مقاربة أمريكية سورية

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

على الرغم من انتهاج الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن سياسات تكاد تكون مغايرة جذرياً للسياسات التي انتهجتها إدارة دونالد ترامب السابقة في تعاملها مع معظم القضايا الدولية، بدأت تساؤلات عديدة تطرح حول موقف الإدارة الجديدة من الملف السوري وما إذا كانت هناك مقاربة أمريكية جديدة لحل الأزمة المستعصية في سوريا منذ سنوات.

  لا يزال الغموض يظلل مواقف إدارة بايدن إزاء الملف السوري، الذي بالتأكيد لا يشكل أولوية بالنسبة لهذه الإدارة الوليدة، بوجود قضايا أكثر أهمية وإلحاحاً من نوع جائحة كورونا ومعالجة الاقتصاد والوحدة الداخلية الأمريكية، لكن ذلك لا يعني عدم وجود اهتمام أو اقتراح مقاربات جديدة بشأن الملف السوري.

   حتى الآن، لم تشهد الساحة السورية أية تغييرات جدية باستثناء تحركات أمريكية لاستقدام المزيد من التعزيزات العسكرية إلى شمال شرقي البلاد، وإقامة قواعد عسكرية جديدة، كما تشير بعض التقارير، وهي سياسية ممتدة منذ عهد ترامب، وهناك عودة متزامنة ولافتة لأنشطة تنظيم “داعش” في عمق الصحراء السورية العراقية مع اقتراب استحقاقين مهمين: انتخابات برلمانية في العراق ورئاسية في سوريا، ومن الواضح أن هذه العودة تستهدف في جانب منها عرقلة الاستحقاقين. وفي ما عدا ذلك، تستمر التفاهمات الروسية التركية في فرض نفسها على ضبط الأوضاع عموما، سواء في إدلب شمال غربي سوريا أو في مناطق شرقي الفرات.

  لكن، وسط هذا المشهد الذي يغلب عليه طابع الركود، ظهرت أصوات في واشنطن حتى قبل تشكيل بايدن “فريقه السوري” تطالب بوضع مقاربة جديدة في التعامل مع هذا الملف، انطلاقاً من أن سياسية العقوبات والضغوط القصوى للإدارة السابقة لم تنجح في دفع دمشق لتقديم أية تنازلات، وأن العقوبات بحد ذاتها باتت عبئاً على الشعب وليس على الدولة السورية، وبالتالي فقد تجمعت لدى فريق بايدن، حتى في المرحلة الانتقالية، دراسات وأوراق بحثية علنية وسرية تتضمن مقترحات لتغيير المقاربة، وتعتمد سياسة “الخطوة - خطوة” في عملية تفاوضية مع دمشق. 

وهناك من اقترح، مثل السفير الأمريكي الأسبق في سوريا روبرت فورد، التعاون مع روسيا وسوريا في الملف السوري، معتبراً أن السياسة الأمريكية “فشلت” في تحقيق أهدافها المعلنة. كذلك انتقد السفير الأسبق والمسؤول في “مركز كارتر” جيفري فيلتمان، وهو المعروف بعدائه الشديد لدمشق، فكرة أن سياسة ممارسة الضغط وحدها كفيلة بإحداث تغيير في سلوك الحكومة السورية، وبالمقابل جرت تحركات من بعض حلفاء واشنطن ومعارضين سوريين باتجاه فريق بايدن للإبقاء على سياسة “الضغط الأقصى” على دمشق، بما في ذلك الإبقاء على “قانون قيصر” وسط دعوات للكونجرس بفرض عقوبات جديدة لزيادة الضغط على الحكومة السورية.

 ما يعني أن واشنطن لديها خياران بحسب الأفكار الجديدة، إما الاستمرار في المقاربة الحالية التي لم تنجح في تحقيق أهدافها، حتى الآن، و إما اعتماد دبلوماسية أخرى عبر محاورة دمشق في إطار خطوات محددة وملموسة يمكن التحقق منها، تعيد صياغة العلاقات بين واشنطن ودمشق على أسس جديدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"