عادي

«غابة الجحيم» تفصل المهاجرين العالقين في كولومبيا عن وجهتهم

20:22 مساء
قراءة 3 دقائق
1

كولومبيا - أ ف ب
تقطعت السبل بمئات المهاجرين الفارين من كوبا وهاييتي وحتى من إفريقيا والهند، باتجاه أمريكا الشمالية، عند شاطئ كولومبي بسبب فيروس «كورونا»، في انتظار المخاطرة بعبور غابة «دارين» للوصول إلى بنما.
وغادر لازارو فونديتشيلي وزوجته دايامي وعشرات الكوبيين الآخرين، الجمعة، بعد أن وصلوا لأول مرة إلى قرية كابورغانا عن طريق البحر، وهي أشبه بقطعة من الجنة في هذه المنطقة الفقيرة في أقصى غرب البلاد.
وتتراءى أمامهم غابة دارين الكثيفة الممتدة على مسافة 266 كم بين كولومبيا وبنما، وقال لازارو (45 عاماً) في تصريح صحفي: «إذا كانت هذه بداية الأسوأ، فلا أجرؤ حتى على تخيّل الباقي».
وسمع المهاجرون المتحدرون من خلفيات متنوعة عن هذا الجحيم؛ إذ سيمضون نحو خمسة إلى ستة أيام مشياً في غابة استوائية كثيفة ورطبة، وإذا حالفهم الحظ، فسينجحون بعد ذلك في عبور أمريكا الوسطى، من بلد إلى آخر، حتى الوصول إلى المكسيك أو الولايات المتحدة أو كندا.
ويتهامس سكان هذا الجزء من «شوكو»، وهي منطقة قوّضها النزاع المسلح وتهريب المخدرات، عن «الذئاب» التي تنتظر المهاجرين «لنقلهم إلى الجانب الآخر» مقابل مبلغ يراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف دولار.

حدود مغلقة بسبب «كورونا»

سعى لازارو للفرار من كوبا ثلاث مرات عن طريق عبور مضيق فلوريدا، لكنه فشل. سافر بعدها إلى غويانا ثم البرازيل وبيرو والإكوادور بالحافلة، حتى وصل إلى كولومبيا.
توقفت رحلته في نيكوكلي، وهي منطقة يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة، وتقع قرب الحدود التي أغلقت منذ ما يقرب من عام بسبب الوباء.
ظلّ عالقاً هناك مع كوبيين آخرين والعديد من الهاييتيين، إضافة إلى أفارقة من الكاميرون وغينيا والسنغال وبوركينا فاسو ودول أخرى، وحتى أشخاص من الهند.
وبما أن تدفق المهاجرين لا يتوقف، فقد انتهى الأمر بتجمع قرابة 700 مهاجر يسكنون خياماً على رصيف مهجور في ميناء نيكوكلي منذ عدة أسابيع، وبعضهم منذ فترات تصل إلى أربعة أشهر.
لم يتمكنوا من الانتقال إلى كابورغانا؛ إذ إن شركة النقل الوحيدة التي توفر هذه الرحلة الممتدة لساعة ونصف الساعة تبيع تذاكر للسياح فقط.
ويقول إريك كاديت الذي ستلد زوجته طفلهما الأول في غضون ثلاثة أشهر: «لا نريد البقاء هنا. سنتجه جميعاً شمالاً»، وبعد عدة سنوات في البرازيل، يريد الزوجان المتحدران من هاييتي، الاستقرار في الولايات المتحدة.
ومثل رفاق المحنة، فضَّلا الانتظار على المخاطرة بأنفسهم في خليج «أورابا» الخطِر على متن قارب غير قانوني، مثل القارب الذي غرق في 4 يناير/كانون الثاني، مما أدى إلى وفاة سبعة مهاجرين.
وقبل تفشي وباء «كوفيد-19»، كانت السلطات البنمية تعترض ما بين ألف وخمسمئة وألفي مهاجر غير شرعيين كل شهر، في غابة دارين.
وبسبب إغلاق كولومبيا وبنما حدودهما البرية قبل عام تقريباً لمنع انتشار فيروس «كورونا»، صار العدد يتراوح بين مئة وأربعمئة فقط، وفق الأرقام الرسمية.

ظروف قاسية في مخيّم

يؤكد لازارو أن سكان نيكوكلي «ساعدونا كثيراً وأطعمونا»، وقد أعطوه حتى أريكة قديمة، ما أدخل بعض الراحة إلى مخيمهم المؤقت على الشاطئ.
ورغم أنهم لم يعانوا من الجوع، إلا أنهم عانوا من نقص المراحيض ونقص المياه النظيفة.
وأعادت بنما فتح حدودها البرية في 30 يناير/كانون الثاني، وبعد ذلك بثلاثة أيام، أعلنت شركة الشحن والسلطات المحلية أن بإمكانهم بين الخميس والجمعة شراء تذاكر تنقل إلى كابورغانا بسعر 65 دولاراً، أي ثلاثة أضعاف السعر المعتاد.
وتجمع مئات المهاجرين عند شباك البيع الوحيد، حاملين في أيديهم حزماً من الدولارات وجوازات السفر.
أحدهم جيست كاليسثين الذي لم يستطع تحمل المزيد من الفقر وانعدام الأمن في هاييتي، برفقة حوالي ثلاثين من مواطنيه، بينهم أطفال ونساء حوامل، جميعهم مصممون على عبور دارين.
ولا يخفي الرجل فارع الطول والبالغ 33 عاماً خوفه، ويقول: «أخبرني صديق عَبَر (من هناك)، أن الأمر صعب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"