عادي

رواية «ماتيلدا» لماري شيلي على درب «فرانكشتاين»

01:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

القاهرة:  «الخليج»

ابتدعت الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي (30 أغسطس 1797 – 1 فبراير 1851) شخصية فرانكشتاين سنة 1818ومع أنها كاتبة مهمة فقد عاشت في ظل زوجها الشاعر الكبير «شيلي» وتوفيت في لندن، بعد أن قامت بجمع وتقديم مؤلفاته، وكانت عائلتها قد تعرفت إلى الشاعر اللورد بايرون في سويسرا، ونشأت بينهم صداقة، وبتشجيع منه ومن زوجها بدأت ماري كتابة أولى رواياتها وأهمها «فرانكشتاين أو بروميثيوس الحديث».

تنتمي الرواية إلى الأدب القوطي، الذي يعالج الكاتب فيه موضوعات غرائبية وما وراء الطبيعة، في عالم الأحلام والأشباح والأرواح، ومع ذلك فقد كانت ماري على علاقة وطيدة بأسس الحركة الرومانسية، وتحكي الرواية قصة العالم السويسري فرانكشتاين الذي يصنع شخصاً من أشلاء متفرقة، ويكون الناتج في منتهى البشاعة، إلا أنه يتمتع بصفات الإنسان، بل يتجاوزها إلى حد الكراهية لصانعه، ما يقودهما إلى الهلاك.

لا تزال هذه الرواية، التي تتميز بالعديد من خصائص أدب الخيال العلمي، من أكثر الروايات رواجاً، ونقلت إلى شاشة السينما أكثر من مرة، وكان التفكير في الرواية قد بدأ حين كانت أسرة شيلي وبيرون تقضي الصيف على ضفاف بحيرات سويسرا، وأثناء قراءة قصص الرعب الألمانية، اقترح بايرون عليهم أن يقوم كل واحد منهم بكتابة قصة عن الأرواح الشريرة.

المسرح والسينما

تعرف الجمهور للمرة الأولى إلى أعمال مارى شيلي من خلال النسخة المسرحية لفرانكشتاين في عام 1823 ثم من خلال النسخ السينمائية ومنها النسخة السينمائية الأولى في 1910 وعلى مدار القرن التاسع عشر كان ينظر لمارى شيلي على أنها مؤلفة، نجحت بسبب عمل واحد، لا ككاتبة محترفة، حتى إن أعمالها لم تنتشر إلا خلال الثلاثين عام الماضية، وهذا أدى إلى تجاهل الكثير من إنجازاتها.

وقد أصدر مركز المحروسة للنشر رواية «ماتيلدا» لماري شيلي، من ترجمة عماد منصور، وهي الرواية الأهم بعد «فرانكشتاين» ويشترك النصان في العديد من السمات، فكلاهما يتناول هجران الأب، وكلاهما يمثل إضافة إلى الأسلوب القوطي، عبر مواضيع مثل الجنون والميل إلى الانتحار والعزلة، واختلاق المسوخ، لكن «ماتيلدا» تختلف في حكاية نشرها العجيبة والمعقدة، فهناك أكثر من 120 سنة تفصل بين كتابتها ونشرها.

بدأت شيلي كتابة «ماتيلدا» في أغسطس سنة 1819 تحت عنوان أصلي هو «حقول الخيال» ثم أنهت مسودتها الأولى بعد ما يزيد على شهر بقليل من بداية كتابتها، جاءت هذه الشهور في أثناء فترة عصيبة جداً من حياتها، فخلال العام نفسه عانت شيلي من موت اثنين من أطفالها، وفي اليوميات التي أشارت فيها إلى البدء بكتابة الرواية كتبت: «إذا انمحت كل الأحداث، التي وقعت في السنوات الخمس قد أكون سعيدة».

لاحقاً ذكرت شيلي أن كتابتها كانت لها آثار علاجية عليها، بعد موت الشاعر شيلي زوجها كتبت ماري قائلة: «قبل أن أكتب ماتيلدا كنت غارقة في اليأس، كان الإلهام كافياً لقمع أي بؤس مؤقتاً، لكن الآن لا أجد أي راحة» كان أول من قرأ الرواية صديقة زوجها، التي قالت إن الرواية «مثيرة للاهتمام على نحو استثنائي وصادقة بلا أي حيل خادعة».

قراءة مزعجة

أبدى جودوين والد ماري امتعاضه من الرواية فقد وجد أن موضوعات الرواية حول الانتحار «كريهة ومثيرة للامتعاض» واعتقد أن «القراء سيتعذبون من لحظة إلى أخرى بسبب خوفهم من سقوط البطلة بين لحظة وأخرى»، وعلى نحو مثير للحزن لم تر الرواية النور في حياة ماري شيلي، التي جاهدت لاسترجاع المخطوطة من جودوين، وبعد موت زوجها الشاعر فقدت الاهتمام بالأمر، ربما بسبب اكتئابها أو حاجتها إلى نشر مادة جديدة لإعاشة نفسها وطفلها. 

لم تسترجع «ماتيلدا» أبدا في اثناء حياة جودوين أو مؤلفتها ماري شيلي أو صديقة الشاعر، إلى أن قامت باحثة إنجليزية باستخراج المخطوطة من الأوراق الكثيرة، ونشرتها عام 1953 وكتبت: «في هذه القصة كما في جميع كتابات ماري شيلي هناك الكثير مما يعتبر سيرة ذاتية، يصعب أن نجد كتاباً أكثر كشفاً عن الذات من هذه الرواية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"