عادي

حور القاسمي.. ورثت من سلطان حب الفنون

00:06 صباحا
قراءة 6 دقائق
1
1

الشارقة:«الخليج» 
متواضعة في تصرفاتها وتلقائية، مقبلة على الحياة، مغامِرة تحب أن تجوب العالم لتكتشف كنوزه وثقافته وفنونه وعاداته، لذا أتقنت الكثير من اللغات التي ساعدتها كثيراً في حياتها المهنية، فبالإضافة إلى لغتها الأم العربية، تتقن الإنجليزية، الفرنسية، اليابانية، البولندية، الروسية، والماندرين، ويقال عنها «إنها غارقة في الثقافة تأثراً بوالدها المثقف الإنسان».
نقلت عنها صحيفة «نيويورك تايمز» قولها «لا يمكنك حقاً النظر إلى المستقبل دون النظر إلى الماضي والحاضر»، في دلالة لا يخطئها عقل على تشبعها بالثقافة المحلية، واعتزازها بالتراث الوطني.
 مسؤولية مبكرة

هي الشيخة حور القاسمي ابنة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، التي ورثت جينات والدها في تعلقها واهتمامها بالثقافة والفنون، لذا لم يكن مستغرباً أن توكل إليها مسؤولية بينالي الشارقة، في الثانية والعشرين من عمرها وهو منصبها الأول كمديرة لبينالي الشارقة. على الرغم من أنها لم يكن لديها سوى أربعة موظفين يعملون معها، إلا أن ذلك لم يبعدها عن العمل الجاد وبث روح الأصالة في المعرض الفني الذي أنشئ عام 1993 ليتبوأ مكانة عالية.
وتعلق على هذا الأمر لإحدى المجلات العالمية (فوغ) مارس2020، «اعتقدت أنه لا أحد سيأخذني على محمل الجد كرسامة إذ كنت بالفعل مديرة للمعرض وأنا لم أتجاوز الثانية والعشرين من عمري» مضيفة، «اعتقدت أن الناس سيقولون إنني حصلت عليه فقط بسبب والدي. أتذكر أنه كانت هناك فنانة كورية كنت أتواصل معها عبر البريد الإلكتروني وأثناء زيارتها تساءلت بتعجب، هل أنت المديرة؟ لقد كنت أتوقع أن من يشغل هذا المنصب هو رجل متقدم في العمر».
كانت فكرة أن أكون بسن 22 عاماً وامرأة، غريبة في عالم الفن الدولي في ذلك الوقت.
اعتقدت أنه بغض النظر عن مدى صعوبة عملي، كان الناس يقولون دائماً إن إنجازاتي تعود لكوني ابنة حاكم الشارقة، ما دفعني للعمل بجدية أكبر ودفعني لأخذ المزيد من المسؤوليات على عاتقي».
8 لغات 
وعن سبب إتقانها لثماني لغات والسفر علقت: «حثّنا والدانا على تعلّم اللغات ورؤية العالم. وكان ذلك دوماً جزءاً أصيلاً مما تربينا عليه. ولم ننشأ مطلقاً كأمراء، فقد تربينا على أن نفعل كل شيء بأنفسنا. حتى عندما كنت بالمدرسة وكان كل مَن هناك يشيرون إليّ قائلين «إن ابنة فلان تدرس هنا…»، كنت فقط أجلس وأشيح بناظري عنهم. ولم يكن الناس يعرفون شيئاً عنّا، وما الداعي لذلك من الأساس؟»، هكذا أجابت الشيخة لدى سؤالها عن نشأتها في كنف عائلة حاكمة. وأضافت: «كانت طفولتنا تتمحور حول الدراسة. وكانت أمي تشجعنا على ذلك. فقد كان يأتي إلينا مدرسون خصوصيون عقب المدرسة وفي أيام العطلات الأسبوعية. كنّا فقط نذاكر ونذاكر. ومن جهتي، أحببت ذلك جداً. فقد فتح ذلك البابَ أمامنا لأن نعي بأن لدينا وظيفة علينا أن نؤدي مهامها والتزاماتها. ومن المهم أن يكون لديك وظيفة، فالاستقلالية تعني كل شيء».
