الوقت لصالح أبو الغيط

00:45 صباحا
قراءة 3 دقائق

مهرة سعيد المهيري

قررت مصر إعادة ترشيح أحمد أبوالغيط، لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية لفترة ثانية كاملة (5 سنوات). هذا إن دلّ على شيء، فإنه يدل على مكانة مصر في عالمنا العربي. 

 لمصر مع الجامعة تاريخ طويل يضع مزيداً من المسؤولية عليها لدعم مستقبل الجامعة لتمكينها من القيام بمهامها. لقد شهدت مسيرة العمل العربي المشترك في إطار جامعة الدول العربية العديد من الإنجازات على المستويات الاقتصادية والسياسية التي لا يمكن إغفالها، فقد أسهمت الجامعة في بداياتها وبشكل فاعل في دعم تحرير أجزاء كبيرة من العالم العربي ومساندة تحرير العديد من الدول الإفريقية والآسيوية، كما شهدت الجامعة وعلى مدار تاريخها العريق، إنشاء العديد من الهيئات كالاتحادات العربية النوعية. 

 إن الظروف الراهنة والتدخلات الخارجية في الشأن العربي تستدعي تنسيقاً أكبر بين أعضاء الجامعة، وتفعيلاً لأطر الشراكة والتعاون القائمة، بل وإيجاد آليات جديدة تستجيب للتحديات. فلا غنى للعرب عن الإطار متعدد الأطراف الذي يجمعهم من المحيط إلى الخليج مهما بلغت قوة التنسيق على المستوى الثنائي، كما أن الجامعة العربية وتفعيل دورها أصبح أكثر إلحاحاً في المرحلة المقبلة للحد من التدخلات الخارجية سواء كانت من دول الجوار الإقليمي أو من قوى أخرى خارجية. فمكانة مصر الدولية ترتبط بالدور الذي يمكن أن تقوم به، وخاصة على الساحة الإقليمية، أي أن الانكفاء على الذات والتركيز على الداخل فقط يخرج مصر من عداد القوى المتوسطة التي يعترف العالم بأهميتها. الواضح أن مصر تعود بقوة لمكانتها وريادتها في المنطقة والعالم أجمع، والمهم أن هذه العودة تتم عبر قيادة سياسية واعية للبلاد، تدرك حجم المسؤوليات الملقاة عليها، وتسعى بكل جد وجهد إلى استعادة مكانة وتأثير مصر على جميع المستويات. 

 استعادة مصر لعافيتها، وعودتها فاعلاً كبيراً للمسرح السياسي، يسهم في احتواء الكثير من أزمات العالم العربي، إذ إن مواجهة مخاطر الإرهاب والحد من انتشاره، لا يقتصر على الشق الأمني فقط. وبالفعل أثبتت مصر أنها دولة عظيمة وكبيرة في مواجهة التحديات، وتصّر على تغليب المصلحة القومية في علاقتها الدولية، وتحرص على تنويع مصادر الدخل، ومنفتحة على جميع دول العالم في إطار المصالح المتبادلة، ولا تتوقف عن مد جسور التواصل مع القوى الكبرى. 

 إن التحولات الإيجابية الجارية في سياسة مصر الخارجية تساعد على دعم العلاقات السياسية، وتعدد الخيارات الاستراتيجية. عودة مصر للعالم العربي حققت التوازن المطلوب، ما يمكنه من مواجهة التحديات والمؤامرات والوقوف ضد الأعمال الإرهابية التي عصفت بدول كثيرة، أراد لها البعض، من أعداء السلام عدم الأمن ونشر الفوضى وعدم الاستقرار.

 وها هي مصر تستعيد دورها العربي القيادي، وتعيد صياغة معادلات القوة في الشرق الأوسط برمته، وتضبط التوازن الإقليمي في المنطقة. فحين تكون مصر قوية يكون العرب أقوياء، وحين تهون مصر يذل العرب، وحين تفقد مصر دورها وقيادتها، نضيع نحن العرب. نريد مصر القوية القادرة على تحقيق توازن قوي في منطقة الخليج العربي، حتى لا يبقى ميزان القوى مائلاً لصالح إيران. لا شك أن أجهزة الجامعة العربية بحاجة إلى تحديث يتناسب مع معطيات التغيير السائدة في العالم. ولكن الجامعة تحتاج أن تستند إلى دولة متمكنة وقوية في محيطها. ومصر، بمن تقدمه للأمانة العامة، هي الدولة التي تجتمع من حولها المسببات والدول العربية الأخرى. وجدل التشتيت الذي كان سائداً قبل سنوات من بعض الدول ما عاد له مكان الآن، فالموقف الإقليمي والدولي لم يعد يحتمل أي مشاكسات بلا قيمة. المنطقة على كف عفريت بالتهديدات المحيطة وأزمات مالية وسياسية وصحية. يجب أن تتناسق المسارات وتصل إلى مبتغاها، بلا مثبطات نحن في غنى عنها. 

 أبوالغيط يجمع خبرات الدبلوماسية المصرية التقليدية وما تراكم لديه من خبرة في العمل في الجامعة خلال السنوات الماضية. وبالأخذ بالمعطيات وطبيعة المشاكل التي سادت المنطقة أو تلك التي ورثها من مماحكات الجامعة بعدما يسمى «الربيع العربي»، من الإنصاف القول بأنه كان رباناً أميناً لسفينة الجامعة العربية. 

.. الوقت، وفي هذه المرحلة الدقيقة، لصالح أبوالغيط ولصالح مصر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"