التضامن العربي.. توازنات ذكية

00:41 صباحا
قراءة 3 دقائق

مهرة سعيد المهيري

التعاون العربي ضرورة ملحة، وهو المدخل الأساسي لتحقيق التطلعات العربية في وجود مستقبل أفضل للأمة، فنحن نعيش اليوم في عالم تسوده التكتلات والتجمعات الإقليمية، ولا مكان فيه لغير الأقوياء. 

وعلى الشعوب العربية أن تدرك أهمية أن تبادر إلى إصلاح نفسها بالكيفية التي تضمن لها تحقيق مصالحها، وتحافظ على هويتها العربية الوطنية والقومية والثقافية. ما من شك، فإن منظومة العمل العربي بحاجة إلى التطوير لكي تواكب جميع المتغيرات الدولية، وتكون قادرة على تجسيد التطلعات المنشودة في التضامن والتكامل والوحدة. ونتطلع بأن يتطور التعاون العربي المشترك من أجل مجابهة كل التحديات التي تواجه أمتنا سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العسكرية أو الأمنية غيرها، ونحن في الوطن العربي بلدان غنية وثرية بثقافتنا وحضارتنا، ولا يجب أن نكون أقل شأناً من الآخرين. 

  إذا تطور العمل العربي الذي هو همّ لنا جميعاً، فإنه يمكن الحد من هذه التحديات ومجابهتها، والحد من هذا التدهور المستفز لمشاعر الأمة العربية والإسلامية. ولابد أن نستفيد من جميع التجارب القائمة في التكتلات الإقليمية والدولية بما يعزز قدرة الأمة على مواجهة التحديات ويترجم تطلعات الشعوب العربية في صنع مستقبل عربي أفضل. على الشعوب أن تدرك وتستشعر المسؤوليات وواجبها في دعم كل الجهود الهادفة إلى تعزيز التضامن وتحقيق المزيد من التكامل والتنسيق والوحدة بين الأقطار العربية كافة.

    نحن اليوم وبجهود القادة العرب نقف أمام رحاب مستقبل أفضل بالوحدة والتضامن والتكامل على مختلف الصعد، فذلك هو ما سيحقق للأمة وجودها ويعزز اقتدارها على مجابهة التحديات وحماية أمنها ومصالحها. واستشعاراً من القادة العرب بمسؤولياتهم وخطورة ما آلت إليه الأوضاع العربية، وما تشهده من تفاقم مستمر يؤثر سلباً في مصالح أبناء الأمة، وإيماناً منهم بضرورة لمّ الشمل وتوحيد الرؤية لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة العربية،عليهم المبادرة إلى تحقيق إنجاز التوحد اعتماداً على وعي الشعوب العربية وتحقيقاً لمصالحها.

  لكن كيف يمكن تحقيق هذا الوعي؟ إن الوقت الراهن يتطلب من الجميع العمل على تفويت جميع المخططات المعادية الهادفة إلى تعميق الخلاف وإثارة الفتن بين أبناء الأمة، إذ حان الوقت كي يدرك الجميع في وطننا العربي والإسلامي بأن مستقبل الأمة مرهون بالتضامن والوحدة بين أقطارها، فذلك هو السبيل لمواجهة التحديات كافة. نحن أمام مستقبل أفضل، كلفنا الكثير من الخسائر لنصل إلى هذه النتائج المبشرة بآفاق مستقبلية مثمرة، ولقد حان الوقت كي يدرك الجميع في الوطن العربي والإسلامي مدى الحاجة إلى العمل بروح مسؤولة وحريصة على أن يكون لأمتنا وجود فاعل وسط عالم لا يعترف إلا بالأقوياء.  ويتحتم على الأقطار العربية الشقيقة أن تكون في مستوى التحديات، وذلك من خلال استعادة التضامن العربي، وإعلاء المصالح العامة للشعوب العربية فوق أي اعتبار آخر.   

   شعوب العرب تعبر عن الارتياح لما تم التوصل إليه من قبل جهود قادتنا في الوطن العربي وتحقيق التقارب بين الأشقاء على أساس طيّ صفحة الماضي المؤلمة والانطلاق بالعلاقات العربية نحو آفاق جديدة من التضامن والتكامل والوحدة، وإيجاد آلية فعالة تتكفل بحماية السلام العادل والدائم في المنطقة، فهو السبيل الصحيح الذي يمكن من خلاله لأمتنا الخروج من واقع الشتات وإتاحة الفرصة لتجاوز قضايا الحاضر والمستقبل بروح أخوية تستلهم تحقيق المصالح العليا وتعزيز اقتدار الأمة على مجابهة التحديات. العمل العربي المشترك يجب أن لا ينحصر في الشأن السياسي والأمني.

   فإذا كنا قد تعلمنا شيئاً من أزمة وباء كورونا، فهو أن المخاطر الصحية أمن قومي أيضاً. ومن دون التنسيق المشترك يمكن أن تتمدد هذه المخاطر وتصيب المنطقة ككل. التنسيق المبكر أساس وضرورة. الأمن الاقتصادي لا يقل أهمية. منطقتنا تشهد نمواً سكانياً يستنزف مواردها، لكنه نمو سكاني بتباينات جغرافية. هذا يجعل من ضرورات العمل العربي المشترك حاضرة في التخطيط الاستراتيجي للمنطقة مثلما نخطط للمناورات العسكرية والمواقف السياسية والتنسيق الأمني ضد الإرهاب. نحتاج إلى أن نأخذ كل هذا بنظر الاعتبار لأن المنطقة في غنى عن اختلالات اقتصادية بسبب تباينات النمو. ثم الأهم كيف ننظر إلى العمل العربي المشترك في إطار إقليمي وعالمي. دول جوار تتربص بنا، والعالم لديه مصالحه وأولوياته. نحتاج إلى القوة الذاتية مثلما نحتاج إلى التنسيق مع الدول الصديقة. التضامن العربي هو توازنات ذكية بين معطيات كثيرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"