ترميم صورة أمريكا

00:54 صباحا
قراءة 3 دقائق

صادق ناشر

التحركات التي تقوم بها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تأتي تحت عنوان رئيسي يتمثل في عودة الهيبة لدور الولايات المتحدة في الداخل والخارج، عبر ترميم ما لحق بها من شوائب خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب التي امتدت لأربع سنوات، كانت مثيرة للجدل لم تنته، كما هو معتاد، وفق التقاليد الديمقراطية، حيث أبى ترامب إلا أن يكون خروجه من البيت الأبيض فتيلاً لأزمة قد تمس مستقبل الولايات المتحدة على المدى الطويل.

الاتصالات التي أجراها الرئيس بايدن بعد تنصيبه، أظهرت نية لإعادة ترتيب أولويات إدارته، خاصة مع الخارج، بعدما شابها كثير من التوتر في عهد ترامب، وكانت القرارات التي صدّق عليها بايدن، دليلاً على التعقيدات التي خلقها ترامب للولايات المتحدة، خاصة الانسحاب من اتفاقية المناخ ومنظمة الصحة العالمية، والتوتر مع الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وكندا وغيرها.

وربما كان وزير الخارجية أنتوني بلينكن أكثر وضوحاً في التعبير عن المرحلة المقبلة، عندما أشار في تصريحات صحفية إلى أن إدارة بايدن «ستعمل على افتتاح حقبة جديدة من السياسة الخارجية»؛ لأن العالم، حسب قوله، يراقب الولايات المتحدة عن كثب لمعرفة قدرة البلاد على مواجهة كافة التحديات من «كورونا» إلى بلسمة الجراح، إلى العلاقات مع الحلفاء، مؤكداً أن الإدارة الجديدة ستعمل على توثيق علاقات الولايات المتحدة بحلفائها.

ربما تكون الملفات الأكثر تعقيداً أمام بايدن هي تلك المتعلقة بالعلاقة مع روسيا والصين وكوريا الشمالية، وملف إيران النووي، وقضايا الشرق الأوسط، والعلاقة مع دول الجوار الأمريكي، وهو ما بدا لافتاً في التواصل الذي جرى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو الاتصال الذي لم يُذب  بعدُ  الجليد بين البلدين، لكنه فتح نافذة من نوافذ التعاون البناء بينهما.

تُدرك إدارة بايدن أن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية، الخارجية، قد تعرضت لكثير من الأضرار خلال السنوات الأربع الماضية؛ لذلك بدا بايدن حريصاً على إرسال رسائل تحمل نوايا للتهدئة، من بينها الاقتراح الذي قدّمه بشأن تمديد معاهدة «نيو ستارت» للحد من الأسلحة النووية مع روسيا لخمس سنوات.

صحيح أن تطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة سيلبي مصالح البلدين والمجتمع الدولي برمته، إلا أن تحقيق ذلك سيكون صعباً بسبب التراكمات التي خلفتها السياسة الخارجية لترامب، وهو ما أشار إليه الكرملين عندما أكد أن عملية عودة العلاقات إلى سابق عهدها، لم تبحث في الاتصال الأول بين الرئيسين.

ولن تكون بقية الملفات سهلة على بايدن، لكن إدارته لديها الرغبة في ترميم الشرخ الذي حصل بين الولايات المتحدة والعالم، وهذا الأمر يتطلب تقديم تنازلات كبيرة يبدو أن فريق بايدن يُدرك ضرورتها لضمان عودة أمريكا إلى العالم من باب التعاون، لا من باب التعالي.

ما يهم الإشارة إليه إلى أن ما تواجهه الإدارة الجديدة ليست أزمات مع الخارج فقط، بل وفي الداخل أيضاً، لأن غبار الانتخابات الأخيرة التي جرت في نوفمبر الماضي، عمقت من الانقسام داخل المجتمع الأمريكي، وكانت تجلياته الرئيسية قد برزت بشكل أوضح في الهجوم على مبنى الكونجرس في السادس من شهر يناير الجاري بتحريض من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي أظهرته الأحداث أنه لم يكن قادراً على تقبل هزيمته في الانتخابات أمام الرئيس جو بايدن، بل وشكك في نزاهتها، وهذا أمر يضرب الديمقراطية الأمريكية في مقتل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"