عادي

انتهاك طفولة

01:54 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

كتب: أمير السني
تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
طلب (ع.ر) البالغ من العمر 9 سنوات من والده أن يشتري له جهاز ألعاب إلكترونية لقضاء إجازته السنوية في المنزل، بعد أن أغلقت بلدان العالم جميعاً أبوابها، وحظرت السفر إليها منذ بدء جائحة كورونا، ولم يستطع الكثيرون الذهاب لقضاء إجازاتهم، وفي هذه الظروف اضطر (ع.ر) إلى استغلال وجوده في المنزل باللعب الكترونياً مع أصدقائه الذين يشاركونه اللعبة ذاتها، ويدخل معهم في تنافس قوي يستهلك جزءاً كبيراً من طاقته ووقته فقد ظل يجلس بالساعات أمام الشاشة من دون أن يهتم بنصائح والدته التي دائماً تدعوه لأن يريح جسده وعيونه.
كان (ع.ر) يسهر حتى اَخر الليل، وقبل إشراقة الصبح بسويعات يخلد الى النوم حتى منتصف النهار ويصحو بعدها ليتناول طعامه ويعود إلى اللعب مرة أخرى مع أصدقائه والدردشة معهم، وفي يوم من الأيام دخل في تحدٍ مع أحد أصدقائه وتمكن من التغلب عليه، ووسط الفرحة التي غمرته بسبب الفوز، وجد طلب إضافة من شخص غريب يريد اللعب معه، ومع نشوة الانتصار وشعوره بإمكان الفوز على أي شخص يشارك في تلك اللعبة وافق (ع.ر) على الفور على انضمام الشخص لكي يلعب معه من دون أن يدرك من هو ذلك الشخص، وتفاعل معه خلال اللعبة لكن الشخص الغريب تمكن من التغلب على (ع.ر)، ما جعله يصر على أن يلعب معه مرة أخرى لكي يفوز.
هنا تعرف (ع.ر) إلى الشخص الغريب وهو شاب خليجي الجنسية يكبره بعشر سنوات، وبالرغم من اختلاف عمري الشخصين استمر في اللعب معه، وفي كل مرة كان يغلبه، وأخبره بأنه سيعلمه كيف ينتصر في تلك اللعبة، وشعر (ع.ر) بأن ذلك الشاب سيكون صديقاً مفيداً له بعد أن اطمأن له وصار يتواصل معه يومياً ويحكي له عن حياته، وماذا يفعل منذ أن يصحو في الصباح كما يحكي له عن أصدقائه في اللعبة وزملائه في المدرسة، وفي كل مرة يتقرب الشاب الخليجي إلى (ع.ر) أكثر فأكثر.
وفي يوم طلب الشاب الخليجي من (ع.ر) أن يراه عبر الكاميرا لكنه تردد وأخبره بأن والده دائماً يحذره من فتح الكاميرا، ويسمح له باللعب مع أصدقائه بالصوت فقط، وأن شقيقه الذي يكبره يشاركه الغرفة ويمكن أن يخبر والده في حال فتح (الكاميرا)، وهنا لم يلح عليه الشاب الخليجي في بداية الأمر، وترك له أن يفعل ذلك متى ما وجد الوقت مناسباً، وواصل معه اللعب وفي كل مرة يغلبه كعادته، وأحياناً يتركان اللعب ويتحدثان سوياً لساعات، ومع طول المدة بات (ع.ر) يتقرب من الشاب الخليجي أكثر فأكثر.
وفي يوم وهما يلعبان الى وقت متأخر من الليل، طلب الشاب الخليجي من (ع.ر) مرة ثانية أن يفتح الكاميرا إذا كان الوقت مناسباً، لكن (ع.ر) خاف من الاستجابة لطلبه إلا أن الشاب الخليجي استطاع إقناعه بفتح الكاميرا ففتحها وتحدث معه لفترة ثم أغلق الكاميرا بعد أن شعر بأن شقيقه يقترب من الغرفة، وفي يوم الحادثة طلب والد (ع.ر) من شقيقه الذي يشاركه الغرفة أن يذهب برفقة والدته وشقيقاته إلى السوق، بينما جلس (ع.ر) وحيداً في الغرفة يلعب مع الشاب وأخبره بأن الوقت مناسب ويمكن أن يفتح الكاميرا، وبدأ الشاب يطلب منه طلبات خادشة للحياء، الا أن (ع.ر) رفض طلب الشاب الذي هدده بأنه قام نسخ صورته وفي حال رفضه سينشر الصورة، وعندما خاف (ع.ر) ذهب إلى والده وأخبره بما حدث، وهنا حاول الوالد أن يتواصل مع الشاب الخليجي إلا أنه اختفى وأغلق الاتصال، وعلى الفور ذهب والد (ع.ر) إلى مركز الشرطة وفتح بلاغاً جنائياً، وبعد التحري مع (ع.ر) ومن خلال تتبع الاتصال تمكنت الشرطة من القبض على الشاب وتم تقديمه الى المحكمة التي عاقبته بالسجن لمدة 6 أشهر وغرامة قدرها 10 آلاف درهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"