عادي

استراتيجية الدين العام.. سوق سندات ومؤشر اقتصادي للإمارات

22:34 مساء
قراءة 5 دقائق
1
1

دبي: عبير أبو شمالة

تعد مبادرة الإمارات بإقرار استراتيجية للدين العام، خطوة على درجة كبيرة من الأهمية لتنظيم إصدارات الدين العام السيادية ولتطوير سوق محلي لإصدارات الدين ولأوراق الدين بالعملة المحلية، ولخلق منحنى عائد يتيح للشركات والمؤسسات في الدولة اعتماد سوق الدين المحلي كآلية تمويل مناسبة.
وقال خبراء ل «الخليج» أن إقرار استراتيجية الدين العام، يعزز الثقة في اقتصاد الإمارات خاصة مع التصنيفات الائتمانية المرتفعة التي حظيت بها الدولة، وفي ظل ما تتمتع به من استقرار اقتصادي وقاعدة نمو مستدام. 
قال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات لدى شركة «الظبي كابيتال»: إن إقرار استراتيجية للدين العام يمهد لإصدارات دين قريبة للحكومة الاتحادية لتمويل مشاريعها التنموية، ولفت إلى أن تأسيس منحنى عائد، والحصول على تصنيفات ائتمانية عالمية سيكون لهما دور إيجابي في السماح للمؤسسات الاتحادية بالبدء في التوجه لأسواق الدين؛ لتمويل مشاريعها التنموية من دون الحاجة إلى وضع أعباء إضافية أو كبيرة على الميزانية الاتحادية خلال سنة معينة أو انتظار مخصصات من قبل الحكومة الاتحادية.
وأكد أن فتح المجال أمام المؤسسات الحكومية في قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية والمواصلات، وحتى في قطاعات مثل صناعة الفضاء، والتي تعمل على مشاريع ذات أسس مالية جيدة، وقادرة على خلق عائد جيد للحكومة الاتحادية، سيكون عنصراً إيجابياً؛ لتوفير التمويل اللازم لها من دون تأخير من خلال طرح إصدارات الدين بآجال طويلة لتمويل المشاريع، كما سوف تستفيد من التصنيف الائتماني القوي للدولة، والذي يعد بين الأعلى عالمياً، ومن انخفاض كلفة الإصدارات في الوقت الحاضر.
وقال: إنه من المهم أن تكون هناك استراتيجية تنظم إصدارات الدين بصفة عامة وتحدد نسبة الإقراض إلى الناتج المحلي. وأضاف: إن وجود مثل هذه الأدوات مهم لخلق مصادر تمويل جديدة للحكومة الاتحادية ومؤسساتها وفي نفس الوقت تشكل فرصاً استثمارية جيدة للمستثمرين والمؤسسات الاستثمارية التي تبحث عن ملاذات آمنة لتخصيص السيولة التي لديها، ووضعها في مثل هذه الأدوات الاستثمارية التي من المتوقع أن تشهد إقبالاً مرتفعاً على المستوى المحلي والعالمي، ولن تمثل أعباء إضافية كبيرة في المرحلة الحالية مع تدني كُلفة الإصدارات.
تطوير أسواق الدين
وقال بشار الناطور، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي لدى وكالة التصنيف الائتماني العالمية «فيتش» إن هذه الخطوة مهمة لتطوير أسواق الدين وأسواق أوراق الدين بالعملة المحلية، فعلى الرغم من أن الإمارات ناشطة إلى حد كبير في إصدارات الدين العالمية، ولها وجود قوي في الأسواق العالمية وبالعملات الأجنبية، سواء على صعيد الإصدارات السيادية من قبل بعض الإمارات في الدولة، أو إصدارات البنوك والشركات، إلا إن غياب سوق دين محلي بالعملة المحلية مثّل قصوراً لافتاً في الفترة الماضية.
وأكد أن اعتماد استراتيجية الدين العام مثل وضع حجر أساس لأسواق دين محلية، تتيح منفذاً مهماً للبنوك والشركات إلى السوق المحلي. ولفت إلى أن الأسواق المحلية أساسية في العديد من الدول على مستوى إصدارات الدين من سندات أو صكوك، فعلى سبيل المثال تعتمد ماليزيا بدرجة كبيرة في إصداراتها من الصكوك على سوق الدين المحلي بالعملة المحلية، وهي قليلاً ما تحتاج إلى إصدارات دين خارجية في الأسواق العالمية.
ولفت إلى وجود العديد من الأمور التي من المنتظر توضيحها للحصول على رؤية أفضل حول هذه الاستراتيجية بما في ذلك إن كانت ستشمل إصدارات الصكوك المتوافقة على مبادئ الشريعة الإسلامية، لكن الخطوة في حد ذاتها تعتبر مهمة كونها تسهم في تطوير منحنى عائد تسترشد به الشركات والجهات المصدرة للدين بصفة عامة في السوق المحلي.
