عادي

لحم ودم الحكاية

23:58 مساء
قراءة دقيقتين
1

اهتم عدد من كتاب السرد الجدد والشباب بتوظيف الموروث الشعبي في نتاجهم القصصي تحديداً، فالقاصة الشابة هبة الله أحمد، في مجموعتها «النوالة»، الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2020، تعمل على الإفادة من الحكايات الشعبية والرؤى الخرافية التي تحملها أطر الحواديت، للتعبير عن أزمات الإنسان الراهن، خاصة من الجانب النفسي.

وتستند قصص المجموعة الفائزة بالجائزة المركزية لقصور الثقافة في مصر، إلى توظيف حكايات «التِرسة»، حيوان بحري، يعتقد أن تناول دمائه ساخنة وفي ساعات مبكرة تردّ إلى الجسم نضارته، وتملأ جوانبه، خاصة عند من يعانون نحافة مفرطة. ولأن الغرض ليس التسلية إنما هو تصوير الحالة النفسية عند إقدام الفرد على المكاره من أجل إرضاء المحبوب، ربما جرياً وراء الوهم، بوصف الأحلام أوهاماً في كثير من الأحيان، فالقصص تستدعي بالضرورة «النداهة»، أو «حورية القيالة»، التي تغوي «سعد»، وهو معادل «سعد اليتيم» أيضاً، الحكاية الشهيرة، تغريه بالجمال، فيبدأ بالانجذاب نحوها.

من جهتها، استفادت القاصة الشابة نهى صبحي في مجموعتها «الخيالة» 2020، من سيرة «يوسف وزليخة»، ورغم ورود قصة النبي يوسف في القرآن الكريم، فإن الكاتبة قصدت السيرة الشعبية التي كان يتناقلها الرواة الشعبيون للقصة ذاتها، لا لتسمو بشخوصها فوق الواقع الداخلي والخارجي، ولا لتجعل منها أشكالًا شفافة خفيفة الوزن والحركة، ولا لتفرغهم من عواطف الغضب والحزن والحسد، إنما لتنسجهم من لحم ودم، وتدخلهم في غمار الحوادث التي يتجاوبون معها كيفما كانت، لتعيد تقديم الأحداث، ونصبح أمام رؤية حداثية لحيرة الإنسان الذي تحيط به المغريات والتهديدات من كل الجوانب، ليبقى السؤال: كيف يمكن له ألا يسقط؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"