بشأن مستقبل الأرض، فإما انهيار عالمي خطر أو تقدم مفاجئ أصيل في الوعي الإنساني، على مستوى الكوكب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"