في عام 2003، شاركت الشيخة حور القاسمي في بينالي الشارقة 6 بخمس لوحات يومها، ربما كانت هذه اللوحات هي أولى الخطوات لإفساح المجال الأوسع أمامها في الجانب الفني في الإمارة أولاً ومن ثم العالم، واستمرت منذ ذلك الحين كمدير للبينالي. واستمر بينالي الشارقة منذ ذلك الوقت منصة دولية للفنانين المعاصرين والقيمين والمنتجين الثقافيين.
مؤسسة الشارقة للفنون 
 وفي العام 2009، أسست الشيخة حور مؤسسة الشارقة للفنون وأصبحت الرئيس والمدير المؤسس للمؤسسة. 
واستكمالاً لدورها في مؤسسة الشارقة للفنون، تعمل أيضاً كرئيس لمعهد إفريقيا، وكذلك في مجلس إدارة ترينالي الشارقة للعمارة الذي انطلق للمرة الأولى في نوفمبر 2019.
وعملت أيضاً كقيّم لبينالي لاهور الثاني في أوائل عام 2020، والذي سيقام في جميع أنحاء مدينة لاهور، باكستان.
 تحقيق أولوياتنا 
وعن رسالتها قالت: رسالتنا هي جعل الفن ممارسة دائمة بكل ما يحتويه من قيم نبيلة وسامية، وبهذا نضع أولوياتنا التي نحاول تحقيقها على المستوى الإنساني والاجتماعي، وذلك يشترط إدراكنا العميق لكل القيم التي يتأسس عليها وجودنا والغايات النهائية التي نريدها بإقامة الحوار والانفتاح على الآخر، ولعل قارب التسامح يمثل مقاربة حقيقية لكل ما نريده من خلال الرسومات التي أطلقها الأطفال.
عاصمة عالمية للفنون 
 في يناير 2020 حلت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، ضيفة على مجلة «آرت نيوز» المتخصصة في دراسة المشهد الإبداعي العالمي وأكدت المجلة أن جهود الشيخة حور القاسمي، أسهمت في تحويل الشارقة إلى عاصمة عالمية للفنون.
جاء في تقرير المجلة أنه في العام 2005، كتبت ناقدة الفنون الشهيرة سابين فوجل في «Artforum» أن الشارقة أصبحت على المسرح العالمي للبيناليات الفنية الأكثر شهرة. وفي العام 2009 تأسست مؤسسة الشارقة للفنون، وتولت حور القاسمي مسؤوليتها، التي ساعدت أنشطتها المتنوعة على إثراء المشهد الفني للإمارة، وتحويله إلى حاضنة للإبداع والابتكار. كما نقلت فعاليات البينالي من «مركز إكسبو»، إلى منطقة التراث.
التعليم 
 تلقت الشيخة حور تعليمها في مدرسة الشويفات بالشارقة، وكانت ميولها الفنية منذ صغرها الاهتمام بالموسيقى، وحصلت على دروس خاصة بالرسم في مركز الشارقة للفنون، ثم واصلت دراسة الفن في المعاهد المرموقة بلندن، أولها مدرسة سليد للفنون الجميلة، ثم معهد بواو الآسيوي 2002، إضافة إلى حصولها على شهادة في تقييم الفن المعاصر من الأكاديمية الملكية للفنون في 2005.
 مناصب مرموقة
 وتشغل الشيخة حور العديد من الأدوار والمناصب المرموقة، فهي عضو في مجلس إدارة متحف الفن الحديث بي إس 1 في نيويورك، ومعهد كونست فركيه للفن المعاصر في برلين، والجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية أشكال ألوان في بيروت، لبنان. وهي تشغل منصب رئيس المجلس الاستشاري لكلية الفنون والتصميم في جامعة الشارقة، وحظيت بعضوية المجلس الاستشاري لرابطة خوج للفنانين الدوليين في نيودلهي، الهند، وفي دارة الفنون في عمان، الأردن.
