بايدن أمام أجندة مناخية ضخمة لقيادة الدفة من جديد

22:23 مساء
قراءة 3 دقائق

خلال حملته الانتخابية للبيت الأبيض، ولسنوات قبل ذلك، شدد الرئيس المنتخب جو بايدن على التهديد الذي يسببه تغير المناخ، وضرورة تحرك الولايات المتحدة. إنه على حق. لا يمكن السماح للاضطرابات السياسية في البلاد بتهميش العمل الفوري والجريء لمواجهة التهديد الوجودي المتمثل في الاحتباس الحراري.

ما قاله بايدن عن أولوياته مشجع، وكذلك العديد من التعيينات المقترحة، بما في ذلك مايكل ريجان، بطل المسؤولية البيئية منذ فترة طويلة، لقيادة الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، وجينا مكارثي، الرئيسة السابقة لوكالة حماية البيئة ورئيسة مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، بصفتها منسق البيت الأبيض الجديد لسياسة المناخ.

لقد دعا الرئيس المنتخب بشكل صحيح إلى نهج يشمل الحكومة بأكملها، مما يعني أنه يجب تقييم كل سياسة لتداعياتها على تغير المناخ. وإذا استمر بايدن في ذلك، فإن هذا النوع من الالتزام يمكن أن يوقف التراجع الذي حدث في السنوات الأربع الماضية ويحدث فرقاً حقيقياً ليس فقط للولايات المتحدة ولكن لكوكب الأرض بأسره.

يُعد تغير المناخ تهديداً عالمياً يتطلب اتخاذ إجراءات على مستوى أممي، لذلك من الضروري أن تنضم الولايات المتحدة، ويفضل أن توجه، الجهود التعاونية العالمية بهذا الخصوص. ومن بين الإجراءات الأولى لبايدن، إخطار الأمم المتحدة بانضمام الدولة مجدداً لاتفاقية باريس، وهي إطار عالمي للحد من انبعاثات الكربون، قدمته الولايات المتحدة ثم تخلى عنه دونالد ترامب. كما يجب أن تكون أهداف الولايات المتحدة أكثر طموحاً، وألا تقود بالنصائح بل بالقدوة.

الهدف الطموح للطاقة النظيفة أمر بالغ الأهمية، والانتقال السريع أمر ممكن. إذ انخفضت تكلفة الطاقة النظيفة من مصادر مثل الرياح والطاقة الشمسية بشكل كبير ولا تزال في انخفاض. وفي كثير من الحالات، تكون الطاقة القادمة من مصادر نظيفة أرخص من المصدر الأحفوري، فضلاً عن فوائدها البيئية والصحية الضخمة.

ويستعد الهيدروجين، وهو وقود قابل للتخزين، ليصبح مصدر الطاقة النظيفة المهم القادم. في حين تتحسن تقنية البطارية باستمرار. ومع وجود بنية تحتية للطاقة جديدة وأفضل، يمكن للولايات المتحدة بناء شبكة طاقة ذكية.

يجب على بايدن تعزيز الحوافز لإنتاج الطاقة النظيفة، وحث الكونجرس على وضع معايير جديدة لكفاءتها، واستعادة وتشديد ضوابط التلوث لمحطات الفحم والغاز. سيؤدي الانتقال السريع إلى وضع بعض المجتمعات تحت الضغط، لذلك يجب على الرئيس الجديد العمل على توفير الوظائف والمساعدة المالية للمتضررين. كما أنه من المهم جداً وقف جميع أشكال الدعم للوقود الأحفوري.

هناك حاجة إلى حوافز جديدة لمساعدة الشركات والعائلات على استبدال الأجهزة والأنظمة التي تهدر الطاقة وتلوث المناخ. وعد بايدن بتحديث 4 ملايين مبنى وتكييف مليوني منزل. ولا ننسى أن وسائل النقل بحاجة أيضاً لأن تصبح أكثر نظافة وكفاءة، بحيث تكون جميع سيارات الركاب الجديدة خالية من التلوث بحلول عام 2035. ويجب أن تزداد المعايير الفيدرالية وتصبح أكثر تشدداً بشأن السيارات التي تعمل بالغاز بمرور الوقت.

في جانب متصل، يحتاج نظام الطرق السريعة إلى أن يكون كهربائياً، وعلى الولايات والمدن المساعدة في بناء شبكات من محطات شحن السيارات الكهربائية مع مرافق شحن لكل 20 ميلاً.

يُنتظر من الإدارة الجديدة أن تدعم وسائل النقل العام النظيفة والطرق والمسارات المناسبة للدراجات والمشاة. ويجب أيضاً إعطاء الأولوية لعمليات الشحن الخالية من الوقود أو منخفضة الاستهلاك، عبر شروط ومعايير أكثر صرامة. والإنفاق العام على مرافق الموانئ، وتحفيز الأسعار، ومطالبة جميع السفن التي ترسو في الموانئ الأمريكية بالانتقال لنظام كهربائي بالكامل في أقرب وقت ممكن.

يتطلب إدراك بايدن أن مكافحة تغير المناخ تمس كل شيء، تفكيراً جديداً في مجالات سياسية أخرى لا حصر لها. وعليه إعادة النظر في العديد من المواضيع من خلال عدسة العدالة البيئية، لضمان حصول المجتمعات التي عانت أكثر من التلوث على حقوقها، لا سيما في شكل طاقة نظيفة ميسورة التكلفة ووظائف ذات رواتب جيدة.

يجب أن تكون المرونة المناخية موضع تركيز آخر، تدعو إلى حماية وتحسين البنية التحتية الحيوية، وإلى تدابير لحماية المتنزهات والأراضي العامة والمحيطات، فضلاً عن التأهب لمكافحة حرائق الغابات والتقييم البيئي الشامل للمشاريع الجديدة. ونادراً ما يكون هناك عنصر في الإنفاق الحكومي ليس له آثار مناخية.

بعد أن شهدت السنوات الأربع الماضية تجاهل الولايات المتحدة لهذه القضايا وتعمدت، مع سياسة تلو الأخرى، إعادة الأمور إلى الوراء. وعد بايدن بإنهاء هذه الفضيحة ووضع التغير المناخي في مكانه الصحيح، في قلب الحكومة الأمريكية.

نعم، إنها أجندة واسعة النطاق، ولن تحدث في وقت قريب جداً، لكن لا يمكن التنصل منها بعد الآن.

* بلومبيرج

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"