سوق العمل الجديد

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
صباح الخير

العالم بعد فيروس كورونا لن يكون كما كان قبله، وتبعات الفيروس ستلازمنا إلى فترة طويلة، حتى أنها سترسم مسار حياتنا في المستقبل، ما يستوجب الإمعان في النظر بما أفرزه من تحولات، وما أعاد تشكيله من وظائف، لتلافي المشكلات التي نجمت جراء انتشاره، والقفز فوق عتباته.
لقد أماط كورونا اللثام عن ترهل سوق العمل، وازدحامه بوظائف لا تسمن ولا تغنى من جوع، فضلاً عن الحاجة إلى تدعيم وظائف قائمة بكادر بشري جديد، وتطوير مهارات العاملين في بعض الوظائف، واستحداث أخرى.
هذه العملية المتشعبة ترتبط بمجملها بالإرشاد الأكاديمي، الذي وحده سيأخذ بيد الطلبة ويبحر بهم في احتياجات سوق العمل لينتقوا من الوظائف المستقبلية ما يتماشى مع قدراتهم وإمكانياتهم الفكرية، كما أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببعض الموظفين الحاليين الذين عليهم تطوير قدارتهم حتى لا يجدوا أنفسهم يغردون خارج السرب، ويدفعون ثمن ذلك ترك وظائفهم لغيرهم من الذين عرفوا من أين تؤكل الكتف، وركبوا موجة الفيروس فارضين أنفسهم بإمكانياتهم على وظائف غيرهم.
بعض المهن والوظائف أثبتت خلال الجائحة أهميتها، وإنها لن تتأثر بموجة الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن الحاجة إليها ستبقى عصية على التغيير، فالأطباء مثلاً تسيدوا المشهد، وبعثوا برسالة مفادها أنه لن تقوى أي آلة على أن تأخذ مكانهم، وأنه على من يجد من الطلبة في نفسه الإمكانية لدراسة الطب، عدم التردد، والالتحاق مستقبلاً بأبطال الرداء الأبيض.
كما أن التمريض من المهن التي يجب أن تدار بوصلة الطلبة صوبها، بعد أن ثبت للجميع أن الممرضين لا يقلون أهمية مجتمعياً عن الأطباء، ناهيك عن الوظائف المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة التي ستكون لها اليد الطولى في سوق العمل مستقبلاً.
الجائحة كشفت أيضاً عن ضرورة تطوير مهارات العاملين في بعض الوظائف، فالمعلمون مثلاً مطالبون بسبر أغوار التكنولوجيا الحديثة ومقارعة طلابهم معرفياً في مفردات التقنية الحديثة، إذ لن يكون مقبولاً في المستقبل القريب أن يمارس أحدهم مهنة التدريس من دون أن يكون عارفاً كيفية التعامل مع التكنولوجيا، ف «السبورة» التي اعتاد الوقوف أمامها لتدريس الطلبة، لن تكون ضمن أثاث فصول المستقبل، والمعلم الشامل هو فقط من ستوكل إليه مهمة تدريس الطلبة.
من المؤكد أن سوق العمل سيشهد تحوراً كبيراً في وظائفه، والطلبة عليهم أن يتريثوا ويبحثوا مطولاً قبل انتقاء تخصصاتهم الدراسية، كي لا ينضموا إلى طوابير الباحثين عن عمل في مهن لم تعد موجودة، ولا ضير هنا من الوقوف عند الدراسات التي تناولت مفصلاً أثر كورونا في سوق العمل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"