رهان الكوكب الأحمر

01:32 صباحا
قراءة دقيقتين

الأحلام العظيمة التي راودت آباء الاتحاد وقادته الكبار في عام 1976 تحوّلت إلى واقع يتابعه العالم بشغف وأمل، وقد كانت رحلة «مسبار الأمل» التي نحن بصددها قد بدأت فكرة جريئة من خلال خلوة وزارية استثنائية دعا إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عام 2013، ضمن أفكار احتفالية الوطن استعداداً لليوبيل الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة في 2021، وتتابعت الخطوات العملية بعد ذلك بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، ليدخل هذا الوطن قطاع تكنولوجيا الفضاء مسلحاً برأس المال البشري المتخصص والموارد اللازمة لاستثمار طويل الأمد سيخدم أجيالاً متعاقبة حتى يشاء الله.
إن رحلة «مسبار الأمل» ستغير وجه الرقعة العربية إلى الأبد بوصول «مسبار الأمل» مدار المريخ، من خلال سعيها لتحقيق أحد أهم الأهداف العلمية في تاريخ البشرية، والمتمثل في الاستفادة من ثروة من البيانات والحقائق، التي لم يسبق أن توفرت خلال الرحلات السابقة، مثل صورة شاملة عن الظروف الجوية والتغيرات المناخية على الكوكب الأحمر، بالإضافة إلى مراقبة الطقس على مدار اليوم وبين فصول السنة المريخية، مما سيضع هذه المعرفة المتخصصة والدقيقة والضخمة تحت تصرف أكثر من 200 مؤسسة علمية وبحثية حول العالم.
لقد راهن قادة وطننا الكرام على الإنسان الذي بيده تحول الحلم إلى واقع ملموس، فكانت نتيجة استثمار العقود السابقة في التعليم والتطوير أن تشكلت فرق من مهندسين وباحثين وعلماء وتقنيين أنجزوا مهمة صعبة تضمنت تصنيع المسبار وبناءه وتطويره وإجراء الاختبارات اللازمة لأجهزته وأنظمته الفرعية مع شركاء نقل المعرفة العالميين، وهي المهمة التي شكلت تحدياً كبيراً وحافزاً في ذات الوقت لجيل من العلماء والفنيين الشباب الذين اختصروا زمن العمل إلى ست سنوات، بدلاً من 12 سنة، وكل ذلك هو جزء من عملية أكبر تتمثل في بناء اقتصاد مبني على المعرفة التي لم نكن يوماً نحلم بامتلاكها عوضاً عن تطويعها لإنجاز برنامج مستدام لاستكشاف الفضاء الخارجي تدعمه شراكات مع جهات دولية مختصة في هذا القطاع.
أما اللحظة الحاسمة، فقد جاءت في ذروة تفشي وباء «كوفيد-19» في العالم، لتسجل الإمارات درساً في الصمود والإخلاص للمشروع الوطني، حابسة أنفاس العالم الذي انتظر لحظة لن تتكرر في تاريخ المهام الفضائية حين تردد العد التنازلي باللغة العربية، وهي رمزية استثنائية تعبر عن إرث علمي تمت إعادة اكتشافه وتقديمه خدمة للأرض، ولكن هذه المرة من أبعد نقطة كونية، من الكوكب الأحمر وبقيادة العرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"