وقال إن هذه الخطوة تعتبر مهمة للمستثمر، حيث تتيح له إمكانية الاستثمار بالدرهم، كما أن ميزة الإصدار بالعملة المحلية مهمة للمصدرين من الشركات الصغيرة التي يصعب عليها الدخول إلى أسواق الدين العالمية، كما يمكن أن يشكل الإصدار بالعملات الأجنبية لها مخاطرة إضافية. وأوضح أن تطوير سوق محلي سيساعد في خدمة شريحة واسعة غير مخدومة من الشركات المتوسطة والصغيرة.
الزخم وراء الإصدارات 
وحول الوقت اللازم لبناء منحنى عائد، قال الناطور إن الأمر يعتمد بدرجة كبيرة على الزخم وراء إصدارات الدين، حيث من المهم أن تكون هناك إصدارات متنوعة من حيث الحجم والنوع ومن حيث آجال الاستحقاق كذلك، وأوضح أن السعودية على سبيل المثال بدأت في العمل على خلق منحنى عائد وتطوير سوق للدين المحلي في 2016، وعملت منذ 2017 على إصدارات دورية لصكوك محلية، وتمكنت من خلق منحنى عائد متطور نسبياً على مستوى دول المنطقة، كما ساعدها ذلك في الاستمرار في إصدارات الدين في العام الماضي، رغم تبعات الجائحة بالنظر لاختلاف طبيعة المستثمر المحلي عن الأجنبي.
سوق رئيسي عالمي
من جانبه، قال المحلل المالي، وضاح الطه، إن الفترة التي نمر بها في الوقت الحاضر مملوءة بالتحديات، وربط الدرهم بالدولار يفرض مواكبة معدلات الفائدة المتدنية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وعليه يعد وجود سوق للدين مقوم بالعملة المحلية مهم بالفعل، حيث سيكرس لقدرة الإمارات على أن تكون سوقاً رئيسياً على مستوى العالم في إصدار السندات، وسيعزز الثقة في اقتصاد الإمارات وفي العملة المحلية التي تتمتع بالاستقرار، بالنظر لارتباطها بالدولار الأمريكي، وبفضل تنوع قاعدة نمو الاقتصاد التي تعد من بين أقل الدول النفطية اعتماداً على مواردها من البترول.
ولفت إلى وجود العديد من العوامل التي تدعم بناء سوق محلي وتساعد عليه بما في ذلك استقرار ومرونة البيئة التشريعية، والحاجة للاستجابة للمتغيرات والتطورات الدولية، ووجود بنية تحتية متميزة للأسواق المحلية. وتوقع أن يكون مستوى الإقبال كبير على إصدارات الدين في السوق المحلية بالدرهم والذي يناسب شريحة واسعة من المستثمرين. وقال: «سيكون هناك إقبال قوي ليس فقط لارتفاع التصنيف الائتماني للدولة، والذي يعد بين الأعلى في العالم، وإنما كذلك لقوة الأداء الاقتصادي واستقرار مستويات النمو.
آلية شاملة لإدارة الإصدارات
ومن جهته قال طارق قاقيش، المدير التنفيذي لشركة «سولت» للاستشارات المالية إن إقرار استراتيجية الدين العام تمهد لخلق آلية شاملة لإدارة الإصدارات السيادية بالعملات الأجنبية، وستتيح فرصة لإصدارات بالعملة المحلية، وأضاف أن خلق منحنى عائد سيعطي دفعة للشركات الحكومة والجهات الاتحادية للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة في الوقت الحاضر في إصدار سندات أو صكوك لتمويل مشاريع البنية التحتية وغيرها من المشاريع اللازمة لإعطاء دفعة لعجلة النمو الاقتصادي، ولتعزيز أطر النمو. وأشار إلى أن هذه الخطوة بلا شك مهمة، لكن يلزم الإطلاع على تفاصيل استراتيجية الدين الشاملة لخلق صورة أفضل عن انعكاساتها على الاقتصاد المحلي.
وقال إن أسواق السندات بصفة عامة مهمة ولها دورها الحيوي كمؤشر على الأداء الاقتصادي العام وعلى أداء أسواق الأسهم والعقارات وعلى مؤشرات التضخم وغيرها من المؤشرات الحيوية لقياس الأداء الاقتصادي. وأكد أن وجود سوق سندات وأوراق دين نشط بسيولة مرتفعة، عنصر مهم لجذب المزيد من الاستثمارات.
وأكد أن سوق الإمارات بجاذبيته قادر على استقطاب الاستثمارات بقوة ليس فقط بالنظر لاستقرار الأداء الاقتصادي ومعدلات النمو المرتفعة، والتقييمات الائتمانية المتفوقة، وإنما كذلك تخدم جاذبيته العالمية في هذه المرحلة معدلات الفائدة الجيدة قياساً بالعديد من الاقتصادات العالمية التي تعاني معدلات فائدة سالبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"