تشغل القاسمي أيضاً عضوية لجنة جائزة الأمير كلاوس (من 2016 - لتاريخه)، ومحكّمة في الدورة الخامسة من جائزة فن جيل المستقبل لمركز بينتشوم للفنون، كما عملت من قبل في لجان تحكيم مهرجانات وجوائز دولية منها جائزة بونفانتن للفن المعاصر (2018)؛ جائزة ماريا لاسنغ (2017)، وميديا سيتي سيؤول (2016)، وجائزة هيبورث ويكفيلد للنحت (2016)، وجوائز الأمير كلاوس (2016)، ومهرجان برلين السينمائي - برلينالي شورتس (2016)، وفيديو برازيل (2015)، ومهرجان دبي السينمائي الدولي (2014)، وجائزة بينيسي (2013).
حصلت على ماجستير في تقييم الفن المعاصر من الكلية الملكية للفنون في لندن (2008). كما حصلت على دبلوم في التصوير عام (2005) من الأكاديمية الملكية للفنون في لندن، وبكالوريوس الفنون من كلية سليد للفنون الجميلة في لندن عام (2002).
تترأس مؤسسة الشارقة للفنون، كما تعمل مديرة لبينالي الشارقة، بالإضافة إلى كونها تقود العديد من الأدوار الأخرى المعنية بالمشهد الإبداعي للإمارة. تحت قيادة الشيخة حور، تم تصنيف بينالي الشارقة مراراً واحداً من بين أهم 10 معارض عالمياً ودولياً. وتشغل أيضاً منصب رئيسة معهد إفريقيا في الشارقة منذ عام 2018، ورئيسة المجلس الاستشاري لكلية الفنون الجميلة والتصميم في جامعة الشارقة، وعضوة في المجلس الاستشاري في «رابطة خوج للفنانين الدوليين» و«مجلس أمناء أشكال وألوان» في لبنان و«مجلس إدارة متحف الفن المعاصر موما بي أس 1» في أمريكا ومؤسسة ترينالي الشارقة للعمارة ودار الفنون في عمان، كما أنها القيمة للنسخة الثانية من بينالي لاهور ومحاضرة زائرة في كلية «سليد للفنون الجميلة» في المملكة المتحدة كما أنها عضوة في مجلس أمناء أكاديمية الشارقة للفنون.
بالإضافة إلى مشروعاتها الخاصة فهي، على سبيل المثال مالكة مطعمي «فن»و «أبايومي».
ومنذ رحيل شقيقها التوأم الشيخ خالد بن سلطان القاسمي، طيّب الله ثراه، في يوليو 2019. حلّت محله في علامة أزيائه، محاوِلة بكل جهدها اتباع خطته الخمسية التي وضعها قبل أن يرحل.
جوائز 
أحدث الجوائز التي حصدتها الشيخة حور القاسمي، في أكتوبر 2019، كانت جائزة Game Changer في افتتاح متحف الفن الحديث في نيويورك بعد تجديده لجهودها في نشر ودعم الفنون الإبداعية في الشرق الأوسط.
 تأثرها بفنان
 تأثرت حور القاسمي بالفنان أوكوي إينوزور، الذي شارك كقيم لإحدى دورات البينالي وتقول: «من الصعوبة بمكان وصف التأثير الهائل الذي فرضه أوكوي إينوزور على الفن المعاصر ومؤسساته. أسهم فنه في صياغة نماذج فنية في أكثر من مكان في العالم، ودفع بها لتحتل مكانتها على الصعيد الدولي، ووضع مشروعاً فكرياً طموحاً أدى إلى تطوير العديد من المبادرات والمؤسسات، من بينها بينالي الشارقة ومؤسسة الشارقة للفنون. لقد كان لعمله في دوكيومنتا 11 أعمق الأثر، في مقاربتي الشخصية للحاجة الملحة لخلق منصة خاصة بفنون وأفكار هذه البقعة من العالم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"